ندوب الهوي بقلم ندا حسن
المحتويات
كانت هذه كلمات مسعد الساخرة وهو يخرج هاتفه من جيبه ثم فتحه وضغط عليه عدة مرات متتالية وسار أمام جميع من يقف وهو يضع الهاتف أمام عينيهم ويتحدث بسخرية
أهو عشان محدش يكدبني.. دي صور بت الهابط وجاد الله وهما على السطح في نصاص الليالي ياترى بيعملوا ايه!. بيلعبوا استغمايه
سيبوني بقولكم.. مۏته على أيدي النهاردة
إلى الخلف فلا أحد يستطيع السيطرة عليه وهو هكذا..
بينما هي خرجت الدموع من عينيها على هذه الحالة التي وصلت إليها دون أن تفعل أي شيء فقط رفضت الزواج من ذلك الحيوان الذي لا يريد أي شيء سوى أن ينعم بها..
صړخ رشوان أبو الدهب في ابنه بعد صمت دام طويلا جاعلا الجميع يبتعد عنه
تقدم والده من مسعد ووقف على بعد مسافة صغيرة منه رفع عصاة مشيرا بها على صدر مسعد وتحدث أمام الجميع قائلا بهدوء
زي ما الكل سمع كلامك لازم يسمعوا كلامي... قولي يا مسعد أنت عايز ايه!
ابتسم بسخرية وتهكم واضح أمام الجميع ونظر إليه بغل مجيبا إياه قائلا
أنا جتلك لحد عندك أخطب البرنسس منك وأنت رفضت وطلع ابنك مدورها معاها يبقى لازم افضحهم قدام أهل الحارة كلهم علشان يبقوا عبرة وزي ما قال ابنك كل واحد يعرف مقامة ايه
وهو مش عيب من راجل كبير زيك إنه يخوض في عرض بنت من بنات الحارة... وخصوصا بقى لو كانت خطيبة ابني!..
استدار جاد بوجهه ناظرا إلى والده بدهشة واستغراب شديد لم يستطيع أن يخفيه في اللحظات الأولى من استماع هذه الكلمة ولكن سريعا تدارك نفسه وابتلع ما وقف بحلقه ناظرا إلى هدير في النافذة ووجد صډمتها لم تقل عنه أبدا اتسعت عينيها بدهشة وهي تستمع إلى حديثه غير مصدقة ما الذي تفوه به..
موافقتش عليك تتجوزها يا مسعد علشان كان جاد اتقدملها ومستنين الرد وعيب
أوي مننا نقول إنه خطيبها من غير ما يوافقوا.. علشان كده قولتلك لأ يا مسعد.... وبعدين قرينا الفاتحة والنهاردة كانت هتروح هي وأمها وأختها يختاروا الدهب مع جاد وسمير وكتب الكتاب لما أخويا ومراته يرجعوا ولا ايه يا أم جمال
أيوه.. أيوه يا حج رشوان جاد خطب هدير
تحدثت بهذه الكلمات بتوتر شديد والتردد بداخلها تخاف من أن يمحي كل ما قاله في لحظة كما وجد في لحظة..
انتوا عارفين يا جماعة إني راجل كبير ومش بتاع مشاكل لا أنا ولا ابني بس مسعد حاطط عينيه على واحده هتبقى مرات جاد الله رشوان أبو الدهب وهو اللي بياخدنا للمشاكل والمرة دي أنا مش هسكت لكن هسيبكم انتوا اللي تحكموا بعقاپة... لما يرمي بنات الناس كل يوم والتاني بالطوب يبقى يتعاقب
تحدث أحد الواقفين في الجمع قائلا
هو إحنا يعني يا حج رشوان مش عارفين مسعد بتاع الحته بميه ولا عارفين تربية سامي الهابط الله يرحمه
بينما آخر تحدث قائلا بجدية هو الآخر
الأول ألف مبروك للاسطى جاد والتاني مسعد يقعد في قعدة ويتحكم عليه بفلوس مهي بنات الناس مش لعبة وبعدين عايز تتجوز واحده قد بناتك يا راجل اختشي على دمك
تقدم مسعد من هذا الرجل وداخله يحثه على أن يبرحه ضړبا ولكن عصا رشوان أبو الدهب منعته عن ذلك قائلا
الراجل مغلطش يا مسعد دا قال الحقيقة.. قدام الكل ولو غلطان يقولولي هنعتبر دي القاعدة وأهي تبقى في حضور الحارة كلها كبير وصغير.. ميه وخمسين ألف جنية الجمعة الجاية يكونوا عندي نجهز بيهم البنات اللي أهاليهم مش قادرين يجهزوهم ويبقى ثواب ليك عند ربنا
تعالت أصوات الجميع منهم من يشكره والآخر يقول إن هذا الحل المناسب بينما الباقون فرحون بما حل ب مسعد لأنهم يعرفونه جيدا
بينما مسعد كان داخله ېحترق والنيران تنهش قلبه الغل يحرقه والحقد
يطفو داخله إلى آخره تفاجئ بما قاله ذلك العجوز عن هذه الخطبة الكاذبة لو لم يقل ذلك لكان فعل كل ما في رأسه في لحظة واحدة ولكن صبرا كل شيء بمعاده جيد..
ابتسم بخجل اصطنعه دون مجهود ليظهر الرجل الجيد وتحدث قائلا
سامحني يا معلم رشوان مكنتش أعرف وحيات عيالي لو كنت أعرف مكنتش عملت كده إن شاء الله قبل الجمعة تبقى الفلوس عندك وأنا راضي بحكمك
نظر إلى جاد قائلا بجدية شديدة وعينيه مثبته عليه بغل واضح له هو فقط وقد تبادله معه
ألف مبروك عليك البرنسس يسطا جاد
نظر إليها نظرة خاطفة ثم استدار وذهب من أمام الجميع يجر خيبته خلفه مقررا أنه لن يصمت هنا بل سيفعل المزيد إلى أن يصل لما يريده..
صړخ عبده بالجميع بحدة شديدة
يلا كل حي يروح لحاله
ذهب الجميع واحدا تلو الآخر وأشار رشوان إلى عبده ومن معه بالدخول إلى الورشة ثم تقدم من والدة هدير وهتف بجدية قائلا
بعد اذنك يا أم جمال هنيجي بالليل شوية أنا وجاد نحل الأمور
أومأت إليه عدة مرات متتالية وداخلها يقول إنه سينهي ما قاله حقا
تنور... تنور يا حج طبعا
أبتعد من أمامها بعد أن ابتسم لها بجدية وتقدم من جاد قائلا له أن يذهب خلفه إلى المنزل سريعا وفعل جاد كما قال له بعد أن ألقى نظره عليها وهو يذهب جاذبا سمير معه بحدة إلى الداخل..
طب وأنا مالي يا عم سيبني
نظر إليه جاد بحدة وأجابه بعصبية
أخرس خالص
سار معه على مضض وهو يراه ليس معه هنا من الأساس بل كان جاد في منطقة أخرى يفكر فيما فعله والده أمام الجميع وتحدث به وكأنه حدث بالفعل..
جذبت هدير أبواب النافذة للداخل لتغلقها وعقلها لم يستوعب بعد أن رشوان أبو الدهب أعلن خطبتها بابنه جاد! ربما لم تستمع جيدا! كيف لم تستمع وهو تحدث بكل شيء حتى أنه ذكر عقد القرآن!..
في مكان آخر تجلس به كاميليا مع إحدى صديقاتها والتي تدعى شهيرة كانت تتحدث معها بضيق واضح وانزعاج تغلب عليها بسبب زوجها الحقېر بنظرها..
أنت دلوقتي هتعملي ايه
نظرت إليها كاميليا بحيرة ولا تدري ما الذي ستفعله معه لتجعله يطلقها ويبتعد عنها أخفضت السېجارة من على فمها وتحدثت قائلة بانزعاج
مش عارفه هعمل ايه.. الواطي بيعمل راجل عليا مكنتش أعرف إنه هيعمل كده
نفثت دخان سجارتها واكملت حديثها بغل وحړقة
مكنتش أعرف إنه هيقوى كده بس بردو هيطلقني وهاخد منه القناة ڠصب عنه
مرة أخرى بغل واضح تحدثت وهي تسبه
الواطي
تحدثت شهيرة بهدوء وهي تلوي شفتيها متذكرة كم من مرة حذرتها سابقا
أنا قولتلك كتير إنه شكله مش سالك مسمعتيش
الكلام كل اللي كان هامك شكله
تقدمت الأخرى إلى الأمام قليلا ثم أمسكت بخصلات شعرها قائلة بحدة
وحيات ده لازم يطلقني واتجوز سيد سيده وأخد منه القناة وهفضل بردو كاميليا عبد السلام اللي مفيش زيها
رفعت شهيرة أحد حاجبيها باستغراب منتظرة أن تعلم ما الذي ستفعله
وده هتعمليه إزاي بقى..
لحد دلوقتي مش عارفه بس هطلع عينيه لحد ما يطلقني
قالت الأخرى بجدية محاولة أن تفهم كيف تفكر به الآن وما الذي يدور بخلدها
معتقدش أنه هيعملها بسهولة كده أنت بالنسبة ليه كنز
تشدقت كامليا قائلة بسخرية وتهكم لأنه الآن أصبح من الرجال أصحاب الأموال الكثيرة لا ينتظر امرأة لتقوم بالانفاق عليه
لأ.. لا كنز ولا حاجه أصلا مبقتش فرقاله هو بس بيعاند فيا
آه قولتيلي
نظرت إليها شهيرة بابتسامة سخيفة وداخلها تحتقر هذه الغبية الذي ترى كل شيء مال ومظهر ووجود كاميليا عبد السلام ولا ترى زوجها الذي تتحدث عنه بالسوء وأنه كان لا شيء وبمالها ظهر وأصبح له عمله الخاص ونسيت أنه أصبح هنا بفضل جهوده وتركيزه على أن يكون شخص ذو أهمية وكانت هذه الغبية هي اليد التي تمده بالمال بفضل الله.. إنه سيطلقها وأيضا سيعطيها مالها بالكامل ولكنه يريد أن يعذبها قليلا حتى تعلم ما مقامها ومن هو أنه لا يريدها من الأساس ف وجود زوجته شهيرة أغناه عنها!...
هو ده كل اللي حصل يا حج
هذه كانت كلمات جاد لوالده وآخرها بعد أن أخبره بكل شيء حدث بداية من تعرض مسعد إلى هدير وبالنهاية ما حدث في بيتهم قص عليه كل شيء حتى مقابلته
لها على السطح ليكون على دراية تامة وليقرر على أساس ما حدث لها وله وللجميع
أومأ والده بهدوء وهو يمط شفتيه للأمام وآمال رأسه قليلا ولم يتحدث نظر سمير إلى جاد باستفهام فنظر الآخر إليه ولوى شفتيه كدليل على عدم معرفته بما يفكر..
رفع والده نظره إليهم وتحدث قائلا بنبرة جادة وملامحه تظهر الجدية التامة حقا
هنروح النهاردة نخطبها ليك يا جاد
ابتسم سمير بسعادة واضحة عليه لما تفوه به عمه الآن ونظر إلى ابن عمه ليجده لم يبتسم لم يفرح ولم يظهر على وجهه أي شيء سوى تعابير الدهشة أو الاستغراب استمع إلى سؤاله الجاد
علشان أنت قولت أنها خطيبتي قدام أهل الحارة ولا علشاني يا حج
ابتسم والده وحرك رأسه يمينا ويسارا بخفة نظر إلى ولده وهتف بهدوء قائلا
لما لقيتك عايزها بجد.. بحق وحقيقي يعني فكرت كده مع نفسي وقولت يا واد يا رشوان هي البت دي ناقصها ايه يعني مهي زي الفل وتربيتي وأنا معتبرها هي وأختها زي عيالي تمام يبقى ليه أرفض
عاد بجسده إلى الخلف يستند بظهره إلى ظهر الأريكة وأكمل قائلا بجدية وهو يبتسم بوجهه وظهر حديثه صادقا للغاية لأنه كان هكذا حقا
كنت ناوي أقولك النهاردة الكلام ده ونروح نتقدملها بس مسعد كان رايد إني أقول الكلام ده قدام الحارة كلها قبل ما أقول ليك
ابتسم سمير باتساع مبادلا عمه بينما الآخر بقى مثلما هو لم يظهر عليه أي شيء ربما يحاول الاستيعاب وأن يتفهم ما قاله والده الآن إنه وافق دون شروط أي قبل كل ذلك!
خرج من شروده على صوت سمير وهو يتحدث قائلا بمرح ومزاح إلى عمه
بقولك ايه يا عمي دا شكله رجع في كلامه أنا هنا موجود في الخدمة
نظر إليه جاد بحدة وڠضب مجيبا إياه وهو يقترب منه بعصبية
أقسم بالله هعمل فيك زي اللي عملته
متابعة القراءة