في مكتبة الجامعة

موقع أيام نيوز


أضفى الرداء الطويل الكحلي من قماش القطيفة نعومة في طلتها .... ولابد أن تعترف أن لهفتها يشوبها لهفة لرؤياه ...رغم أيضا بعض القوة التي لا تريد أن تراه ....فسيبدو الأمر بعدما حدث کاړثة ! کاړثة ليس بمعناها المعروف... کاړثة مشاعر !! ربما هذا نوع من الكوارث يدحض أخطر القرارات .... أن نحب كثيرا ....ونضحي أكثر ...ونبتعد ونفارق لإبعاد الخطړ عن قلوبهم ....وتأتي تلك الکاړثة الحسية وتخبرنا أننا نريد البقاء ويحدث ما يحدث ... ويتنحى الكبرياء لبعض الوقت .... شيء شديد الخطۏرة بالأخص في هذا الوقت .... التي تبعده لتسعده .... أو لتقنع نفسها بذلك ..... مرت السيارة الأجرة بالطريق ووصلت أمام المشفى في سرعة لم تشعر بها ليلى ..... همست ليلى لأبنتها التي صمتت طيلة الطريق فقط لأنها تعتقد أنها عائدة لبطل حكايات قبل النوم ..... لأبيها التي قررت ببراءة أنه أصبح أبيها ! وقالت للصغيرة _ أوعي تعملي أي صوت .....وإلا هيزعقولي أنا ...ماشي يا حبيبتي اومأت الصغيرة برأسها في موافقة عاجلة .....للأسراع فقط والدخول .....وقفت السيارة الأجرة بقرب المشفى ....نظرت ليلى من النافذة الزجاجية لتتعجب !! ليس هناك حراسة على باب المشفى ! أين هم إذن ! مصادفة أم غير ذلك ! تذكرت ليلى أن الحرس قد أرسلهم وجيه لقسم العناية .....سبب مقنع لأختفائهم ....رغم أن عدم وجود باقي الحرس أمر مثير للشك .....ولكن سيسهل الامر عليها بهذه الطريقة للدخول .... خرجت من السيارة الأجرة وتوجهت إلى المشفى وهي تحمل طفلتها ...... دق قلبها پخوف وشعور قوي أن هناك مؤامرة بالأمر ....ولم تعرف لما لم تبحث على الأقل عن وسيلة أخرى للدخول .... كأنها تريد أن يقبض عليها وتقنع نفسها أنها ما كانت تريد ذلك ! خطواتها كانت بين البطء والسرعة وهي تمضي من باب الدخول بيسر ....كأن الظروف تمهد لها ذلك ....ولا تدرك فعليا أن الأمر مرتب له من قبل ..... مضت من أمام مكتب الاستعلامات وهي تخفي وجهها في كتف أبنتها .....ووقفت أمام باب المصعد ....تنتظر أن يحتويها قبل أن يرها أحد ..... أي کاړثة وضعت نفسها بها ....للتو ادركت الأمر ....رغبتها متضاربة بين اللهفة والخۏف والابتعاد ..... لسان الافتقاد هو من ارغمها على هذا العبث والمجيء بهذا الشكل ....علها تره ...عله يجدها في تيهتها ...رغما عنها .... وقف المصعد وتنفست الصعداء عندما خرج منه بعض الغرباء .....دخلت وهي تتعجب من نفسها !! ماذا تريد ! ما هذا الجنون ! تريده بشدة أن يجدها ....وتريد پجنون الهرب منه ! ...أي عبث هذا ! بين اللحظة والأخرى الف شعور ولهفة وهجر يتقلب بخاطرها .....! صعد المصعد بها وهي لا زالت تحمل ابنتها ....وعامل المصعد يواليها ظهره بانتظار الطابق المقصود .... حتى وقف المصعد وتابعت سيرها ...على سير من الجمر والخۏف وهي تترقب ظهوره بين اللحظة والأخرى .....لتقابلها زميلتها بثينة وهي تباشر عملها بتنظيف الممر ..... دهشت بثينة من رؤيتها تسير هكذا وهي من هربت بالأمس !! تركت ما بيدها واسرعت إليها في تحذير وقلق _ كنت اتصلي بيا وطنت نزلت جبتك من باب تاني ....أنت مش خاېفة وأنت ماشية كده عادي !! قالت ليلى بعجالة _ نبقى نتكلم بعدين يا بثينة ....خليني بس أشوف أبويا الأول واطمن عليه ..... نظرت بثينة حولها بترقب ثم قالت _ طب هاتي بنتك هخليها معايا ....البسي لبس ممرضات وكمامة وادخلي شوفيه ...محدش هيعرفك بالكمامة .... أنا حضرت اللبس في أوضة المنظفات ...ادخلي بسرعة ومتتأخريش ..... الحرس عندهم راحة بعد دقايق ...قدامك عشر دقايق بالضبط أكتر من كده معرفكيش ..... اودعت ليلى صغيرتها مع بثينة وتوجهت لغرفة المنظفات سريعا ....وبسرعة خارقة كانت ارتدت رداء الممرضات وارتدت الكمامة الطبية التي حجبت ملامحها عن التعريف ..... ثم خرجت من الغرفة وهي تنظر حولها ولاحظت أن بثينة اختفت من الممر أيضا ..... سارت ليلى بترقب وخوف وهي تنظر حولها ....كان الطريق لغرف العناية هادئ وخال من المرور ...... مضت بساقيها التي ترتجف من الخۏف وتحملها بالكاد .....كانت تبتلع ريقها بصعوبة كلما مرت خطوة ..! حتى وقفت اقتربت من غرفة العناية التي بها والدها ....وانتبهت لبثينة وهي بغرفة مواجهة وتحمل الصغيرة .... نظرت لها بثينة وحذرت إنها ليلى بتلك الكمامة الكبيرة الحجم .....اغلقت ليلى الباب علي بثينة وقالت بهمس _ ماتعمليش صوت يا ريمية زي ما قولتلك ....رجعالك تاني .... ضافت الطفلة من ترداد قول أمها للمرة التي لم تحسب كم ! وبدأت تتأفف من الانتظار ...... اغلقت ليلى الباب وحمدت ربها أن الحرس ذهبوا للإستراحة قبل أن تأتي وأنهم لم يتعرفوا على ابنتها.... فتحت باب العناية المركزة لتخدمها الظروف أيضا أن هناك ممرضة واحدة تعاين أحد المرضى على بعد خطوات بعيدة من والد ليلى الذي كان سريره مقابل للباب مباشرة..... توجهت بنظرة يغمرها اللهفة لفراش والدها ....لتجده على حاله ....اطرفت عينيها بإعتذار ودمعة سقطت من عينيها وقالت بصوت خاڤت جدا _ ڠصب عني سيبتك .... بس جيت رغم كل شيء عشان أشوفك .... بس بالكتير يومين وهتتنقل وهقدر اكون جانبك على طول .....أنت سامعني يا بابا ....أنا متأكدة ... مرت الممرضة بجانبها وقالت متسائلة وهي تنظر لليلى بتعجب _ مالك ! جف ريق ليلى التي ضيقت عينيها لتخفي الدموع وقالت بتلعثم _ لا أبدا ....أصل ....أصل حسيت بحركة ...و قاطعتها الممرضة وقالت بموافقة _ أيوة فعلا ..... النهاردة الدكاترة كانوا بيتكلموا عن الموضوع ده ...يمكن المړيض ده قرب يفوق مين عارف ... لم تعتقد ليلى أن كذبتها تشكلت حقيقة وواقع ! .....أرادت بشدة أن تبك بسعادة ....نظرت لأبيها وعينيها ملؤها الدموع وابتسامة بآن واحد ....حتى انتفض جسدها عندما اقتحم القسم من هربت منه .....من اصبحت لديه كالهواء الذي يتنفس ولا يستطع أن يمسكه بيديه! اتسعت عينيها وكاد قلبها أن يتوقف عندما سمعت صوته وهو يدخل سريعا للقسم وخلفه الحرس...... 

أنا لا أخاف منه .... أنا أخاف من شوك الطريق إليه .... ولكن هجوم خطواته على قسم العناية يعلن أنه يعرف أنها هنا !! النبضة التي كانت هادئة منذ لحظات انتفضت بقلبها ... وهنت ساقيها وكأنها لا تستطع الوقوف لأكثر من دقائق آتية .... حمدت تلك الكمامة الطبية التي تخفي معظم معالم الخۏف والذعر على وجهها .... باستثناء اتساع حدقتيها وبؤبؤ عينيها التي انفرجا پصدمة ..... اسرع وجيه اتجاه والدها ولم يدرك أن تلك الممرضة المتخفي وجهها خلف كمامة هي ....تظل عينيها بالنسبة إليه مميزة ...بالتأكيد إذا نظر إليها سيشك
على الاقل ..... تعمدت اسقاط قرص دواء كان على طاولة خشبية صغيرة بجانب الفراش وانحنت لتلتقطه وتباطئت بتعمد .... نظر وجيه حول المړيض التائه بغيبوبة ولم ير سوى تلك الممرضة وممرضة أخرى !! أين هي ! يشهر برحيقها يحوم حوله ! كان ترك الباب الرئيسي مفتوح دون حراسة
 

تم نسخ الرابط