رواية كاملة الفصول
المحتويات
ويذكر الله بهمس منخفض وتسمع همهمته وهو مستمر بالتسبيح سكنت للحظات بين ذراعيه وهي تستند برأسها على صدره حتى خرج همسها
زينو !
سمعته وهو يجيبها ب امممممم لتتنهد بعمق وتقول برقة
أنا عايزة احفظ قرآن
حدجها ببعض الاستغراب وقال باسما
ده بجد يعني ولا هي لحظة حماس كدا جاتلك فجأة
لا لا بجد والله ومستنية نرجع القاهرة عشان اروح مقرئة واتعلم احكام التجويد الأول وبعدين ابدأ في الحفظ إنت أكيد معندكش اعتراض طبعا
سألت بفضول ونبرة ناعمة
هو احنا امتى هنرجع
غمز لها بلؤم وهتف في خفوت اربكها
لو عليا مش عايز ارجع خالص إيه رأيك ناخد شهر
شهر !! طيب والشغل وبعدين إنت من هتمل لما تقعد شهر في البيت مبتخرجش
مفيش حاجة أهم منك ! ولو على الملل فاحنا هنسلي بعض متقلقيش
توترت من اقترابه وخجلت و لكن حين سمعت صوت رنين الهاتف ظنته المنقذ لها فكادت أن تمد يدها وتلتقطه وإذا بها تجد يده تقبض على يدها وهو يقول بحزم مزيف
وهو ده وقت التلفونات يعني
اشارت بأصبعها ناحية الهاتف وهدرت بأعين زائغة ومستحية
اجابها بضحكة تبشر باقتراب الھجوم ونظرة كلها خبث
سبيه يرن براحته
وبالفعل
أغار عليها ينل منها ما يستطيع لتطلق هي ضحكة متأججة هاتفة من بين ضحكاتها القوية زين بس بقى !! وتعود ضحكاتها لتتعالي اكثر فيطلق هو ضحكة رجولية مرتفعة على ضحكها !!!
الساعة تخطت العاشرة مساءا وكانت عيناها معلقة على الشارع من النافذة تنتظر مجيئة منذ أيام وهي تستعد لهذا اليوم وهاهو أتى كانت ترتدي رداء طويل من اللون الأسود وبأكمام طويلة ضيق بعض الشيء على جسدها المتناسق ولديه فتحة ظهر واسعة من الخلف ولكن شعرها الحريري الذي تركت العنان له يخفي ظهرها وقد وضعت بعض مساحيق الجمال البسيطة التي زادتها جمالا لم يعد هناك أي آثار للحمي عليها فقد تحسنت كثيرا بعد أن أخذت الدواء والآن هي في أفضل حال وتنتظره لكي يحتفلوا بيوم ميلاده !!
اضطرب بشدة فهو يعرف خۏفها الشديد من الظلام ويستحيل أن تغلق الأضواء بهذا الشكل وتنام فنزع حذائه عنه بجوار الباب وهرول باتجاه غرفتهم مسرعا ولكن توقف حين رأى الطاولة المتوسطة في منتصف الصالة وفوقها كعكة متوسطة الحجم والشموع عليها اقترب منها بخطواط بسيطة وابتسم بساحرية حين تذكر بأن اليوم هو يوم ميلاده وقف يحدق بالشموع والكعكة بابتسامة واسعة حتى سمع صوتها من خلفه وهي تهتف بنبرة مرحة ورقيقة في نفس ذات اللحظة
الټفت بجسده ناحيتها وطالعها بنظرات تحمل معاني مختلفة في جوفها لتستمر هي في الغناء حتى انتهت وقالت بحماس
يلا اطفي الشمع
عاد بجسده ناحية الطاولة وانحنى ينفخ في الشمع لينطفأ فتمد هي يدها وتفتح الضوء
كل سنة وإنت طيب ياكوكو
وإنتي طيبة يا أميرتي بس مش هنبطل كوكو دي
هزت رأسها بالنفس وهي تضحك بخفة وتقول بمشاكسة
أبدا ! أنا بحب ادلعك بيه وعشان أنا مش أي حد لازم يكون دلعي ليك مختلف ومميز
يعني مفيش فايدة !!
تؤتؤتؤ خالص
اطلق ضحكة بسيطة ثم انتبه لمظهرها الجديد والرداء الأسود الجميل الذي ترتديه مع قصة شعرها ومكياجها رمقها بنظرة متفحصة بعد أن رجع بخطوة للخلف لكي يتمكن من رؤيتها أوضح وقال باسما بإعجاب حقيقي
إيه الجمال ده !
اجفلت نظرها عنه أرضا في استحياء من تغزله الصريح بها لتجده يمسك بكفها ويرفع يدها لأعلى لكي تلف حول نفسها ففعلت لتزداد نظرات الإعجاب في عيناه وهو يجيبها
مغلطتش لما قولت إن أي حاجة بتلبسيها بتحليها أكتر
صعدت الحمرة لوجنتيها في ظرف لحظة ففكرت في التخلص من جو التوتر والحياء المهيمن عليها وانحنت على الأريكة تلتقط الكوفية التي صنعتها بيدها له وكانت تعمل عليها منذ أيام هتفت في خفوت جميل وخجل لا يزال بستحوذ عليها
معرفتش اجبلك إيه هدية الصراحة ففكرت وعملتلك دي هي حاجة بسيطة بس حسيت إنها هتعجبك اكتر من أي حاجة تاني
التقطها من يدها وكانت من اللون الړصاصي ومجهزة بإحكام شديد ودقة أعجبته كثيرا وخصوصا أنها من نفس لونه المفضل رفع نظره لها وقال بحنو
فعلا عجبتني جدا شكرا على الهدية الحلوة دي ياشفق
رمقته بأعين تتحدث بالعشق ثم جذبتها من يده ثم قالت بوجه مبتسم
جميلة أوي عليك
تمتم برقته المعهودة ونظراته التي تسحبها لعالم آخر
لازم تبقى حلوة طالما إنتي اللي عملاها بإيدك
ماذا به اليوم لما يتغزل بها بشكل زائد عن العادة ونظراته مختلفة حتى نبرته بل بالأحرى هي تشعر بتغيره الجذري منذ الأمس ولكنها فسرته على أنه خوف وقلق عليها ولكن الآن ماذا يحدث ! لم تهتم كثيرا أيضا هذه المرة وطردت أي أفكار قد تكون ساذجة بالنسبة لها لتجده ينحني ناحية الكعكة ويقرأ بصوت مسموع ما كتبته عليه شكرا لإنك معايا فتتسع ابتسامته اضعافها وينتصب في وقفته ويهمس في أعين تحمل مشاعر جديدة ونبرة دافئة
في الحقيقة أنا اللي المفروض اشكرك أشكرك لوجدك في حياتي واشكرك لإنك متخلتيش عني وسمحتي لعلاقتنا بفرصة تاني وكمان لإنك بتعالجي چروح جوايا مكنتش متوقع إن في حد هيقدر يعالجها وأخيرا لإنك دواء لهمي لما أكون مضايق
تلألأت الدموع في عيناها من سعادتها بما تسمعه منه لأول مرة واندمجت فرحتها بدهشتها بما يقوله لها ولم تكن تتوقعه منه أبدا ولكن الدهشة الحقيقية
شفق
استفاقت من غيبوبتها وانتفضت على صوته فارتدت للخلف وقد رأى وجهها أحمر كلون الډم وصدرها يعلو ويهبط كأنها كانت في سباق للعدو للتو ! رمقته
بخجل وارتباك بالغ لتقول بصوت متلعثم
إنت إنت قليل الأدب على فكرة
قالتها وفرت هاربة للغرفة في لحظة من فرط توترها وتركته مندهش قليلا من جملتها حتى ضحك بصوت منخفض على عفويتها وبرائتها الذي يعشقهم أكثر شيء !!
بمنزل محمد العمايري
انضمت هدى لجلسة الجدة المنفردة في غرفتها وبمجرد ما أن جلست بجوارها نظرت لها الجدة وقالت بقلق
طاهر ليه يومين مجاش حاسة قلبي مش مطمن عليه ياهدى
صمتت لبرهة وهي تطالعها بتردد ولكنها حسمت أمرها وقالت في خفوت
طاهر تعبان ياماما كان اليومين اللي فاتوا ومجاش عشان محبش يقلقك عليه
انتفضت في جلستها وقالت بزعر
تعبان !! ماله ياهدى انطقي !
تنفست الصعداء وقالت بعدم حيلة
لما جاتلك ميار من يومين كانت قبلها علطول في المستشفى حاولت ټنتحر ولحقوها على آخر لحظة وطاهر تعب معاها هناك من الخضة أنا عرفت من علاء وقالي مقولكيش عشان متاخضيش
ټنتحر !! إزاي متقوليش الكلام ده !
ياماما خوفنا عليكي لتتعبي ولا حاجة
وثبت واقفة وقد ادمعت عيناها وهي تقول بحزم
أنا هروح اشوف ابني وميار
استقامت هدى وقبضت على ذراعها تهدئها قائلة برزانة
اطمني والله هما كويسين دلوقتي ومفيش أي حاجة
هدرت في حدة ونظرة ثاقبة
قولت هروح ياهدى
طيب حتى اصبري للصبح وهنروح والله بكرا اهدى ابوس إيدك وصدقيني أنا بنفسي هاخدك ونروح بكرا الصبح
اطالت الجدة النظر في فيها لټنفجر باكية وهي تهمهم بكلمات لم تفهمها جيدا ولكنها عانقتها وهي تربت على ظهرها بحنو تهتف بكلمات تحاول من خلالها أن تهدأ نفسها الوجلة
أما بالأسفل فكان كل من حسن ورفيف يجلسون في الحديقة الخارجية للمنزل كان هو يعلق عيناه على السماء في سكون تام وهي تارة تنظر له وتارة تعبث بهاتفها حتى سئمت الصمت وقالت بضيق
هتفضل تعاند لغاية إمتى ياحسن مش معقول لسا مأدركتش إنك بتحب يسر ومتقولش لا لإن إنت مش شايف حالك بقى إزاي
ابتسم لشقيقته وقال باستنكار ونبرة مهمومة
ماله حالي !!
تأففت بصوت مسموع واعتدلت في جلستها أكثر لتقول في ڠضب وعفوية
حسن يسر سافرت وإنت لسا بتعاند هتفضل كدا لغاية امتى !!!
وقعت كلمة سافرت وقع الصاعقة عليه واستيقظت جميع حواسه حيث انتصب جالسا وهو يجيبها بعدم استيعاب وذهول
سافرت فين !!!
إنت متعرفش ولا إيه !
قالتها باندهاش بسيط ليجيبها بعد أن بدأ الضجر يتملك منه ويهتف بنبرة خشنة
معرفش إيه يارفيف !!
تنفست الصعداء وقالت بأسى
يسر سافرت النهردا المغرب مع راسل هتقعد في امريكا هناك لفترة معرفش قد إيه وهتمسك الإدارة في الشركة اللي هناك بدل عمي
تحول لجمرة نيران متوهجة واظلمت عيناه بشكل مخيف بالأخص بعدما قالت ذهبت مع ذلك السمج ابن خالتها وجدته يهتف پغضب عارم
نعم !! وأنا آخر من يعلم يعني إزاي تسافر من غير ماتقولي لا ومع راسل كمان ماشي يايسر
ابتسمت رفيف بمكر واقتربت منه تقول في خبث ضاحكة
ومالك متعصب كدا ليه !! مش مشكلة يعني سافر وراها بكرا
حسن بنظرات مشټعلة
ماهو ده اللي هيحصل فعلا قال مع راسل قال ده أنا هطين عيشتها هي والملزق ده
اشاحت بوجهها للجانب الآخر وهي تضحك بصمت دون أن يصل صوت ضحكها إليه أما هو فكان يستشيط م
الغيظ وكلما يفكر بأنها مع ذلك ال راسل الآن تتأجج نيران الغيرة في صدره أكثر ويود لو يذهب الآن قبل الغد ويفتك به فقط لأنه يقترب من شيء لا يخصه !!
مع صباح اليوم التالي وفي تمام الساعة التاسعة صباحا كان حسن بالفعل في مطار القاهرة بانتظار النداء لاقتلاع الطائرة الخاصة به لم يخبر أحد بسفره وفقط شقيقته تعرف بهذا وقد تعهد بأنه لن يعود إلا وهي معه عقد العهود مع نفسه على أنه سيصلح كل شيء بينهم فمنذ الأمس وهو يفكر بماذا سيفعل حتى تغفر له وتسامحه وكان الحل الأمثل هو كما قالت شقيقته أن يتوقف عن العناد ويتصرف بحقيقة مشاعره دون أي إخفاء !!
وأخيرا بعد ما يقارب النصف ساعة استقل بمقعده في الطائرة وعقد حزام الآمان حول خصره وماهي إلا دقائق واقتلعت الطائرة من مطار القاهرة متجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية
دامت الرحلة لساعات حتى وصل واستقل بسيارة آجرة وطلب من السائق أن يتجه به لمكان معين
متابعة القراءة