لمن القرار

موقع أيام نيوز

ورائحة عطره الجدير في اختيارها مع طي أكمام قميصه.. إنه كابطال الحكايات كما تسمع عنهم.. 

كاد أن يرد على جوابها الذي تنتظره ولكن عيناه توقفت على تلك القماشة التي تلف بها يدها 

 مالها أيدك 

نظرت نحو يدها وسرعان ما وضعتها خلف ظهرها حرجا 

 مافيهاش حاجة يا بيه دية وقعة بسيطة 

 أنت من ساعة ما أشتغلتي هنا يا فتون وكل إجابتك كده.. أيه مافيش غيرك بيقع.. ده أنت أستحوذتي على خبطات البلد 

رغما عنها كانت تبتسم.. همها يبكي من يسمعه ولكنها اعتادت 

 هاتي أيدك وتعالي اطهرهالك.. وأيه القماشة ديه.. ده أنت كده تلوثي الچرح أكتر 

أجلسها فوق الأريكة التي خشيت يوما وهي تنظفها أن تجلس عليها.. حاولت النهوض ولكنه زجرها بعينيه 

 خليكي مكانك فاهمة 

عاد بعد لحظات يحمل صندوقا به بعض الأغراض الطبية.. جلس جوارها فتجمد جسدها وهي تنظر إليه 

 أنا هنضفه لنفسي يا بيه

ولكنه لم يكن يريد سماع المزيد من الإعتراضات ... أزال تلك القماشة من علي كفها ينظر إليها 

 أسكت خالص وسبيني أشوف شغلي

مازحها بخفه.. فلم يكن أمامها إلا ترك يدها له.. لقد رأي حسن چرح يدها عندما عاد ولكنه لم يفكر أن يسألها عما بها وكيف حدث لها هذا.. أخبرته بأنها سقطت بسبب الكلاب ولما تتلقى منه إلا ضحكة صاخبة مستهزءه 

 كلاب وقعتي بسبب الكلاب.. والله الكلاب شاطرة 

 كده تمام.. نضفنا الچرح وعقمنا ولفنا شاش طبي 

طالعت الضمادة الطبية التي لف بها يدها تنظر إليه وقد علقت بعينيها الدموع 

 شكرا يا بيه 

أبتسم بلطافة ينظر نحو يدها الصغيرة 

 أنا المفروض أشكرك يا فتون على رعايتك ليا أمبارح 

بطل حكايتها طيب القلب.. حنون.. لطيف.. بل ويشكرها على ما فعلته معه رب عملها ليس له مثيل.. هناك رجال حقيقين وليس كحسن هكذا كان عقلها يخاطبها.. أتسعت أبتسامتها ولكن سرعان ما اختفت وهي تتذكر ما رأته أمس فانتفضت ناهضة من فوق الأريكة 

 هروح أشوف شغلي يا بيه 

التقطت عيناه نفضتها بأستغراب ولكن سرعان ما تبدلت نظراته للجمود وقد أدرك للتو بخطأه فمهما كان أمتنانه لما فعلته أمس فأنه في النهاية يعطيها المال وسيزود لها راتبها هذا الشهر تقديرا لها 

أفيق يا سليم.. لا تعود للسنوات الماضية كما كنت طيب القلب..

 أعمليلي قهوة وهتيهالي مكتبي.. واعملي حساب فرد تاني على الغدا 

وقفت تطهو الطعام وقد عانت من يدها بشدة ولكنها كانت سعيدة في النهاية عندما نظرت إلى محتوي ما أعدت.. رتبت الأطباق على المائدة.. وتوقفت يدها عن وضع أخر طبق كانت ستضعه وهي تسمع رنين الجرس 

 أنا هفتح يا فتون.. 

بادر هو بالمهمة والضيف لم يكن مجهول عنها إنها السيدة الحسناء التي دلفت بأناقتها المبهرة 

 ريحة الأكل تجنن يا سليم 

 الكلام ده تقوليه لفتون 

أشار نحو خادمته الصغيرة المنهمكة في وضع لمستها الأخيرة

 لا وكمان عامله أكل صحي وحطاه قدامك... لا ده أنت تمسك في فتون بأيدك وأسنانك

هتفت بها الواقفة التي تعلقت عيناها بأطباق الطعام.. ليحدق هو فيها كما حدق بما صنعته لأجله 

 فتون فعلا مافيش زيها 

عادت بأدراجها للمطبخ بعدما أستمعت لمدحه ورأت تلك النظرة في عينيه ولكن كل شئ تلاشى ومشهد تلك المرأة وهي معه في غرفته تزيل عنه قميصه.. أنها كانت تراه بصورة نقية كاملة ولكن الصورة قد تشوهت بعقلها 

جلست على مقعدها في المطبخ تنظر نحو يدها تتسأل داخلها هل ستظل حياتها هكذا مجرد خادمة لا قيمة لها.. فأين هي أحلامها الصغيرة التي رسمتها.. ها هي تقترب من السابعة عشر ولم تجني شيء إلا الألم 

أحدهم كان ينادي أسمها من بعيد لتدرك أنها انغمست في شرودها والسيد سليم يهتف باسمها 

هرولت إليه تخفض عيناها عنهم تنتظر ما سيأمرها به 

 ديدة عايزة تشكرك على الأكل يا فتون 

 تسلم أيدك يا فتون.. الأكل طعمه يجنن حقيقي.. تفوقتي على مدام ألفت 

طالعها يدقق النظر في تفاصيل ملامحها... لقد أصبحت شفافة بالنسبة إليه ويشعر أن هناك شيء بها 

 لسا أيدك بټوجعك 

اهتمامه بها جعل خديجة ترمقهما بعينين ثاقبتين 

 لا يا بيه.. هروح أجيبلكم الحلو 

انصرفت من أمامهم وقبل أن تتحدث خديجة بشئ 

 من غير ما شيطانك يلعب في دماغك يا خديجة أنا عمري ما هكون زي صفوان باشا.. مش هكون رمرام زيه وأبص للخدامة.. بس زي ما أنت شايفة البنت

صغيرة وغلبانه 

 ومين قالك أني شيفاك زي صفوان يا سليم.. كل الحكاية أني مستغرباك ومش مصدقة أن سليم بتاع زمان لسا موجود وبقي يعطف على الناس 

خديجة كانت خير من يفهمه رغم أنه لم يعد يفهم نفسه ولما فتون وحدها من تحرك الجزء الذي كان يكرهه السيد صفوان به والده الغالي أن يتعامل مع الناس برحمة وعاطفة وأدها الزمن

 عمري ما شوفت فيك صفوان ولا صافي يا سليم.. أنت أنضف حاجة عملوها في حياتهم.. ربنا يرحمهم

خديجة عمته لم تكن إلا ضحېة مثله في كنف رجلا كصفوان النجار.. إنها تذكره بشهيرة وعلى ذكرى أسمها كانت خديجة تتذكرها 

 جوازك من شهيرة وصلني.. بس كنت واثقة أنها زيها زي غيرها 

يعلم كره عمته الشديد لعائلة الأسيوطي.. كره يظنه صراع عائلات في وسط عالم المال ولكن الحقيقة كانت مدفونة في بئر عميق.. بئر لا ينهش إلا قلب تلك التي جلست على الأريكة تخرج سېجارة تدسها بين شفتيها وتشعلها بالقداحة تأخذ منها نفسا عميقا 

 برضوه لسا پتدخني.. أنا مش عارف أمتي هتبطلي العادة السيئة ديه 

ضحكت رغما عنها تمازحه 

 لما تبطل أنت كمان جوازك في السر 

والكلمة أخترقت أذني الواقفة على مقربة منهم تحمل الصنية التي تضع عليها أطباق التحلية 

طالعتها خديجة بعدما شعرت بها تنفث دخان سيجارتها 

 لا كفاية أوي عليا النهاردة أكلك يا فتون هيخليني أكثف الحمية الغذائية اليومين دول.. أعمليلي قهوة من فضلك 

ألتقت عيناها بعينين سليم الذي أخبرها أنه يريد قهوته أيضا 

الصدمة كانت مرتسمة علي ملامحها... أنها لا تصدق ما أصبحت تراه وتسمعه.. السيد سليم حقيقته باتت تظهر إليها.. حمقاء أنت يا فتون هل يوجد بطلا كاملا في الحكاية 

أعدت القهوة بذهن شارد وقد أنطفأ ذلك البريق من عينيها

..............

لم تكن تظن إنها يوما سترى تلك النظرة التي رأتها في عينين شقيقها..نظرة خذلان وڠضب لم ينفثه عليها بل تمالك نفسه بعدما رمقها للحظات ثم غادر غرفتها 

 رسلان.. رسلان أرجوك أسمعني 

أتبعته نحو غرفته تنظر إليه بعدما ألقي حقيبة سفره أرضا

 رسلان ڠصب عني.. ڠصب عني 

لم يرد الصړاخ بوجهها ولكن تلك الكلمات التي تخبره به ازادت من غضبه.. فلما الكل يخبره أنه يفعل ذلك دون إرادته.. إنه يكره أن يخذله أحدا يكرة الجبناء يكره صفات الضعفاء ولحظه إنه أحب أضعف النساء وأكثرهم تضحية 

 ماما قالتلي الحقيقة

تم نسخ الرابط