ندوب الهوي بقلم ندا حسن
المحتويات
تفكر..
رفع صوته عندما رآها تبتعد تريد أن تدلف إلى الداخل وقال بنبرة رجولية جادة
هدير اعقلي واطردي الأفكار دي من دماغك.. أنا جوزك معاكي وعايزك وشاريكي بلاش تخلي الأفكار دي تخرب بينا وخلينا نعيش مرتاحين زي أي اتنين
أكملت طريقها إلى داخل غرفة النوم بعد أن استمعت إلى هذه الكلمات منه منذ يوم الزفاف وهي تحاول أن تبعد هذه الأفكار حقا حتى تنعم معه ببعض الهدوء والراحة وأفعاله وحديثه
ولكن مازال لا يتحدث ويعترف أنها يحبها!.. ربما سيفعل أو ربما يجب أن تعيش معه بعض الوقت الآخر لكي يتحدث بشيء هام ومصيري كهذا..
ربما هي هكذا معها حق عليها بالانتظار والتحلي بالصبر فقط لبعض الوقت وسترى إن كان يحبها حقا أو لا..
جلست مريم أمامها على الأريكة بغرفة الصالون وهي تستمع إلى حديثها الهادئ
مريم أنا عارفه إنك خلاص مبقتيش صغيرة ودلوقتي أنا حابة أتكلم معاكي بصراحة عن موضوع مهم بس ياريت لو فيه حاجه أنت مخبياها عني قوليهالي.. أنا أختك وبخاف عليكي أكتر من نفسي وعايزه سعادتك
طبعا يا هدير أنا عارفه أنك واخده دور كبير في حياتي وشايله همي كله..
عادت بظهرها للخلف وهي تجلس براحة أكثر كي تتحدث معها دون عائق وتسترسل معها في الحديث قائلة ما لديها سألتها ببساطة ووضوح
طب قوليلي أنت مشاعرك ايه من ناحية سمير
سمير..
مرة أخرى تومأ إليها ببساطة مؤكدة
أيوه سمير
تساءلت مريم باستغراب كلي عن سؤالها الواضح بخصوصه ليس هناك أحد يعلم بمكنون قلبها ناحيته ولم تفعل شيء يظهر ما تخفيه داخلها له إذا!
هو أنت ايه اللي خلاكي تسأليني عنه
تقدمت هدير بجسدها للأمام لتقترب من وجه شقيقتها وتدقق النظر إليها مردفة بجدية
ترددت كثيرا في اخبارها ولكنها طلبت منها البوح ولا تخفي عنها شيء نظرت إليها بتردد وحركت عينيها على وجهها وهي تنظر إليها تراها منتظرة إجابة منها زفرت بهدوء وأجابتها سريعا لتتخلص من ذلك العبء
بصراحة... بصراحة أنا بحبه بحبه وبدعي في كل صلاة إنه يكون من نصيبي وليا في الحلال
أنت بتكلميه يا مريم!..
سألتها الأخرى باستغراب ولم تفهم مقصدها
بكلمه إزاي مش فاهمه
أشارت هدير بيدها وهي توضح قائلة
بتكلميه في التليفون أو راسمين علاقتكم مع بعض
أدركت مقصدها فأردفت سريعا تنفي ما تتحدث به وتعتقده داخلها
لأ أبدا والله يا هدير أنا عمري ما أعمل كده.. هو طلب رقم تليفوني علشان يكلمني بس أنا رفضت وعمري ما كلمته غير في الشارع أو السطح
استنكرت هدير حديثها عن السطح لما تقابله عليه وأردفت بحدة مرددة نفس الكلمة بضجر
السطح..
تقدمت مريم هذه المرة وهي تحاول أن تجعل شقيقتها تتفهم ما تريد قوله ضيقت ما بين حاجبيها وأردفت موضحة
متفهميش غلط أنا كنت بشوفه صدفة فكنا بنتكلم عادي ومكنتش بطول أنا كنت بنزل على طول
مسحت على وجهها وهي تدرك أن هناك كثير من الأمور غفلت عنها
في حين اهتمت ب جاد ونفسها سألتها مجددا
طب وأنت حاسه بايه من ناحيته الفترة دي.. أقصد يعني زي ما انتوا وهو على وضعه ولا متغير
مطت شفتيها بتردد وحركت رأسها بقلة حيلة وهي تتذكر آخر أفعاله معها لتفصح عنها قائلة بتشتت
بصراحة لأ هو متغير أوي بيلمح بكلام غريب مالوش غير معنى واحد ودايما لما يبص عليا لو في الشارع يفضل باصص ويتابعني أوي بقاله فترة متغير فعلا وبيحاول يقرب مني
أدركت هدير أن رفض شقيقتها للزواج ليس الدراسة كما تظن وكما تقول هي بل إنه السبب سمير إذا!..
بس يا مريم اللي أنا أعرفه أنك مش عايزة عرسان علشان الكلية معنى ذلك أن السبب الحقيقي هو سمير
نفت ما تحدثت به وما تظنه داخل رأسها ف الدراسة أيضا سبب مهم لمنعها ذلك الأمر الآن اتسعت عينيها العسلية المماثلة لشقيقتها وهي تجيب
لأ والكلية كمان والله أنا لسه قدامي تلت سنين مش هينفع أفكر في الموضوع ده خالص
رفعت هدير أحد حاجبيها وتشدقت بخبث قائلة
حتى لو سمير اتقدملك!
لم تستوعب الأخرى ما الذي أردفته شقيقتها الآن أردفت بدهشة وذهول متسائلة كأنها لم تستمع
ايه!
أعادت هدير حديثها مرة أخرى بتروي وهدوء والخبث احتل نبرتها والمكر عبث
بنظراتها نحو شقيقتها أكثر بعدما رأت ردة فعلها
حتى لو سمير اتقدملك
صمتت ولم تتحدث وكأنها تحاول استيعاب ما تقوله لها كيف تتسائل عن هذا وهو لم يتجاوز أي شيء معها سوى نظرات وكلمات من خلف الجدار أكملت هدير بعبث وهي تتسائل
أفهم من كده إننا نرفضه!
صاحت مريم بعينين متسعة ووجه أحمر بسبب ما تستمع إليه لا تدري أهذا خجل أم ڠضب أم ماذا
ترفضوا مين!
أجابتها هدير بحنق وضجر مصطنع موضحة الذي لم تقوله إلا الآن
سمير.. مهو متقدملك الله اومال أنا بقول ايه من الصبح
وقفت مريم بلهفة وانتقلت لتجلس جوارها على الأريكة المقابلة أمسكت يديها الاثنين وأردفت بعدم تصديق
أنت بتتكلمي بجد!. يعني هو اتقدملي بجد عايز يتجوزني وكده
صاحت بتذمر واقتضاب وهي تشاهد عدم تصديق شقيقتها
اومال هياخدك يربيكي طبعا هيتجوزك
ابتسمت مريم بسعادة غامرة واتسعت ابتسامتها أكثر وأكثر كاشفة عن أسنانها البيضاء ولمعت عينيها العسلية بفرحة شديدة ثم أردفت بنبرة واثقة ملهوفة
موافقة... موافقة طبعا أكيد
نظرت إليها هدير ترى فرحتها وسعادتها اللامتناهية عندما علمت أنه يريدها حقا وأزالت أي مانع كانت تتحدث عنه عندما علمت أنه هو من يهواه قلبها فتحت لها ذراعيها لترتمي داخل أحضانها وهي تبتسم بسعادة غير مصدقة أنه شعر بحبها له شعر أنه يحبها هو الآخر ويريدها معه وله!.. كيف حدث ذلك!..
ربتت هدير على ظهرها بفرحة متسائلة بعتاب
بقى كل ده ومتقوليليش يا مريم.. يا ترى بقى كنتي مكسوفة ولا خاېفة
خرجت من أحضانها ونظرت إليها بخجل ووجهها تلون بالحمرة مرة أخرى وأردفت مجيبة إياها بهدوء وخجل
مكنتش خاېفة ولا كنت مكسوفة إني بحب بس كنت مكسوفة إني أجي أقولك أنا بحب واحكيلك حواديتي وأنت طالع عينك علشانا.. كنت حاسه إني أنانية
أجابتها وهي تبصرها بتدقيق وتتحدث بعمق وهي تتذكره هو تتذكر هروبه الدائم وعدم مصارحته بحبه لها وكأنه يبخل بفرحتها
لأ يا مريم الحب مالوش دعوة بأي حاجه في الدنيا دي بيجي من غير معاد في شخص القلب اللي بيختاره.. حاجه مالكيش دخل فيها إذا طلع بيحبك خير وبركة
استرسلت مكملة بضعف والحزن يظهر على ملامحها الرقيقة وكأنها أصبحت شفافة فجأة لمن أمامها
وإذا لا يبقى هتعيشي حزينة طول حياتك ويسلام بقى لو اتجوزك وهو مش بيحبك... يبقى يا حزن الحزن على رأي اللي بيقول
بعد أن رأتها هكذا أتى بخلدها أن جاد ربما لا يظهر حبه إليها أو... أو لا يحبها من الأساس تساءلت پخوف وضيق
هو الاسطى جاد.....
بترت سؤالها عندما رأت لمعة عينين شقيقتها على ذكر اسمه ونظرة اللهفة والشغف الذي ظهر فجأة دون مقدمات..
سألتها هي هذه المرة
ماله!
حركت رأسها يمينا ويسارا مردفة بجدية شديدة وهي تنفي حديثها كأنها لم تتحدث من الأساس
لأ لأ مافيش
علمت هدير ما الذي تفكر به مريم وقاربت على قوله لذا تحدثت بحب وابتسامة عن زوجها الرجل الذي يحمل الاحترام والمعاملة الطيبة داخله
جاد مفيش منه يا مريم.. حنين وجدع وطيب وصايني ومعيشني متهنية ومش مخليني محتاجه أي حاجه.. ياختي يارب سمير يبقى زيه
أكملت أخر حديثها وهي تبتسم بمرح ومزاح معها لتبتسم الأخرى مرددة بالدعاء أن يكون سمير مثل ابن عمه وتتحدث عنه هكذا بنفس لمعة العنينين هذه..
يارب
مرت أيام قليلة عليهم ببطء غريب لأول مرة يشعرون به وكل منهم داخله صراع مع نفسه يحاول أن يقرر أن كان هذا أو ذاك!..
ومن كان حقا يحارب وساوس وأفكار خبيثة تحمل بين طياتها مرض شرس يؤدي إلى الۏفاة بعد ثلاثون دقيقة متتالية هدير زوجة جاد الله أبو الدهب حبيب عمرها وأول من وقعت عينيها عليه أول من أبصرت على رجولته وقوته شهامته وأخلاقه عنفوانه المخفي وروحه الجميلة المرحة..
ألا تدرون أن بعد كل ذلك هو سبب
هذه الوساوس.. ألا تدرو
أحبته وبشدة دعت وبكت تخلت وتركت أبتعدت ثم أقتربت منه هو وحده ولم تفعل هذا إلا عندما تقدم هو أولى الخطوات إذا لم تأخذه من نفسه عنوة لم تلقي كرامتها عليه بل هو من أتى منذ البداية..
لما يفعل كل ذلك إذا!.. لما لا يتحدث ويلقي ما يخفيه داخل صدره معترفا بحبه لها قائلا قصائد وأشعار متغزلا في عينيها العسلية
الصافية!.. لما يخفي حبه أهو يراه عيب! يراه محرم! ترى ماذا يرى الحب أهو يراه شيء نقي غريب حساس يفتعل أجمل الذكريات ويشعرنا بألذ المشاعر!..
أم يراه السخف والضعف والخيبة يراه الغباء والفراق والألم الذي حل عليها بسببه..
لن تنكر أنه بعد كل ذلك يصدر أروع الكلمات في حضرتها ويتزغل بها حقا بينما خلفهم خلفية رومانسية وأمواج تتضارب بها معه وأيضا لن تنكر أنه يمتلك نظرة داخل رمادية عينيه لا تبصر أحد سواها منه وتعبر عن كل ما كنه داخله وربنا لو أن هناك غيرها لاكتفت بها فهي نظرة دافئة حنونة ناعمة محبة إلى أبعد حد من تأخذها من عاشق ليس لها الحق بأن تطالب بالحديث والاعترافات ولكنها غير!.
أنها غير الجميع مازالت تريد الإعتراف الذي يعدل خارطة حياتها ويضبط طريق زواجها ومن ثم بعدها تبادله ذلك وتعترف أنها تعشقه منذ عامين وأكثر!..
شيء واحد يمنعها عن فعل ذلك ليس ذلك العقل الذي يفكر بكثرة ويأتي إليها بالصداع النصفي ضاغطا عليها ملقيا برأسها أبشع المشاهد بينهم وليس قلبها الرقيق الذي ينبض به ويريده على أي حال سوى أن تحدث أو لا إنه كرامتها كرامتها التي صانتها منذ أن خرجت إلى العالم بصدر رحب لتسير على سطوره الغبية..
ستحاول مرة أخرى أن تصبر وأن تخفي تشتتها وضعفها واستحواذ تفكيرها على كامل وقتها ومعه..
وقفت أمام المرآة في غرفة النوم تنظر إلى نفسها برضا تام بعد أن انتهت من ارتداء ملابسها المكونة من فستان وردي اللون به نقاط بيضاء كما جميع فساتينها المحتشمة الجميلة والتي تعطيها رونق خاص بها وحدها يجعلها أجمل من الجميع في عين أي شخص يراها فستان صدره محكم عليها يهبط باتساع بسيط به ثلاث خطوت ملونة
متابعة القراءة