كان لي كاملة بقلم منى أحمد حافظ

موقع أيام نيوز

أمرهما فأقل الكلمات حين تسمعها ولو صدفة تعيدها إلى ذاك اليوم وتذكرها بمواقف كانت تحدث بيهم وعلى الرغم من محاولات أمجد الدأوب لأخراجها من دوامة تفكيرها لازالكت تعذبها الذكرى فما جمعهم لم يكن أبدا بالشيء الهين لم تستطع أمل أنكار مجهود خالها الذي من أجلها فهو ومنذ اليوم التالي لوصولها لم يتوقف عن مفاجأتها بدئا ببرنامجه السياحي المكثف الذي أعده خصيصا من أجلها لقد جال برفقتها كل مكان في مدينة هامبورغ لم يترك معرض إلا وجعلها تجلس بالساعات أمام لوحاته وألتقط لها المئات من الصور بكافة الأماكن السياحية.
وكما أهتم بأمر الرحلات وضعها أمام تحديها الأول فأخذها إلى أحد المراكز العلمية وحثها على تعلم اللغة الألمانية بأتقان فاصطدمت بصعوبة الواقع الجديد الذي فرض نفسه على حياتها بسبب عدم قدرتها على تبادل الأحاديث كما يجب عليها أن تفعل وتنمر البعض عليها كادت تعود إلى نقطة الصفر من جديد لولا متابعة أمجد لها وحرصة على تذليل أي عقبة تقف أمامها وحثها على المثابرة وفعها للأستمرار زاد من ثقتها بأنها تستطيع النجاح بتلك الخطوة فأثبتت للجميع بأنها جديرة بأن تكون على نفس القدر من الأحترافية مثلهم ولكن وقفت عقبة وحيدة أمام أمجد لم يستطع تجاوزها مع أمل حين أتي أمجد على ذكر حالتها الصحية تهرب منه وحين حاصرها رفضت بصرامة الذهاب للمشفى لتخضع للفحص ليقف رفضها حجر عثر في صفو معظم أحاديثها مع خالها.
ووسط أنغمسها بتلك الحياة الجديدة كانت أمل تحاول تجنب حازم على قدر المستطاع فبدت علاقتها معه تتخذ منحنى غريب يسوده حالة من الشد والجذب فحازم دوما ما ينجح بإخراجها عن هدوئها فتثور پغضب وتندفع لتندهش من تغيرها فهي في كل تعاملاتها السابقة كانت تلتزم
بحدود المقبول والمرفوض لم تعتد أبدا حدودها في الحوار مع أيا كان ولكن ما أثار مخاوفها أكثر هو تعامله معها في بعض الأحيان لطف ليشعرها بأنه الشقيق الذي لطالما تمنت وجوده ليصدمها عدم تقبلها لتلك الصفة التي حاول أن يلون علاقته معها بها.
وقبيل نهاية الشهر الثاني لوجودها بهامبروغ كانت أمل قد أخذت قرارها بمتابعة دراستها ولكنها لم تشأ أن تكملها بكلية الهندسة دونت ما تريد بهاتفها وأرسلت رسالتها إلى خالها الذي جلس يترقب ما تكتبه وما أن أستقبل رسالتها وبدأ بقرأتها حتى عقد حاجبيه فحدق بوجه أمل پصدمة وعاد ليردد كلماتها بصوت هامس
.. خالو أنا مش عايزة أكمل فكلية الهندسة فلو ينفع إني أقدم ورقي فكلية التربية يبقى كدا تمام.
أبعد عينيه عن هاتفه وأشار إلى رسالتها لتعلن ملامحه رفضه التام لما تريد أن تفعله وعقب قائلا
.. يعني إيه عايزة تسيبي هندسة وتروحي تربية بقى بذمتك في حد عاقل يسيب هندسة وينقل تربية يا بنتي أنت ناوية على جناني ولا أنت بتعاندي فنفسك وخلاص.
زفرت أمل بعجز إزاء رفض خالها لطلبها فكتب له 
.. أرجوك حاول تفهمني يا خالو انا مش حابة اكمل فهندسة الكلية دى مبقتش حساها ولا حاسة إني هلاقي نفسي فيها وبعدين انا حاليا عايزة دراسة خفيفة اخلصها بسرعة وتبقي شهادة وخلاص.
ودت لو تصرخ بما يدور بداخلها من صراع وتخبره بأنها کرهت دراستها للهندسة لإنها تذكرها بما تريد نسيانه فكتبت بيأس متوسلة إياه 
.. ارجوك يا خالو بلاش تضغط عليا ووافقني على اللي أنا عيزاه.
هز أمجد رأسه بيأس فهو يرفض تشبثها برأيها ويريدها أن تعيد التفكير بأمر دراستها ولكنه بنفس الوقت لا يريد أن يزيد الضغط عليها فقال
.. خلاص يا أمل طالما أنت شايفة كدا أنا مش هقدر أجبرك على حاجة أنت رفضاها وعموما دا مستقبلك وأنت حرة فيه أنت خلاص معدتيش طفلة هنقرر لك حياتك تمشي إزاي ولو كنت بجادل معاكي فدا بس علشان انا صعبان عليا التفوق اللي أنت فيه دا غير إن كان هيبقى لك مجال شغل كويس هنا بس مافيش بايدى حاجة غير ان انفذ لك طلبك عموما اللي هيقدر يساعدك فالموضوع دا هو حازم أصله عنده اصدقاء كتير يتمنوا يخدموه فمتغليش تفكيرك بحاجة أنا هكلمه و هقوله هيتصرف .
ودت لم تم الأمر دون الأستعانة بحازم فهي لا تريد أن تتعامل معه فكتبت 
.. هو يعني مافيش طريق تاني للتقديم إلا بمساعدة حازم يا خالو حضرتك عارف إنه كل ما يشوفني يعمل تصرفات يضايقني بيها واخر مرة حضرتك كنت معانا لمجرد ان كنت بكلم ضحى فضل يديني محاضرة عن احترام المجلس واللي قعدين وعيب ابقى قاعدة مع ناس وانشغل بحاجة تانية بصراحة أنا بحسه بيتعمد يحرجني بدون سبب وأنا لحد دلوقتي مش عارفة انا عملت له ايه .
رمقها أمجد بنظرات متعجبه لينفجر ضاحكا بسخرية أمام تصنعها السذاجة والطيبة وتنصلها من محاولاتها العديدة لأستفزاز حازم المستمرة ليتوقف عن الضحك ويقول
.. بصراحة أقنعتيني أنك طيبة وبريئة يا أمل وإنك مش بتعملي فيه أي حاجة خالص يعني لا زودتي له السكر فقهوته ولا حطيتي له شطة وفلفل حامي فالاكل اللي بياكله يا مفترية دا الواد عنده القولون وأنت هتجيبله السكر والضغط بيعمايلك فيه والله أنا من كتر ما بشوف اللي بتعملوه فبعض من مقالب شكيت إنكم مولودين فوق روس بعض.
ابتسمت أمل وشردت في كلمات أمجد لتحادث نفسها وتقول
.. دا خالو معاه حق صحيح ايه اللي انا بعمله فيه وليه بتصرف بتلقائية كدا لما بشوفه كأني اعرفه من زمان.
هزت رأسها تنهر حالها عن التفكير فيه لټعنف نفسها قائلة 
.. اعرفه ايه وافكر فيه ايه فوقي يا أمل متنسيش أنت هربتي من حياتك كلها علشان خاطر مين وبعدين أنت مش حرة نفسك ولسه لحد دلوقتي مكتوب كتابك يعني مينفعش أبدا إنك تتساهلي وتدخلي حد فحياتك حتي ولو بأعتباره صديق لا طبعا مينفعش بصي أنت لازم تبقي أمل تانية اديكي شايفة الحياة هنا مش سهلة وعلشان توصلي لازم تتعبي ولا أنت مش عايزة تحققي لنفسك مكانة غير اللي كنتي فيها فمصر بصي
أنت لازم بطلي تمشي ورا السراب علشان كلهم واحد فالاخر إن كان اللي علمك إزاي تعيشي الحياة ووثقتي فيه خلاكي كنتي عوزة ټموتي اومال دا اللي يا دوب لسه عرفاه هتثقي فيه ازاى صحيح خالو وأحمد بيشكروا فيه ومنكرش إنه غريب بدرجة قريبة بس لأ لأ يا أمل أنت لازم تفوقي لنفسك وتقفلي حياتك كويس عليكي أنت وبس وتخلي الطرف التاني براها .
لاحظ أمجد شرودها وتبدل ملامحها فهزها بلطف ليعيد إنتباهها إليه وسألها
.. ايه يا أمل أنت روحتي لفين معقول تكوني سرحتي فاللي فمصر أنا عارف أنهم أكيد وحشوكي وخصوصا الجو اللي يادوب كتب الكتاب وأتحرم منك.
توقف أمجد عن حديثه بتعمد فأمل لم تأت على ذكر خالد ولو لمرة منذ أستقرت معه ولم تتبادل مع الرسالة كما فعلت مع شقيقتها ووالديها فسألها متعمدا وبجدية
.. إلا صحيح يا أمل أنا لاحظت إنك متصلتيش بخالد ولا أتكلمتي معاه زي ما بتكلمي ضحى وبتراسلي ثريا ومحمد هي إيه الحكاية هو أنت زعلانة منه فحاجة ومش عايزة
تم نسخ الرابط