كان لي كاملة بقلم منى أحمد حافظ
المحتويات
واستسلام وقفت أمل سريعا وعينيها تبحث عن شيئا ما تكتب فوقه فوجدت هاتفه إلى جواره ألتقطته دون أن تسأله وفتحت الرسائل وقبل أن تكتب ما تريد قوله فوقع بصرها على رسائل إيمان التي تتبادلها معه أخذت عينيها تلتهم رسائل الغرام بينهما وكلماتها الجريئة إليه بل ورسائل سخريتها منها هي لجهلها بعلاقتهما السرية أشتدت ملامحها تجهما كلما فتحت رسالة تلو الآخرى لتترك هاتفه يسقط أرضا من يدها بعدما زاد اشمئزازها وسقمها منه.
.. ما أنت لازم تسمعيني يا أمل قبل ما تسافري وإلا صدقيني هرجع فكلامي تاني وهمشي من هنا على الجوزات وألغي كل حاجة.
دفعته من أمامها فهي ما عاد يهمها شيء حتى وإن منعها من السفر لن تقبل أبدا أن يمتلكها رجل أناني مثله خائڼ لكل شيء علمها إياه وزرعه بداخلها.
وأتي يوم الرحيل..كان صباح مليء بالحزن والألم ودموع الفراق فقد فوجئت بمجىء ضحى إلى المطار لتوديعها وعلي ملامحها الأسى لفراق شقيقتها وابتعادها عنها.
والدها إلى المشفى ويلغي سفرها فأشاحت ببصرها عنه وهي تغمض عينيها لا تريد أن تراه خاصة بعدما أعلمها قبل عودته إلى القاهرة بأنه عقد قرانه على إيمان ورفض طلب طلاقها منه بل الأسوأ هو تهديده لها مرة آخرى بتأكيد ظنون والدها باتت أسيرة تهديده بسبب خطأها الذي أقترفته معه لتدرك بأنها تحصد نتيجة ذنب يوم استسلمت لضعف مشاعرها وكادت تسلمه نفسها ارتجفت بحزن فذلك الذنب سيظل يطاردها وعليها التكفير عنه بصمتها وأرتضائها البقاء على ذمته رغم خيانته أخرجها من دوامة تلك الأفكار التي حاصرتها وأثقلت أنفاسها صوت إحدى المضيفات حين توقفت إلى جوارها مبتسمة الوجه تسألها
استدارات أمل إليها فاكملت المضيفة
.. انا سهى مضيفة رحلة الطيران اللي هبقى مسئولة عنك طول الرحلة إحنا جايلنا تعليمات وتوصية شخصية من الدكتور أمجد من المانيا إن حضرتك هتبقي ضيفة معانا علي الرحلة وحقيقي أنا سعيدة جدا إن الحظ خدمني إن أنا اللي أكون مسئولة عنك ودلوقتي لو تسمحي تيجي معايا علشان نخلص باقي الأجراءات.
على فكرة دكتور أمجد من أحب الشخصيات في المانيا وحقيقي الكل بيسعى إنه يقدم له أي خدمة لإنه إنسان خدوم جدا وساعد ناس كتير تقدري تقولي إن له أفضال كمان على بعض أفراد الحكومة هناك علشان كدا أول ما وصل لنا أخبارية إن بنت أخته هتسافر فرحلة استشفاء الكل أتنافس علشان يرد له ولو جزء من جمايله معانا يعني أنا شخصيا الدكتور ساعدني من سنة ودفع مصاريف عملية ولدتي بالكامل من حسابه الشخصي فأكيد لما أعرف إنك فالرحلة معانا هبقى أكتر من سعيدة إني أقدم لك كل اللي أقدر عليه عموما أنا مش هرهقك بأي حاجة وهاخد الأوراق وشنطك للتفتشيش بنفسي وهرجعلك وكل ما عليكي هو إنك تقعدي فالقاعة هنا عشر دقايق لحد ما أرجعلك تاني.
أنهت سهى كل شيء وساعدت أمل على الجلوس بمقعدها داخل الطائرة وما أن اطمئنت عليها حتى سارعت لتكمل عملها زفرت أمل بحزن فتلك اللحظات حاسمة بحياتها فصراعها الأن يثقل عليها بدوامة تعتصرها فهي لا تعلم إن كان قرار هروبها حلا مناسبا أم كان عليها البقاء ومواجهة الجميع أغمضت عينيها واخذت تتنفس بعمق لتنهر عقلها لتفكيرها به ولكن دموعها أبت أن تنصاع لامرها وهي تتسأل مرة أخرى
.. ياترى هقدري تنسي يا أمل كل اللي عرفتيه هتقدري تنسي تهديده ليكي بعد ما كشف عن وشه الحقيقي أدامك ويا ترى هتعرفي تتأقلمي فبلد متعرفيش فيها إلا خالك وابن خالك وبس أنت مكنش المفروض تهربي كان لازم تواجهي وتقفي فوشه وتعرفي الكل حقيقتهم أنت صاحبة الحق مش هما بس أنا مكنتش هقدر أتحمل أبص فعين بابا لو خالد فعلا حكى له على اللي حصل بينا وبابا نفسه عمره ما هيسامحني إني خنت ثقته فيا بالشكل دا يعني إيه يا أمل يعني هتفضلي مراته زي ما قالك هتقبلي بالحياة دي وهترضي تفضلي ضعيفة كدا إيه يا أمل معق..
قطع تفكير أمل صوت رخيم يقول
.. دا مكانى لو سمحتى يا انسة يا أنسة حضرتك سمعاني بقلك بعد اذنك دا مكاني.
رفعت أمل عينيها لأعلى لترى من يحدثها ليقع بصرها على شاب في مقتبل العمر لم تفهم حديثه فى بادىء الامر لشرودها ولكنها حين فهمت انتفضت وحاولت البحث عن بطاقة المقعد فهي لم تخطيء في رقمه نجحت اخيرا في اخراج البطاقة من حقيبتها وكأنها فقدت السمع ايضا وادركت انه يتحدث دون توقف لتشعر بانفاسها تضيق وفي لحظة توجهت سهى اليهما بسرعة لتستوضح الامر فشاهدت حالة أمل فاستأذنت منه ليفسح لها الطريق وقالت
.. انتى بخير اهدى خدى نفس بهدوء ايوة كدا ثانية واحدة هجيب لك جهاز التنفس واجي.
وقف حازم يتابع ما يحدث و يسخر فى نفسه
.. يا سلام بنت مين في مصر دى اللي الكل رهن اشارتها دي حتى معبرتنيش ولا نطقت بكلمة.
توجه بحديثه لسهى وقال لها قبل أن تغادر
.. على فكرة المكان اللي الانسة قاعدة فيه دا مكانى.
نظرت سهى إليه بحيرة وأجابته
.. بس أنا اللي مقعدة الأنسة فمكانها ومظنش إني غلطت فالرقم عموما أديني التذكرة وأنا هتأكد ولو في أي خطأ هنصلحه متقلقش حضرتك.
ابرز التذكرة أمامها واشار إلى الرقم وقال
.. أهي التذكرة ممكن حضرتك تتأكدي من رقمها هو 909.
حدقت سهى بما دون فيها وأبتسمت بلطف وقالت مصححة
.. بعتذر منك بس الرقم اللي فتذكرة حضرتك 606 مش 909 عموما بتحصل معانا كتير لما ضيوفنا يقلبوا البطاقة.
ابتعدت سهى لتسرع وتعود ومعها
جهاز الاوكسجين فتمتم حازم بحرج
.. يا غبائك يا حازم مش عارف تقرأ كمان عجبك يعني الاحراج اللي انت فيه.
اتجه حازم بصمت ليجلس بمقعده وتابع من مكانه سهى وهي تبتسم لتلك الفتاة بعدما وضعت لها قناع الاوكسجين بعناية واغمضت عينيها فاخرج حازم إحدى كتبه ليشغل نفسه بالقراءة ولكنه لم يعلم لما ترحل نظراته لتراقب تلك الفتاة كل حين وآخر يتسأل ما بها ولما
متابعة القراءة