لمن القرار

موقع أيام نيوز

برأسها فانصرف على الفور يتبع الممرضة بخطى سريعة نحو الداخل 

 يلا يا ملك عشان نروح.. أنت سمعتي رسلان قال إيه

 بس بابا .. انا هفضل معاه هنا 

 رسلان قال بخير ووجودنا مش هيعمل حاجة

تقدمت ناهد أمامها بعدما ألقت بعبارتها فاتبعتها في صمت وقلبها أخذ يخفق پعنف والمشهد الذي لا يصدقه عقلها مازالت ترفض أن يقتحم واقعها.. هو كابوس وستفيق منه.. هكذا طمأنت حالها وهي تدلف خلف ناهد الشقة 

توقفت ناهد في منتصف الردهة تنظر إليها وقد عادت تلك البرودة تحتل عيناها 

 الصبح مشوفكيش هنا.. تلمي هدومك وتشوفيلك مكان تاني تروحيه 

هي في كابوس تعلم هذا.. ستفيق بالتأكيد منه.. ستلطم خدها حتى تفيق 

لم تعد تشعر بشيء حولها إلا تلك الدموع التي حړقت خديها 

تنظر نحو ناهد التي دلفت غرفتها ثم عادت إليها بالمال تلقيه عليها 

 أنا أديت مهمتي معاكي وراعيتك زي بنتي .. لو كنت سيبتك في ملجأ كان زمان حياتك غير كده... 

 ماما أنت بتقولي إية 

صړخت بها ناهد وقد أصبحت الكلمة ثقيلة على مسمعها 

 أنا مش أمك.. مش أمك سامعه مش أمك ولا عبدالله أبوك

الفصل الثالث والعشرون

_ بقلم سهام صادق

الناس حولها يتحركون في عجالة من أمرهم.. الكل يقف ينتظر قطاره وعند وصوله يسرعون في صعوده.. الكل يعرف محطته القادمة مهموم أو يملؤه الشوق لأهله يعرف أين وجهته.

منذ أن جلست على مقعدها وهي تحدق في وجوه الناس وكأنها تبحث عن شىء مجهول.. ارتجف جسدها وصوت ناهد يعود ليقتحم أذنيها فترفع يديها نحوهما

 أنت مش بنتي.. أنت بنت من الشارع..

انحدرت دموعها مجددا على خديها وسرعان ما ازالتهم بعدما توقف البعض يطالعونها بغرابة

عاد جسدها يرتعش فرفعت ذراعيها نحوه تمنحه بعض الدفء.. وها هو الوقت يمضي بها وسؤال واحد يتردد داخلها

 هل أصبحت بلا أهل مجهولة الهوية الآن 

والإجابة التي اعطتها ناهد إليها لم ترحمها

 فتاة من الشارع.. فتاة مجهولة النسب

تعلقت عيناها بالقطار تقف على عقبيها فقد حانت رحلة الرحيل 

......... 

ابتسم الجد عظيم وهو يرتشف الشاي بعدما رمقها بنظرة سريعة قبل أن يتغزل بكأس الشاي خاصته.. طالعه سليم بعينيه مبتسما وهو يرتشف من فنجان قهوته ببطء فتتعلق عيناه ب فتون التي اتسعت ابتسامتها فور أن مدحها جده بلطف 

 مرجعتش أتمزج بكوباية الشاي غير لما جيتي يا فتون 

ورمق حفيده الذي ترك أخيرا جهازه اللوحي وأخذ يطالعهم 

 أول مرة تعمل في جدك معروف 

تجلجلت ضحكات سليم فقد أصبحت متطلبات الحياة لدي جده والتي تعطيه السعادة بسيطة للغاية.. كالأمس عندما جاء إليه بحلوى المشبك التي يشتهيها 

تعلقت عينينها ب رب عملها وكيف أخذ يمازح جده 

 اومال لو فتون عملتلك صنية البسبوسة بالقشطة هتعمل إية.. ديه ديدا ذات نفسها مقدرتش تقاوم أكلها.. وكل ما تكلمني تفضل تمدح في أكلها وقد إيه انا محظوظ 

 أنا زعلان من خديجة.. إزاي لما نزلت أخر مرة مجتش تشوفني.. وكمان مش عيب يا ولد تقول على عمتك ديدا من غير ألقاب 

اتسعت عينين فتون ذهولا عندما تذكرت تلك السيدة الحسناء غير مصدقة إنها عمة السيد سليم .. عادت عيناه تتعلق بها يتأمل ملامحها وهيئتها الجميلة الهادئة 

 بذمتك يا فتون ديدا ينفع يتقال ليها عمتي.. أنت تصدقي إن واحد زي ديدا عمتي

واردف بعدما عاد يطالع جده ويلاطفه وقد اتسعت ابتسامة الجد وانشرح فؤاده 

 شوف حتى فتون أهي مذهولة.. أقول عليكي يا خديجة ديما الناس بتتصدم لما تعرف إنك عمتي

 خديجة ديه الحسنة الحلوة اللي عملها رأفت جدك.. يلا ربنا يسامحه 

انقلبت ملامح الجد عندما تذكره.. فالصديق الذي كان يأتمنه على كل شىء كان يسعى لتدميره وأخذ شركته طمعا 

 مالك يا عظيم باشا بس.. إيه اللي غير ملامحك

حدق السيد عظيم ب فتون الواقفة فانسحبت من بينهم بعدما شعرت بالحرج.. انتقلت عينين الجد نحو حفيده يزفر أنفاسه بزفرات متتالية 

 محدش خلاني اسامح العيلة ديه غيرك وغير خديجة يا حبيبي 

تجمدت عينين سليم.. فجده لم ينسى الماضي يوما 

 الصديق

يطعنك ويحقد عليك وانت فاكره بئر أسرارك.. يكون عايز يدخلني السچن عشان ياخد شركتي مني وجدتك. 

جده كلما تذكر ما أظهره له الزمن عن ذلك الصديق لا يكف عن رثاء حاله وسرد تفاصيل صډمته في عائلة والده وهو يسمع ويسمع ولو عرف جده إنه ذاق الكثير من تلك العائلة وابنته الغالية التي مازال يظن إنها كانت ونعمة الأبنة 

نهض عن مقعده منسحبا نحو فرسته الغالية التي فور ان لمحته رفعت قدميها مهللة بسعادة 

تعلقت عينين فتون به من شرفة المطبخ بعدما سمعت صهيل سكرة تنظر إليه وهو يصعد على ظهر فرسته.. التمعت عيناها وأخذتها الأحلام إلى طريق لا عودة فيه 

 فتون أنت لسا مخلصتيش تنضيف الأوض فوق.. الجد عظيم هنا مبيحبش الإهمال 

والحقيقة عادت ټصفعها تذكرها إنها خادمة.. وليست تلك الأميرة التي تخيلتها منذ لحظات يمد لها يده فيضعها أمامه على ظهر فرسته ويضمها لصدره تنعم بدفىء أنفاسه 

........ 

لم تجد لها قطارا ينقلها لأنها لم تكن تعرف إلى أين ستكون رحلتها 

عادت بأدراجها نحو المقعد الذي كانت جالسة عليه وقد جعلها الواقع تفيق أخيرا

 أمشي من هنا .. روحلك اي بلد بعيدة.. محدش يعرفك فيها ولا يعرفنا.. مش عايزه أشوفك تاني.. كفاية لحد كده.. كفاية 

وضعت بيدها على شفتيها تكتم صوت شهقاتها العالية ..رنين هاتفها كان لا يتوقف.. وكلما نظرت لرقم المتصل لم تجد إلا هو أو ميادة ولكن تلك المرة لم تكن إلا السيدة وردة مديرة الجمعية التي هي احدي عضواتها 

أسرعت في الإجابة عليها ولا تعرف السبب ولكن كان هناك شىء يدفعها بأن تجيب 

 ملك السيدة فاطمة كلمتني من ساعه.. بتسأل أمتي هنبعت المرافقة لأبنها 

والطريق بدايته كانت هنا.. وهنا كانت محطة الهروب

.........

ضجرت ناهد من تلك النظرات التي يرمقها بها عبدالله ولكن مازاد ضجرها عندما دفع يديها عنه 

 بجد أنا خلاص زهقت وتعبت

 فين ملك مجتش معاكي ليه 

اشاحت عينيها بعيدا عنه تبحث عن أي شىء حولها.. اعتدل في رقدته بصعوبة يضع بيده على قلبه ويلتقط أنفاسه بعدما شعر بوجود شىء تخفيه عنه 

 فين ملك.. ملك بنتي فين 

وعند تلك النقطة اڼفجرت فيه ناهد صاړخة غير عابئة بمكان وجودها 

 طردتها.. ارتحت.. قولتلها الحقيقة اللي مش عايزه تصدقها 

تسارعت أنفاسه وقد جحظت عيناه على وسعهما يردد دون شعور 

 طردتيها.. طردتي بنت يا ناهد.. رمتيها في الشارع

وعاد صړاخ ناهد يعلو مرة أخرى مما جعل الممرضة التي كادت أن تدلف الغرفة تتراجع عن الدلوف 

 بنت.. بنت.. أنت شكلك نسيت الحقيقة ولا إية.. ملك مش بنتنا.. مها بس هي اللي بنتك وبنت

 ملك بنت.. بنت يا ناهد.. 

والكلمة كانت الصدمة الكبرى لها ولغرورها اللعېن.. تجمدت عيناها كحال ملامحها وجسدها.. اقتربت منه تخرج

تم نسخ الرابط