في مكتبة الجامعة

موقع أيام نيوز


في وشها ارتاح كده وأحس أني مش عايز حاجة تاني من الدنيا !! في ظل حديثه وقع على كتف جاسر قطعة من الخيار المخلل فقطبت ملامحه ونظر للأعلى فوجد يوسف يستند على رأس المقعدين ويبدو أنه كان بستمع للحوار بأنسجام وهو يأكل من ساندوتش الفول أشار لهم يوسف وقال وهو يحرك فمه بالطعام _ كملوا ....كملوا ...انتوا مسليين جدا ... أشار له جاسر بقبضته بټهديد وقال وشيء من المرح يمر بعينيه _ هتقعد ولا ! جلس يوسف على مقعده ثانية دون نقاش..... في القرية الريفية..... وسط الحقول والمراعي ...يوجد فرن لطهي الخبز مصنوع من الطين الأسود مخلوط ب قشرة نبات القمح التبن .... يتوسطه لوح من معدن الحديد يوقد أسفل اللوح الأخشاب وقش الأرز والروث الجاف للماشية ... غذت سما الفرن بفروع الأشجار الخشبية فتعالت السنة الدخان منه ....قالت وهي جالسة أمامه على قالب من الطوب الأبيض يديها تفرد عجين الفطير على صينية فضية واسعة _ الحمد لله أن الجو رايق النهاردة من الشتا وعرفنا نقعد قدام الفرن يابت يا حميدة ... رققت حميدة بين يديها خبز الفطير لتصبح دائرة واسعة وقالت وهي تبتسم بابتسامة واسعة _ والله الواد نعناعة كان نفسه في الفطير بقاله شهر .... يلا بالهنا والشفا على قلبه ..... ونخلص بقى عشان ورانا غسيل ياختي .... ضحكت سما بمرح ثم تساءلت بعد قليل _ هي جميلة ورضوى فين ! اختفوا فجأة !! ردت حميدة عليها وهي ترمي ما بيدها على الصينية الفضية لتشير بها لسما حتى تدسها بالفرن لتنضج _ قالتلي الصبح أنها رايحة تجيب التموين من عند عمك حامد في أول البلد .....زمانتها في الطريق .... بهذا اليوم كانت عنايات تطوف بغرف الطابق بالمشفى طوفا ....وعينيها على ليلى كأنها تنتظر أن تشاهد اي شيء خطأ لتعلق عليه ..... لاحظت ليلى ذلك ولكن عرض جيهان كان يشغل تفكيرها ...... اقتربت منها بثينة وهي تجلس بجانبها بوقت الراحة في منتصف اليوم _ عنايات النهاردة ناوية جزا شكلها كده !! خلي بالك يا ليلى وتجنبيها خالص.... تعجبت ليلى وطرحت سؤال شغلها تفكيرها كثيرا _ هي ليه عنايات بتعاملني كده رغم أنها عارفة أن دكتور وجيه هو اللي شغلني ! .....يعني بما أنه ليه نسبة في المستشفى وكده ! ابتسمت بثينة وقالت بسخرية _ عنايات تبع مدام جيهان .... هي اللي شغلتها ....يعني زي ما دكتور وجيه محدش يقدر يكلمه ...هي كمان محدش يقدر يكلم حد هي شغلته .... عشان كده عنايات متفرعنة....وحاسة أنها خاېفة تاخدي مكانها ....بالذات أنك خريجة كلية وتعليمك عالي ....ابعدي عنها يا ليلى دي مؤذية... تنهدت ليلى وهي تفكر جديا بعرض جيهان ....يبدو أن القادم ليس سهلا.....لما طريقها كله يملأه الشوك بهذا الشكل !! كلما ذهبت ...وكلما وطأت قدميها في أي مكان ..... وقفت الحافلة في مقدمة دخول البلدة الريفية وترجل منها الفريق الطبي ...... وقف أحد عاملي الوحدة البيطرية امام الحافلة وقال _ معلش يا دكاترة....الوحدة الصحية غرقانة من الشتا ....هنخلي الخيمة في مبنى الوحدة البيطرية عشان صرفها اتصلح السنة اللي فاتت وكانت غرقانة برضو.... على ما نصلح الصرف بس ونجهز الوحدة بكل شيء ..... لم يكن الأمر بالفارق الشديد مع الاطباء فالأهم أداء واجبهم أينما كانوا .....ولأن مظاهر الريف مستوطنة في كل شيء ..... سأل أحد الأطباء وهو يحمل حقيبته _ طب الوحدة البيطرية فين ! أشار العامل لمكان قريب على يساره وقال _ اللي هناك دي يا دكتور .....تعالى اما أوصلكم لهناك ..... اتجه الأطباء للخيم الكبيرة التي كانت تضم أجهزة طبية نظيفة معقمة بشكل مقبول .... دخل جاسر أحد الخيم وتبعه آسر ...القوا نظرة رضا عن المكان وقال جاسر _ احسن مما توقعت .... بس الشتا برضو ممكن يطولنا هنا ولا ايه رد عليه احد العمال بالمكان وأشار لسقف خرساني أعلى الخيم وقال _ لأ الشتا مش هيطولكم لأن الاستراحة دي سقفها صبة خرسان ....حطينا بس الخيم عشان الترابة والساقعة ....كام يوم وهنضبط كل حاجة بأذن الله ..... اجاب العامل أيضا على عدة اسئلة ثم تركهم ودخل المبنى الجانبي يباشر عمله .....دخل رعد على الخيمة الذي اختارها جاسر وآسر وقال بغيظ _ نفسي أعرف هشتغل هنا إيه ! سمعه يوسف وهو يبتلع مشروب الكوكاولا وأجاب _ اكيد هتلاقي حاجة تضيع وقتك بيها ...انت بصراحة مالكش لازمة هنا .. كاد يلكمه رعد بغيظ فأوقفه يوسف بضحكة _ أقضد تخصصك يعني ....يابني الناس هنا بسيطة وعلى الطبيعة والفطرة أوي ...مش هتلاقي هنا مرضى نفسيين .... شامم ريحة الخبيز تحفة أزاي ! ....حاجة منعشة جدا ابتسم جاسر بمرح وقال _ همك دايما على بطنك ! وكز يوسف بمشاكسة ثم اه لفاتحة الخيمة ليخرج فسأله يوسف _ رايح فين ! أجاب جاسر وهو ينظر لاتجاهات كثيرة _ عايز اكتشف المكان ....هتمشى شوية في الأراضي الزراعية دي .... وافقة يوسف قائلا بحماس _ استنى هاجي معاك .... هتف جاسر باعتراض _ لأ ...عايز اتمشى لوحدي ماتبقاش غتت بقى !! عبس وجه يوسف وقال لنفسه بتمتمة _ أنت اللي غتت...! أخذ آسر يتفحص الاجهزة المرتبة بنظام ودقة وتحدث مع رعد في بعض الأشياء.....تسلل يوسف من بينهنا وخرج أيضا ليستكشف البلدة التي ورغم بساطتها ولكن كأنها تحمل عبق الأصالة وبعث الراحة للنفس ..... خرجت جميلة ورضوى من دكانة العم حامد موزع التموين بالبلدة ...تشاركا الأحاديث والضحكات وهم يسيرون بالطريق ويحملون صندوق ورقي به علب الزيت وأكياس السكر والشاي...مرا الفتاتان بجانب الترعة التي تبسط على طول المراعي والحقول الواسعة الخضراء ....أشارت رضوى لأحد الاراضي وقالت _ جوافة عمك ابو الحسن زي السكر يا جميلة ...نفسي هفاني عليها .... هو هناك اهو في أرضه ...تعالي نستأذن منه ونقطف لنا شوية .... ضحكت جميلة بعفوية وقالت _ والله الراجل ده طيب أوي...المرة اللي فاتت قال للبت سمكة تيجي تاخد اللي عايزاه في أي وقت ومن غير ما نستأذن منه ....بس تعالي نقوله برضو ... بعد خطوتين تعثرت قدم جميلة والتوى كاحلها بثرى الأرض الموحل ....تألمت بشدة وهي تنحني وتمسد كاحلها پألم وتوترت رضوى لحالتها .....قالت بقلق _ سلامتك يا جميلة...هتعرفي تمشي عليها ولا اجري على البيت اجيب الواد نعناعة .... وقفت جميلة وهي تحرك قدميها قليلا وتحاول أن تتحرك ...استطاعت بعض الشيء فقالت لرضوى _ خدي التموين وروحي أنت....أنا هروح لعمك ابو الحسن وهخليه يقطفلي جوافة ...شوية وۏجع رجلي هيروح ما تتوغوشيش عليا... ترددت رضوى ولكنها انصاعت للأمر بالأخير وذهبت ..... تحركت جميلة اتجاه الأرض الزراعية التي يلتف أسوارها بأشجار الجوافة والموز والكافور العالي.....استأذنت صاحب الأرض

ورحب الرجل بطيبة ولكنه لم يلحظ وهن قدميها وغادر عائدا لمنزله جالسا على عربة خشبية يجرها حمارا أبيض.... نظرت جميلة للشجرة القصيرة التي لولا الم قدميها
 

تم نسخ الرابط