لمن القرار
في الرحيل
اشاح عيناه عنها وعما تفعله بالحديقة بجانب العم جميل الذي عاد أخيرا من البلدة
الجو كان دافئا وجميلا اليوم فمنذ وقت طويل لم يجلس هكذا مسترخيا مع فنجان قهوته إنها عطلة الزواج التي أخذها حتى لا يثير الشكوك حول زيجته التي على ما يبدو ستثمر بالهدوء في حياته وستزيد من قهر طليقته التي منذ الصباح تبعث له رسائل عديدة من أرقام مختلفة كلما حظر رقم لها
تلك الخائڼة التي ركضت بعد طلاقهم لاحضان رجل أخر رأته صيدا جديدا لها وبمنتهى الوقاحة تخبره أن فعلتها بسبب هجره لها وكأنها لم تكن أمرأة مستغله تركض وراء الرجال الأثرياء بل ونالت منه المال لتخرج من حياته بعدما أثارت ضجة قبل طلاقهم
عادت عيناه تتعلق بها بعدما أستمع لصوت صياحها السعيد
ملك
تعالا صوتها في سعادة تلوح بيديها غير مصدقة أن ملك أتت إليها اليوم دون أن تهتم بما حدث أمس ورحيلها غاضبة
إستدار جسار بجسده نحو الجهة التي ركضت إليها لتتعلق عيناه ب ملك
داعبت ابتسامة خفيفة شفتيه وهو يراها تضع بعض الهدايا التي جلبتها لها ثم فردت لها ذراعيها
كنت فاكرة إنك هتمشي من غير ما تشوفيني أوعي تنسيني تاني يا ملك أنت عيلتي الوحيدة
ضمتها إليها ملك بقوة تقاوم شعور الذنب الذي اخترقها.. فهي وحدها من كان عليها مساعدة بسمة كما ساعدتها حينا أتت الحارة غريبة و وحيدة
أنا عارفة إني جيت ليك متأخر يا بسمة لكن أوعدك هكون جانبك وقت ما تحتاجيني زي
ما كنت جانبي
ارتعشت أهداب بسمه تأثرا إنها كانت بالفعل بحاجة إليها ولولا خۏفها على أن يتسبب لها فتحي بمشاكل لكانت الوحيدة من لجأت إليها
طالت نظرات جسار نحوهما كما طالت وقفتهم سويا.
ابتعدت بسمة عن أحضان ملك التي تأملتها بسعادة وهي ترى هيئتها الجميلة في ثوبها
وكأنها تثبت إليهم اليوم رسالة واضحة إنها بدأت صفحة جديدة مع الحياة وستقتنص كل ما تقدمه لها حياة فقد أنتهى أوان الذل وقلة الحيلة
لم تعلق ملك على شئ بل فضلت تجاهل كل ما حدث ليلة أمس ولم تتسأل عما حدث بينهم بعد رحيلها
ظل جسار مكانه واقفا يحدق بهما إلى أن تحركوا أخيرا من مكانهم
اتجهت ملك صوبه ولكن ما فاجأه أن بسمة اخذت ما جلبته لها ملك نحو الداخل بلهفة
عيناه علقت بها بفضول فما الذي تحتويه تلك العلبة المغلفة
متخافش يا جسار الهدايا مش هيكون فيها حاجات خاصه بالعرايس يعني
تجمدت ملامح جسار فاستدار بجسده نحوها وقد الجمه تعليقها الذي لا يراه إلا سخافة منها
تعرفي إنك بقيتي رخمه
حاولت ملك إخفاء ضحكتها فامتعضت ملامحه
ما أنت متحسسنيش إنك بتبص عليها زي أي راجل بيبص على مراته لما بتبعد عن عينه
بقيتي سخيفه يا ملك
أنا يا جسار
تسألت ببراءة ترفع حاجبها الأيسر منتظرة جوابه ازدادت تقطيبة حاجبيه يشيح عيناه عنها
عموما أنا خلاص مش هفتح سيرة جوازكم من تاني لأن اللي حصل حصل ومسير الغلطه هتتصلح لما بسمه تعرف تحدد طريقها وتكون قوية من غير ما تحس إنها مش أقل من حد
تعلقت عينين جسار بها بعدما تلاشت تقطيبته مستنكرا ما يسمعه منها
أنا نفسي أعرف ليه مصرة تشوفي إن جوازها مني خساره وچحيم ليها ما هي قدامك أهي عايشه متصانه في بيتي لا بمد ايدي عليها زي ما اخوها كان بيعمل ولا بأذيها جوازة هتخرج منها مستفاده ومرتاحة
شعور صعب الراجل ممكن يعرفه ويحسه يا جسار لكن أنت اتحسبت عليها جوازه
انسحبت ملك من أمامه نحو الداخل قبل أن تخبره بمخاوفها الأخرى
فماذا لو خسړت بسمه كل شئ وخرجت من تلك الزيجة بقايا أمرأه عليها أن ترمم حالها
..........
ضاقت عينين جسار بعدما سمح لنفسه أخيرا أن يصب نظراته نحو الهدايا التي أتت بها ملك
اقترب من الكتب يلتقط واحدا وراء الأخر يفحص محتواه بنظرة سريعة رغم أن العناوين أمامه كانت واضحه
جميعها كتب تتحدث عن بناء الذات وتكوين الشخصية.
قطب حاجبيه في دهشة سرعان ما تلاشت وهي يسمع صوت بسمه السعيد خاصة بالحاسوب
ملك قالتلي إني أقدر اتعلم أي حاجة من عليه
إستدار جسار إليها يصوب عيناه صوبها يرى السعادة مرتسمة فوق ملامحها وقد تلاشى الحزن الذي لازمها لأيام
مقولتيش ليا ليه أجيبلك واحد تفتكري كنت هرفض عارفة ده سعره كام عارفه تمنه مين اللي ممكن يكون دفعه
تلاشت سعادتها تسلط عيناها بعيدا عنه وقد فهمت حديثه
عارفه إنه غالي أما مين اللي دفع تمنه فهي ملك من فلوسها مش من فلوس جوزها
وإيه الفرق يا بسمه المفروض مكنتيش قبلتي هل أنا علقت على الكتب لأنها هدية مقبول إننا نهادي بيها حد
طالعته في تساؤل بعدما القت بنظرة سريعة نحو الحاسوب تخشى أن يأخذه منها
تقدري تحتفظي بي لكن تمنه أنا هبعته لملك لأن ببساطة ومهما كان المسمى اللي جوزنا بيندرج تحته ف أنت مراتي وأنا مقبلش حد يهاديكي بهدية أقدر اشتريها ليكي
علقت عيناها به فاقترب منها ببطئ مستغلا شرودها
امتدت يده نحوها ف أجفلتها حركته وسرعان ما تصلب جسدها وهي تطالع يده الممدودة وتلك النظرة التي يرمقها بها
مفهوم يا بسمه
سكن عقلها كما سكنت أطرافها فاخذ قلبها يتلذذ بمعنى ما قاله
لكن قوليلي يا بسمه إيه الحاجة اللي عايزه تتعلميها بيتهيألي إن كان عندك خطه تانيه خطه عن وصفات الطبخ
انتبهت على سؤاله ليفيق عقلها من تخدره على الحقيقة التي يتغافى عنها قلبها كلما رأت فيه صورة الرجل الذي تخيلته وتمنته
ابتعدت عنه تستشعر هذه المرة مرارة ما يقصده تزدرد لعابها
عايزه اتعلم دورات كمبيوتر عايزه اشوف نفسي في حاجة بعيده عن الطبخ ولا إللي زي حدودهم بس المطبخ يا جسار بيه
تجهمت ملامحه فما الذي قاله لتفسر من حديثه إنه يقلل منها
ميادة هتساعدني في أي حاجة احتاجها وهتساعدني كمان اشتغل في شركة زميلها
واقتربت من الفراش تفتح الجهاز تحت نظراته الجامده لتثبت له إنها تستطيع التعامل مع أجهزة الحاسوب وليست جاهلة بأمور التكنولوجيا
شايف يا جسار بيه بعرف اه اتعامل عادي مع التكنولوجيا زي الناس
حدقها جسار بنظرات متجهمه يفهم ما ترمي به إليه لم يرغب بأن يحادثها بأي حديث تفسره كما تهوى فقرر الإنسحاب من غرفتها
اندفعت صوبه بعدما وجدته يغادر ووقفت أمامه ترخي اهدابها تحملق بحذائه اللامع وتحرك لسانها فوق شفتيها
داعبت ابتسامة خفيفة شفتيه ف النساء لا يقفون بهذه الوداعة إلا إذا أرادوا شيئا
ضاقت عيناه منتظر سماع ما ستخبره به مستمتعا بهيئتها وكأنها طالبة بالمدرسة تقف أمام معلمها
أنت قولت إن جوازنا مهما كان المسمى اللي بيندرج تحته فأنا يعني...
توقفت الكلمه على طرفي شفتيها لا تقوى على نطقها فهي أضعف من أن تنطقها وتجعل قلبها يطرب من سماعها
عايزه تاخدي دورات تطورك يا بسمه مش كده
ارتفعت عيناها نحوه فقد خلصها من حرجها فالأمر كان صعب للغاية عليها مهما اقنعت حالها أن ما تطلب منه حقا لها
تحرك نحوها خطوتين بعدما علقت عيناها به بنظرة التمع