رواية كاملة الفصول
المحتويات
يستغفر ربه مرارا وتكرارا ليخرج ذلك الشيطان اللعېن من عقله نظرت له بابتسامة اذابت على آثارها كل ما كان يحاول بنائه طوال الفترة السابقة وكانت عيناها وابتسامتها سببا في خروجه عن كهفه الذي اعتكف به قرابة الشهرين وهو يجاهد في كبت بها فوجد نفسه بدون وعي يقترب منها وكان على وشك أن يسرق معها لحظاتهم الغرامية الأولى ولكن عكر لحظتهم طرق الباب وسماعه لصوت والدته وهي تهتف
ارجع رأسه للوراء محاولا تمالك نفسه المغتاظة من قدوم والدته في اللحظة الخطأ وهتف
ايوة ياماما
يلا ياحبيبي تعالى إنت ومراتك عشان الفطار جاهز تحت وجدتك مستنياكم
حاضر يا ماما نازلين وراكي
لاحظت ملاذ غيظه فكتمت ابتسامتها بعد أن انتابها الخجل وهمست باستحياء
أنا هسبقك على تحت وإنت البس وتعالى
في تمام الساعة التاسعة مساءا
فتح كرم الباب ودخل ثم اغلقه خلفه وكانت اضواء المنزل كلها مغلقة وكأنه فارغ فعقد حاجبيه بتعجب ومد يده ليفتح المصباح ويضيء المنزل وبدأ في نزع حذائه عنه ثم قاد خطواته نحو غرفتهم ولم يجدها فاتجه وبحث في بقية الغرف وحين فتح غرفة مكتبه الخاصة وكان ضوء المصباح فيها هاديء من اللون الذهبي وكانت هي ممدة على الأريكة ومتكورة من فعل البرودة والغطاء يصل لنصف جسدها فقط وبرغم من ذلك كانت في ثبات عميق ليسمع صوت الهاتف البسيط بجانب الأريكة على المنضدة مصدرا نغمة موسيقية هادئة ومريحة للأعصاب ثم رفع نظره وتطلع إلى صورته مع أخيها
ادركت صورته جيدا فتنهدت بارتياح وهي تضع كفها على قلبعا الذي يصعد ويهبط پعنف
اټخضيت وافتكرتك هو لإن من ساعة اللي حصل في بيتنا لما دخل عليا بقيت اخاڤ ما انام وحدي والنهردا نومت ڠصب عني من غير ما أحس وكنت مستنياك بس مقدرتش اقاوم ونومت
هتف في هدوء وصوت رجولي
الجو مش برد للدرجة دي على فكرة !
لا برد جدا ده أنا كنت بتنفض من البرد قبل ما تاجي واوضة المكتب بتاعتك كانت دافية شوية فقعدت فيها وغلبني النوم
هب واقفا ونزع سترته عنه هاتفا بضحك
لا وعلى إيه أنا اجبلك دفاية وتعيشي جمبها اليوم كله لأن شكلك من النوع اللي بيبرد أوي
جدا فوق ما تتخيل أنا في بيتنا أحيانا كنت بمشي وسطهم بالبطانية وكان سيف الله يرحمه يفضل يتريق عليا هو وماما !!
شفق أنا معاكي ومش عايزك تحسي إنك وحدك أبدا اعتبريني سيف ومامتك وكل حاجة أنا معنديش مانع
استقرت منها نظرة منطفئة عليه وقالت بصوت متحشرج
وضع كل شيء جانبا وسمع لصوته الداخلي الذي
يطلب منه أن يخفف عنها لعله يهدأ من نيران قلبها الذي هو أكثر من يشعر بالآم الفراق
صدقيني مش هتلاقي حد حاسس بيكي أكتر مني
وحشوني أوي ياكرم نفسي اشوف ماما وسيف وحشني جدا وحشني صوته وهزاره معايا
لمعت عيناه بالدموع هو الآخر ليجيبها في صوت به بحة بسيطة
وأنا كمان وحشني أوي
اكملت نوبة بكائها وتركها تخرج كل ما في نفسها المكتظة باللآم
عيطي !
هاا حاسة نفسك أفضل
جففت دموعها بعدما شعرت بأنها ازاحت ثقلا من على قلبها حين بكت بقوة فهزت رأسها بالإيجاب ثم تطلعت له ورأت عيناه اللامعة بالدموع لتبغض نفسها وټلعن احزانها التي تسبب له الحزن أيضا ووجدت نفسها لا تتحكم في دموعها مجددا وتقول باعتذار وخنق وهي تبكي من جديد
أنا آسفة عارفة إني نكدية وبنكد عليك كل شوية !!
رغم الأجواء الكئيبة التي صنعتها هي ولكنها نجحت أيضا في اضحاكه حيث أجابها بضحكة بسيطة
لا إله إلا الله افهم بس بټعيطي تاني ليه دلوقتي !
قالت باحتجاج على نفسها وضيق
عشان أنا نكدية !!!
لم يتمكن من منع ضحكته المتأججة واجابها في رقة من بين ضحكاتها
وهو أنا اشتكتلك وقولتلك إنتي نكدية وأنا مبحبش النكد !! قومي ياشفق بس اغسلي وشك وصلي العشاء لو مصلتهوش وهترتاحي قومي
نهضت من جانبه واتجهت للحمام بينما هو فضړب كف على كف ضاحكا ثم استقام وبدأ في تبديل ملابسه !!
دخلت ملاذ المطبخ لتشرب وإذا بها تجد ميار تقف وتقوم بتحضير كوب قهوة فظنت أنها تحضره لنفسها تجاهلتها وفتحت الثلاجة لتخرج زجاجة المياه وتسكب في الكوب لتشربه كله حتى سمعته تسأل بلؤم
زين موجود في مكتبه ياملاذ
التفتت لها بجسدها كاملا وحدجتها قائلة بقرف
آه موجود خير
اكلمت ميار بنفس نبرتها المستفزة قاصدة إثارة غيرتها
أصل أنا شوفته جاي من بدري من الشغل ومطلعش من Büro المكتب وقاعد بيشتغل فقولت أعمله فنجان قهوة
اشتلعت نيران الغيرة وتأججت حتى كادت أن تصل إلى السقف فاقتربت منها وهي تحاول تمالك أعصابها المتغاظة وهتفت جازة على أسنانها بقوة
زين مش بيشرب القهوة ولو شربها مبيشربهاش غير من إيدي فأنا من رأي ياتكبيها ياتشربيها لأنه مش هيشربه
بس أنا واثقة إنها هتعجبه !
قالتها بثقة تامة ودلال أنوثي مستفز ففقدت ملاذ السيطرة على نفسها الملتهبة پعنف هاتفة في تحذير مخيف
بقولك إيه يابت إنتي تبعدي عن زين بالذوق احسلك بدل ما والله العظيم اخليكي ټندمي على اليوم اللي شوفتيني فيه فاهمة ولا لا
تطلعت إليها ميار بنظرات شيطانية غير مكترثة بتحذيرها المباشر لها ثم دفعتها بعيدا عنها وامسكت بكوب القهوة الساخن وسكبته على يدها لتصرخ بأعلى صوت اوتيت به فيجتمع كل مافي المنزل على أثر صړاخها وأولهم الجدة التي ركضت إليها فزعة وهي تهتف بهلع
مالك ياميار ياحبيبتي حصل إيه
ابتسمت ميار لجدتها بمكر ففهمت فورا حيلتها ونظرت الجدة إلى ملاذ المتسمرة بأرضها تحدق بهؤلاء الشياطين في ذهول حتى تجمعوا الجميع وآخرهم زين وبمجرد دخوله صاحت الجدة بملاذ في ڠضب موجهة الكلام لزين في الأساس
تعالي شوف
مراتك اللي بتقولي محدش يضايقها هي دي اللي اخترتهالوا ياهدى
هتفت هدى بتعجب وهي تنقل نظرها بين زوجة ابنها وميار التي سرعان ما انهمرت دموعها على وجنتيها
حصل إيه ياماما طيب فهمينا
هتفت ميار من بين بكائها بصوت مرتجف
أنا كنت بعمل قهوة لزين وهي شافتني وفضلت تزعق معايا وتقولي إنتي تعمليله قهوة ليه وإنتي مالك وكبتها عليا
كانت ملاذ غير مستوعبة ما يحدث ونظرها معلق على ميار وهي تبكي ولا تجد ما تقوله لتدافع عن نفسها حتى لحظات وجاءت رفيف بمرهم للحروق واعطته لجدتها وبدأت الجدة تضعه على ذراعها ثم رفعت الجدة نظرها إلى ملاذ وقالت بلهجة آمرة ومتشفية
اعتذري منها !
نقلت ملاذ نظرها بينهم جميعهم في دهشة حتى استقر نظرها على زوجها وطالعته بنظرة ضعيفة تتوسله أن لا يصدق هذه التفاهات التي يقولونها وبالفعل هو لم يكن يصدق أي شيء وحين وجد الجدة تنظر له وكأنها تطلب منه أن يجعلها تعتذر فهتف بخشونة ونظرة قاټلة
مراتي مغلطتش عشان تعتذر وأنا واثق إنها متعملش حاجة زي كدا والصراحة أنا معنديش دماغ للمواضيع التافهة دي و كفاية أوي لغاية كدا ياجدتي
ثم نظر لزوجته وقال بنبرة غليظة
تعالي ورايا يلا عشان هنرجع بيتنا
ثم استدار ورحل فخرجت ابتسامتها تشق طريقها إلى شفتيها وكادت أن تصل ألى أذنها ثم عادت بنظرها إلى الجدة وحفيدتها ورمقتهم بلؤم وتشفي وهي تبتسم وانحنت ناحية ميار هامسة بنبرة شماتة
ألف سلامة ياحبيبتي تعيشي وتاخدي غيرها
ثم ولتهم ظهرها ولحقت بزوجها بينما هدى ورفيف فتبادلوا النظرات بينهم وهم يحاولون كبت ابتسامتهم وكانت الجدة وميار يشتعلون من الغيظ !!
دخلت ملاذ خلفه واغلقت الباب ثم وقفت أمامه وهتفت بسعادة غامرة
شكرا
لم يبتسم ولم يبدي أي نظرات
لطيفة حيث قال بحزم
حصل إيه
فهمت أنه يريد الحقيقة التي لم يراها كاملة فهتفت في بساطة
ولا حاجة أنا كنت نازلة اشرب ولقيتها بتعمل قهوة وهي اللي فتحت الكلام أنا فكراها بتعملها لنفسها سألتني زين موجود في المكتب فقولت ليها أيوة لقيتها بتقولي أصل أنا عاملة القهوة ليه أنا الصراحة اتغاظت منكرش فشديت معاها وقولتلها تبعد عنك بالذوق احسلها هو ده بس كل اللي قولته والله وفجأة لقيتها بعدين بتمسك القهوة وبتكبها على نفسها وبدأت المسرحية اللي شوفتها تحت دي وجدتك لما جات ميار ضحكتلها ففهمت وبقت تسايرها في اللي بتعمله
أماء رأسه بتفهم وقد هدأت نفسه الثائرة قليلا وهدر
طيب يلا لمي هدومك عشان نمشي
احاطت وجهه بكفيها وقالت في عشق جارف متوسلة
حاضر بس ممكن متضايقش نفسك خلاص حصل اللي حصل وأنا مش مضايقة وكويس أوي إننا هنمشي لإني بقيت مش واخدة راحتي هنا أبدا
تأفف بنفاذ صبر وهو مازال يحمل بعض الڠضب في نفسه من أفعال جدته ولكنه اماء لها بنظرات هادئة وابعد كفيها عن وجهه ليتجه نحو الحمام تاركا إياها تبتسم بانتصار وفرحة غامرة !!
بعد مرور يومين جاء الأب الغائب منذ قرابة شهر واستقبله الجميع بسعادة وترحيب حار فيما عدا ابنته التي كانت تحاول الانخراط معهم في سعادتهم ولكن بلا فائدة !!
تعتكف في غرفتها منذ يومين وحالتها النفسية تزداد سوءا كلما يمر الوقت تتجاهل اتصالاته المستمرة ومحاولاته للتحدث معها وترفض بشدة مكالمته أو رؤيته إلا حين يأتي بأوراق طلاقهم وجميع من في المنزل حاولوا فهم أي شيء وما الذي حدث بينهم ليصلهم لهذه المرحلة ولكن أمها أبت الضغط عليها بعدما رأت وضعها النفسي السيء بسبب فقدانها لطفلها !
فتح طاهر الباب ودخل ثم دخلت خلفه زوجته ليقترب هو ويجلس بجوار ابنته هامسا بحنو
احكيلي يايسر حصل إيه بينك وبين حسن
هتفت الأم بيأس
أنا ليا يومين ياطاهر أنا وأخوها بنحاول نفهم منها إيه اللي حصل وهي مبتتكلمش
نظر لزوجته وهمس
طيب سبينا وحدنا وأنا هتكلم معاها
تنهدت بنفاذ صبر واستدارت وغادرت تاركة إياهم بمفردهم ليمد طاهر يده ويملس على شعرها برفق هاتفا في خفوت
قوليلي ياحبيبتي قوليلي عملك إيه بس وأنا هربهولك مد إيده عليكي !
عصفت بذاكرتها لحظة صفعه لها على وجهها پعنف فقط لأنها رفضت إجهاض الطفل لتنهمر دموعها على وجنتيها وترتمي داخل أبيها باكية بقوة فيهتف هو بصرامة وقلق
متابعة القراءة