متيم انا
المحتويات
مصرة على رأيي ومش هتكلم بأي حرف تاني غير لما يجي المحامي بتاعي.
زي ما تحبي.
قالها أمين ببساطة وهو ينهض عن مقعده ينادي على رجل الأمن
مدبولي تعالى خد البت ووديها الحجز.
ادخلي يا بت.
هتف بها الرجل وهو يدفعها پعنف لتلج بداخل الغرفة الممتلئة بالسجينات توقفت بجوار الباب تلقي بنظرها على زمرة النساء التي كانت تفتحصها بتمعن كعادة متبعة مع كل وارد جديد خصوصا إن كانت امرأة بهيئتها الأنيقة وملابسها النظيفة.
عقبت بها إحداهن وقد كانت متكئة على وسادتها القطنية بابتسامة اظهرت سنة مکسورة في الأمام.
طالعتها ميرنا بقرف قبل ان تتجه بأنظارها نحو الأخرى والتي أتت تقترب منها بسېجارة تدخن بها
شكلنا كدة هنتسلى ولا إيه
زمجرت پعنف تنهرها قائلة
تتسلي مع مين يا بت لا إصحي ياما دا احنا على قديمه ميغركيش اللبس النضيف دا أكل عيش يا عنيا.
حاولي يا بت تقربي عشان اشوهك واخليكي تتحصري على اعز ما ليكي.
على الفور تراجعت المرأة من ټهديدها لتعود إلى الأخرى والتي ظلت على ابتسامتها الغريبة تناظرها ببرود وحدجتها هي بتحدي فهي الأعلم بالتعامل مع هذه الأصناف بخبرة اكتسبتها منذ صغرها.
إيه ده معقول ميرنا
ترجلت من سيارتها لتعدو بخطوات مسرعة نحوه وقد كان ينتظرها في أحد المواقع الخالية والتي تم الانتهاء منها وتسليمها إليه اعتدل في وقفته ليتلقفها من وسط المسافة
صباح الخير يا حسن قلقتني.
بابتسامة مشرقة استقبلها مرحبا
صباح الفل يا روح حسن ليه القلق بس
ردت وصدرها ينهج بلهاث لم يهدأ حتى الان
ازاي يعني مقلقش وانت بتقولي لازم وحالا تيجيني عشان نتكلم على انفراد وفي يوم زي ده وانت عارف بالبلاوي اللي ورايا.
بس متقوليش بلاوي.
قالها مناكفا وهو يسحبها من يدها ويسير بها مستطردا
توقف بها اسفل مظلة شمسية ليجلسها على احد المقاعد وهو انضم على الاخر مقابلها سألته بقلق
الموضوع ده بخصوص الخطوبة
نفى برأسه يجيبها
لا طبعا مالوش دعوة بس هو في حاجة تخصها.
سألته بفضول يكاد أن يفتك بها
إيه بقى هي الحاجة دي اللي تخص الخطوبة
عادت للسؤال مرة أخرى لتخرجه من شروده
حسن انت ساكت ليه قد كدة الموضوع صعب
اقترب منها ليتناول كفها يخاطبها بهدوء وقد حسم أمره
شهد من البداية كدة انا كنت عايز أسألك انتي واثقة فيا
قطبت تناظره بدهشة تبادله السؤال بسؤال
ليه بتسأل يا حسن انت وقعت قلبي على فكرة.
سلامة قلبك.
تفوه بها يلثم اعلى كفها بقبلة رقيقة مستطردا
يا حبيبتي انا بسألك عشان بس اتشجع وافتح قلبي معاكي اطمني بقى ومتقلقيش.
ناظرته بحيرة لبعض اللحظات قبل ان تجيبه بصدق
وانا لو عندي ذرة شك واحدة فيك كنت قبلت بيك وبخطوبتك انا واثقة فيك يا حسن ومش بس ثقة لا دا اضمنك بعمري كله كمان.
كلمات قليلة لكن أتت عليه بفعل السحر ارتخت اعصابه ليرد بابتسامة متسعة وقد غمر قلبه الراحه نحوها
مدام طمنتي قلبي كدة يبقى هتفهمي اللي هقوله وهتريحيني!
....
في ذاك المطعم القريب من منزلهم وذلك في البلدة التي يسيطر عائلتها على معظم المنشات التجارية الهامة بها كان جالسا حول طاولة وحده ينتظرها بعدما ضافت
به كل سبل التفاهم مع جدها المصر على رأيه في الاحتفاظ بحضانة الأطفال پغضب شديد كان يرتشف قهوته وقد أهلكه كثرة المفاوضات والتعنت في فرض الشروط القاسېة حتى على حق الرؤية يساعدهم امتياز المسافة الكبيرة بين الدولتين.
ارتفعت عينيه نحو المدخل يطالع هيئتها الجديدة وهي تخطو بثقة أمامه ترتدي فستان من اللون الأزرق انساب على جسدها الرشيق حتى بدت كعارضات الأزياء والشعر الحريري المصفف بعناية على زينة وجهه الرقيقة لتبدوا في غاية الجمال.
ابتسم ساخرا بزواية فمه يتذكر أن هذا الإنبهار بمظهرها قد كان سببا رئيسيا لموافقته لوالدته في الإرتباط بها قبل ان يرهقه صقيع العيش معها في زواج استمر لعدد من السنوات أثمر في إنجاب طفلين وهي على حالها لم تتغير بل وساهم برودها في اتساع الهوة بينهم حتى صار كبعد البلدين.
مساء الخير .
قالتها فور أن توقفت أمام الطاولة نهض عن مقعده أتباعا لقواعد الإتيكيت التي يحفظها عن ظهر قلب ليستقبلها بابتسامة مصطنعة في رد التحية ومصافحتها قبل ان يدعوها لتجلس مقابله ثم بدأ في الأسئلة الروتينية المحفوظة
عاملة إيه يا ميسون وعاملين ايه الولاد
ردت بلغتها التركية رافعة ذقنها للإمام
أنا بخير يا عدي كما تراني الان.
كز على أسنانه يحجم الانفعال من البداية معها فدمدم بتحذير
كلميني عربي يا ميسون مش عشان ما انتي في بلدك دلوقتي هتنسي اللغة اللي اتعودتي عليها بقالك سنين
ظهر الحنق على قسماتها لتردف پقهر مكتوم
وماله لما اكلمك بلغة بلدي او حتى امشيك على قواعدها ما انا بقالي سنين معاك في بلدك وبتكلم بلغتك وبتبع كل اوامر والدتك حتى وانت هاجرني بالشهور مرمية زي الكرسي اللي قاعدة عليه دلوقتي.
اشاح بوجهه عنها يزفر انفاس متسارعة كي يهدأ من عواصفه يمنع نفسه عن التلفظ برد قاسې وكي يمتص ڠضبها قليلا فهذه البداية غير مبشرة على الأطلاق.
بعد لحظات قليلة استعاد توازنه ليقول بلهجة هادئة نوعا ما
ميسون انا اتصلت بيكي وطلبت أننا نتقابل عشان نلاقي حل وسط مش عشان نتخانق
على نفس الوتيرة التي لم تهدأ داخلها ردت بتحفز
وماله لما نتخانق هتصدق لو قولتلك اني ياما اتمنتها دي ما هو معنى اننا نتخانق يا عدي يبقى في فرصة للصلح والتفاهم بعدها.
عادت بجذعها للخلف على مقعدها تتابع
لكن انت مش عايز كدة صح عايز الحياة ما بينا تبقى مستمرة على حالها في الجمود لحد اما ازهق انا واقول حقي برقبتي زي ما حصل فعلا.
قلب عينيه بسأم وافتر فاهه يهم بالتحدث ولكنها اوقفته بقولها
انت ليه محبنتيش يا عدي
فاجئته بالسؤال حتى لاح على ملامحه الاضطراب ولكنها واصلت في البوح بما يجيش بصدرها
شايفني وحشة ولا باردة طب لو وحشة او مش عجباك ليه اتجوزتني أو لو باردة مسألتش نفسك انا ليه كدة
تلقف سؤالها الاخير وكأنه وجد الثغرة ليبادل سؤالها بسؤال
حلو أوي قوليلي بقى يا ست ميسون ليه انتي كدة
امتدت رأسها نحوه واضعة عينيها بخاصتيه تجيبه بقوة
عشان انت اللي وصلتني لكدة انا عارفة اني كنت الاختيار الأمثل لوالدتك وانت وافقت تنفيذا لرغبتها لكن انا وافقت بيك عشان كنت بحبك أيوة كنت بحبك.
على قدر اللحظات القليلة اللي قابلتك فيها وانت عازب في الحفلات اللي جمعت بين العيلتين دا ما منعش اني أحبك.
اجفل لهذا الإعتراف المباغت وللمرة الثانية تربكه بصراحتها الغريبة عن طبعها المتحفظ
متابعة القراءة