في مكتبة الجامعة
لكانت استطاعت تسلقها بسهولة .....وقفت تنظر للأعلى في ضيق وحيرة ....وكلما حاولت الوقوف على أطراف أصابعها للتسلق يشتد الألم بها ..... كررت المحاولة واستطاعت بعد محاولات عدة أن تجلس على أقرب فرع وجذب ثمار الجوافة الناضجة منها وريقاتها ..... جمعت الكثير من الثمار والقته للأسفل على نبات البرسيم المنتشر بالأرض الزراعية ثم عادت حيرتها الأولى ....كيف ستهبط ! أخذت قرارها بأن تدفع نفسها على الأرض وفعلت ذلك .....سقطت بين نبات البرسيم وهي تتأوه پألم عندما خدشت قدميها بچروح أخرى ! جلست على الأرض ورفعت عبائتها السوداء لتكشف عن نصف قدميها وتكتشف الچروح ....نظرت حولها جيدا قبل ذلك ولم تلمح أحدا .....تأوهت پألم مرة أخرى وهي تلمس الخدوش بساقيها ..... سار جاسر بالطريق الحقول وهو يحرك هاتفه بغيظ ويحاول ايجاد شبكة اتصال لا سلكية ...ولكن الشبكة كانت ضعيفة جدا بالحقول ..... زفر بغيظ حتى استمع لصوت آنين يصدر من الأرض الذي يسير من أمامها الآن وعلى يساره ...... تقدم للصوت حتى لاحظ أنه يصدر من اتجاه شجرة الجوافة فأقترب لها بحذر ...... فغر فاه وهو يرى ساق يظهر منها ما يقرب الربع متر ورغم ذلك تبدو صاحبتها فتاة يافعة ...صبية .... اقترب والابتسامة الماكرة تظهر على شفتيه ببطء ...... لم تره جميلة الا عندما وجدت رجل يأتي فجاة وكأنه أتى من المجهول ! اتسعت عينيها بذهول بالمحدق فيها بدهشة وكانه رأى شبحا !! كان اطراف شعرها الأسود ظاهرة من الحجاب الذي ارتخى تحكمه بعد السقوط من الشجرة .....ورغم بساطة المشهد ولكن أخذه ووقف ناظرا لعينيها بثبات وصمت ....ثم قال _ الريف جميل جميل جميل .... جامد انتفضت جميلة واقفة وهي تعدل ملابسها وحجابها بعصبية _ أنت مين يا بغل أنت ! اطرف عينيه عليها بدهشة ...لم يستطع أن يصدق أنها تشتمه هكذا فقال مشيرا لنفسه ليتأكد _ أنت بتشتميني أنا.... ! أخذ منها العصبية أن تدفعه بالترعة التي تمد الأرض الشرقى بالماء وتروي ظمأها .....وصاحت _ عشان تبقى تبحلق في الحريم يا قليل الرباية ....أنت مش من بلدنا ولو كنت من بلدنا كانوا قطعوا راسك يا مدفوس الراس أنت ... لم يصدق جاسر أنه يسبح بمياه الترعة الممزوجة بالثرى وهو من كان يسبح بمياه المسبح النظيفة في استمتاع ....رشها بالمياه وهو يصيح بعصبية وتوعد _ لو أنت فعلا اد كلامك استنيني لما اطلع ...وبعدين أنا مدفوس الراس ! يعني ايه مدفوس دي أصلا ! جمعت جميلة الثمار سريعا وتعجبت أن قدميها خف ۏجعها بعض الشيء..... كاد جاسر ان يخرج فألقت عليه ثمرة جوافة وقالت ضاحكة _ أغرق تاني يا مدفوس .... اسرعت من الأرض وهي تكتم ضحكتها ...ولكن تحديقه لقدميها العاړية جعلها تغضب لهذا الحد...... وقفت سما أمام الفرن وهي تنفض ملابسها ثم قالت لحميدة _ هسبقك على الدار بقى يا حميدة عايزة اتشطف واروح أشوف الواد مهند صالح نور أزاي ..... ده وقعها على السلم المعفن ! ....بس رومانسي .... المسلسل شكله عواطفي أوي ضحكت حميدة بصوت عال وقالت _ طب روحي وأنا هطفي الفرن وأجيب الفطير والحقك .... غادرت سما وتركت حميدة تطفئ نيران الفرن ثم وبعد دقائق لاحظت حميدة نقص في عدد الفطائر ....احتارت بالأمر ولكنها اعتقدت أن شقيقتها لربما أخذت واحدة لتأكلها بالمنزل حتى وقت العشاء ...... استدارت للفرن مرة أخرى وتأكدت من اطفاء نيرانه وكادت أن تستدير حتى لاحظت أن الفطائر نقصت بشكل ملحوظ .... سمت باسم الله في خوف وهي تنظر حولها ....وركزت بصرها بدقة رغم خۏفها الشديد حتى رأت يد تمتد من ثقب واسع أسفل العشة الملحق بها الفرن ... ضمت حميدة يديها بغيظ وانقضت على اليد المليئة بالشعيرات السوداء ليأتي وجه يوسف من الثقب الواسع .... نظرا لبعضهما في دقيقة صامته ....ابتسم يوسف معتذرا وقال _ بصراحة كان نفسي في فطير من زمان أوي...أسف والله .....ممكن أعرف تمنه كام شعرت حميدة بابتسامة اتت فجأة على شفتيها فأخفتها سريعا وتظاهرت بالقوة وهي تترك يده .....دلف يوسف للعشة وقال بابتسامة معتذرة _ أنا مش حرامي والله ...صدقيني..... تعجبت حميدة من مظهره الذي لا يبدو عليه أي فقر أو حرمان حتى يسرق الفطائر !! ...قالت ببعض اللوم _ شكلك غريب عن البلد ....لو كنت قولتلي كنت اديتك اللي يكفيك وزيادة ومن غير فلوس .... ولا أنت مجربتش كرم الفلاحين ! قال يوسف بابتسامة وهو يبتلع ما بفمه _ تسلم ايدك ....بصراحة الفطير يجنن .... مش هعرف أنسى طعمه بسهولة .... ابتسمت حميدة بحياء ثم انحنت وسحبت أثنين من الفطائر الكبيرة وقالت له _ بالهنا والشفا ...... ود يوسف أن يضمها حتى على هذه الهدية الثمينة بنظره ....قال بشكر وامتنان _ تسلمي....بصي يا ...... لم تجب حميدة وتخضب وجهها بالخجل فتابع يوسف غير مكترث وقال _ أنا من ضمن القافلة الطبية اللي جت...لو احتاجتي أي استشارة أنا موجود ..... قالت بتساءل وهي حقا لا تعرف أمر القافلة _ قافلة .. .....فين القافلة دي ! أجاب يوسف وهو يقطع قطعة من الفطير _ في الوحدة البيطرية ..... اتسعت عين حميدة پصدمة وتلونت عينيها بالڠضب ودفعته بعصبية .....ثم حملت صينية الفطائر وذهبت بنظرة غاضبة منفعلة منه ...... لم يفهم يوسف لما ڠضبت ولما دفعته ولما تغير هدوئها إلى الڠضب !!.......احتار ثم ابتسم وهو ينظر للفطائر بيده !