لمن القرار

موقع أيام نيوز

تستشعر ذلك الحنان الذي تغمرها به

 اه يابنتي متقلقيش عليا... روح نامي وارتاحي عشان شغلك بكره 

ضمت فتون الهاتف بين كفيها تتسأل داخلها ماذا يفعل حسن الآن دونها 

وضعت الهاتف فوق اذنها بعدما ضغطت على زر الاتصال به تنتظر رده حتى انقطع الرنين 

تقلب السيدة ألفت فوق الفراش جعلها تخشي يقظتها وتحذيرها ان لديهم يوم حافل من الأعمال غدا فالجد عظيم يعد وليمة ضخمة كل عام لاقاربه وأهل قريته التي ولد ونشأ فيها

وضعت هاتفها كما كان تحت وسادتها وعادت تتمدد فوق الفراش تستجدي النوم تخبر نفسها ان الغد يوم شاق وعليها نيل قسط من النوم يريح بدنها لتستعد له

.......................... 

وقفت السيدة إحسان قرب الباب تحمل دورق الماء الفارغ وتسترقي السمع لتلك الهمسات الخافته.. اقتربت اكثر من الباب تحاول ان تستبين مصدر الصوت فلم تكن تلك الهمسات الا صوت ضحكات كممها صاحبها 

اتسعت حدقتيها وصوت انثوي يجتذب مسمعها.. لترفع رأسها قليلا نحو الثقب الموجود بالباب تستبين هوية صاحب الصوت وقد حدث ما كانت حداستها تخبرها به حسن يدلف للشقه يلتف حوله بعدما تقدمت أمامه إحدى النساء 

ابتعدت عن الباب تلطم صدرها پصدمه 

 ياعيني عليكي يابنتي.. راميكي تخدمي عند الناس وهو مقضيها هنا وعلي سريرك 

.......................

لم تعبئ بتحذيرات السيدة ألفت الصارمة بل فور ان لمحته واقف بجوار السيارة ينظفها...ركضت نحوه خفية تحمل له طبق مملوء بالطعام قد دسته له عندما علمت بمجيئه اليوم برفقة رب عمله ورغم ما يفعله بها وتذيقه على يديه الا انها ترعرت علي نص واحد في الحياة

 ان تعيش ترتضى الخنوع 

 حسن 

تجمدت يده فوق قطعة القماش المكوره التي يمسح بها زجاج السيارة 

 جبتلك اكل... خبيته ليك انت اكيد جعان 

التف نحوها يلتفت حولها هنا وهناك يزجرها 

 انتي ايه اللي مطلعك من المطبخ.. 

دفعها من أمامه بحركة لما تتنبئها فكادت ان تسقطها أرضا

 هاتي الاكل وامشي روحي شوفي شغلك 

وقفت بملامح شاحبة أمامه فلم يكن هذا هو اللقاء الذي رسمته بمخيلتها ولكن معه كل يوم كانت تودع أحلامها الصغيرة

 ايه هتفضلي واقفه كده كتير.. امشي 

سارت من أمامه وقد ثقلت أنفاسها ترفرف أهدابها مانعة نفسها من ذرف الدموع 

.................... 

عيناه كانت عالقة بالمشهد الذي اجتذبه من شرفته.. لم تتبين له ملامح الفتاه التي كانت تقف قبالة سائقه ولكن عيناه التقطت تفاصيل المشهد بدقة وكأنه يحفره بذاكرته 

اسند مرفقيه فوق سطح الشرفة وعقله شارد في ذكريات بعيدة 

إرتكزت عيناه نحو السيارة التي تعبر البوابة

الحديدية الضخمة 

توقفت سيارة رسلان ينظر خلفه متجاهلا من تجاوره وقد انشغلت اخيرا عنه بمكالمتها مع خالته فقد سأم من حديثها عن كل ما يخص الموضة والفن 

 اتمنى ياميادة تلتزمي بوعدك ومتتهوريش وتركبي خيل... اخر مره كسرتي رجل الفرس 

 انت قلبك اسود يارسلان.. انت لسا فاكر

واردفت تنظر إلى من تجاورها 

 شايفه ياملك بيفتكرلي بس الذكريات الوحشه 

ارتسمت ابتسامة خجولة فوق شفتي ملك تغلق الكتاب الذي كانت غارقة في قراءته 

التمعت عيني رسلان وهو ينظر إليها 

 ياريت تكونوا زي ملك عاقلين 

صدح صوت مها وهي تلتف نحوهم بعدما فرغت من مكالمتها 

 مش هننزل بقى.. انا متحمسه جدا لركوب الخيل... رسلان انت هتعلمني مش كده 

رمقت ميادة تعلق مها كالعلقة في ذراع شقيقها... وكما اعتادوا منذ أن كانوا صغار مها لابد أن تجذب الانظار نحوها وخالتها لا تبث داخلها سوي انها النجمه دوما 

استقبلهم سليم بترحيب ومعه جده الذي كان يشتاق لهم وسعيد بوجودهم اليوم في حفله البسيط الذي يضم الأحبه 

رفع السيد عظيم عكازه الانبوسي محذرا لهم 

 اعملوا حسابكم هتباتوا الليلادي ومش عايز اسمع اعترض.. وانتي ياملك بليل هنلعب شطرنج سوا ولا اقولك تعالي نلعب دلوقتي دور قبل ما الضيوف يجوا

تعالت همهمتهم يصفرون من اهتمام السيد عظيم ب ملك 

توردت ملامح ملك وهي تستمع لتعليق سليم

 لا ده شكل السيد عظيم مش شايف غير ملك 

 كده ياجدو عظيم بقى ملك بس اللي عايزها تلعب معاك 

هتفت مياده بعتاب مصطنع..فرمقها الجد بعتاب 

 ملك الوحيده اللي بتسأل عليا وبتيجي تزورني.. أما انتي ومها خساره فيكم الشكولاته واللعب اللي كنت بجبها ليكم وانتوا صغيرين 

ودفع الجد عصاه نحوهم 

 انا راجل كبير ومش حمل الواقفه ديه.. يلا تعالوا ورايا 

طالعوا ظهره يضحكون على أفعال الجد التي لا تتغير 

لقرابة العائلتين بالنسب والأعمال كان الرابط بينهم دوما قويا محمل بالذكريات

......................

بحثت عن سعادتها في مكالمة هاتف خاصة مع أهلها وحدهم وهل غير الأهل ينبع منهم الحنان ويسند شوكة المرء 

بحثت عن مكان معزول بعيدا عن الأعين... وانتظرت سماع صوت والدها ليرفرف قلبها بسعاده وهي تستمع لأصواتهم جميعا والكل يسارع في محادثتها وأخواتهم الصغار لا يطلبون منها سوي ان تعود إليهم فقد اشتاقوا إليها 

انحدرت دمعتها سرعان ما ازالتها شكت لها والدتها اعباء الحياة وان الأرض التي يفلحها والدها يريدها صاحبها... فوالدها ليس إلا أجير يسترزق من فلاحته في الأرض وبيع المحصول 

ابتلعت غصتها حزن تتسأل داخلها متى الفقر والحظ العسر معهم سيتركهم ويعطي لأخواتها حياة ينعموا حتى لو بالقليل منها 

استغفرت ربها تتذكر كلمات والدها بأن الحمد والرضى قوة وسبيل المؤمن 

 بتعملي ايه هنا 

انتفضت فزعة تشهق پخوف تلتف نحو صاحب الصوت 

قطب ما بين حاجبيه يتسأل 

 انتي الخدامه اللي جابها حسن

هزت رأسها پخوف فأردف وهو ينفض كفوفه من الاتربة العالقة بهم 

 اسمك ايه 

 فتون يابيه

ارتفع حاجبه الأيسر يركز في لهجتها التي لا تخص أهل المدينة يعيد الاسم على مسمعه 

 فتون... امممم اسم جميل 

طالعته بعينيها الواسعتين بحركة خاطفة لتسبل اهدابها هاربه من نظراته التي ترمقها بتقيم

 فتون 

صوت الخادمه الأخرى تناديها بأن تأتي خلفها للمطبخ جعلها تنفض هالة الهلع التي دبت بأوصالها... 

أندفعت من أمامه تلحق الأخرى. التوت شفتيه متعجبا من ذلك المزيج الغريب الذي رأه اليوم

عاد نحو ادراجه ينحني بجسده يلتقط بندقيتي الصيد مغلق باب المستودع مرة أخرى 

.................

طالعت ميادة الأجواء حولها تعبئ رئتيها بنقاء الطبيعه..

تعلقت عيناها نحو ملك التي وقفت على بعد خطوات منها تنظر لهاتفها 

ابتعدت قليلا تضع الهاتف فوق اذنها تجيب على اتصال والدتها 

 ملك اسمعيني كويس... خدي مياده بعيد عن اختك ورسلان اديهم فرصه يبقوا مع بعض.. سمعاني ياملك 

ابتلعت ملك غصتها فكيف السبيل لحب حكم عليه ألا يكون لها رفاهية في عيشه حتى بأحلامها 

 حببتي اقفى في ضهر اختك... انتي عارفه ميادة ومها مش بيتفقوا مع بعض... يلا ياحببتي سلام 

الټفت بجسدها تحدق بشقيقتها ورسلان.. فاقت من شرودها وهي تشعر بذراع ميادة تجتذبها بعيدا تنهرها

 انتي غبيه ياملك.. شايفه مها بتعمل ايه عشان تلتف رسلان ليها 

ابتلعت مذاق المرارة وعيناها لا تفارقهما 

 ملك انا بقيت حاسه بنظرات رسلان ليكي ... ده كان مصمم انك

تم نسخ الرابط