ندوب الهوي بقلم ندا حسن
المحتويات
الاثنين حول
ولا عليا النعمة هلبسك الشاي اللي جاي ده في وشك وابقى وريني مين هتبصلك
ارتفع صوت ضحكات سمير بعد نظرة جاد الحادة الصارمة وحديثه إليه وقد وصل إلى ما كان يريده هو أن يجعله يثور ويغضب..
مد يده كما فعل الآخر وأخذ الشاي من على الصينية التي كان يقدمها إليه عيسى عامل المقهى الشعبي..
ارتشف منه بهدوء دون حديث ثم بعد لحظات أردف قائلا بجدية وعقلانية في الحديث
وضع كوب الشاي على الأرضية جوارهم بين المقعدين ونظر إليه قائلا بضيق وانزعاج
الله يرضى عليك يا عم سمير بلاش تعذيني في نفسي.. أنا عارف إني غلطان بس أهو اللي حصل
استرسل في حديثه بعد أن زفر بهدوء وقال بيقين
في الأول ولا في الآخر أنا راضي باللي ربنا كاتبه ومحدش يعرف يمكن على آخر لحظة تبقى ليا
ياما نفسي أبقى زيك كده
ابتسم جاد وهو يوزع نظرة على المارة بالحارة وتحدث قائلا بنبرة رجولية جادة وحنونه في ذات الوقت
يوم ما تبقى رايد حاجه من قلبك وعارف إن ربنا بس اللي يقدر يحققها هتبقى كده يوم ما تقرب من ربنا علشان تبقى أحسن ويبقى عندك إيمان وصبر هتبقى كده يا عم سمير
السلاموا عليكم منور يسطا جاد أهلا ياعم سمير
رد عليه الاثنين السلام بابتسامة عريضة وأردف جاد قائلا بترحاب وهو يشير إليه
اتفضل يا باشا.. اتفضل يا عم محروس
أجابه الآخر وهو يضع يده على صدره من الأمام مربتا عليه بينما يسير مكملا سيره بابتسامة ودودة
ترك سمير كوب الشاي من يده بعد أن وقف على قدميه ووضعه على المقعد مكان جلوسه وهتف بسخرية وتهكم قائلا
أنا ماشي يا عم اروح أشوف شغلي بدل ما أقعد اولول جنبك على حبيبة القلب
رفع جاد نظرة إليه على حين غرة بحدة جدية هذه المرة وكأنه يرفض أن تأتي بخلد أحد غيره
ما تحترم نفسك يلا
ولا تحترم ولا أحترم أنا ماشي سلام
في داهية
أتت رحمة بعد صلاة المغرب إلى منزل هدير لتخبرها ما وصل إلى مسامعها من والدتها كانت تفكر بأن تخبرها عبر الهاتف ولكنها عادت مرة أخرى
عن ذلك قائلة بأنها يجب أن تتواجد معها..
نظرت إليها هدير بقلق وريبة فهي منذ أن أتت تتحدث بمواضيع شتى ليس لها علاقة بهم وتوترها يظهر عليها بوضوح وهي تعلم أنها لا تكون في هذه الحالة إلا عندما تكون تخفي شيء سيء..
أنت مش على بعضك وحاسه إنك مخبيه عني حاجه في ايه يا رحمة..
ابتلعت رحمة ما وقف بحلقها ونظرت إليها بحزن شديد وهي تعلم أن هذا الخبر لن يكن هين على صديقتها التي احتفظت بحبها داخل قلبها لعله يرزق بمن أحب..
بصراحة كده فيه
نظرت إليها بتمعن منتظرة منها أن تكمل حديثها وتخبرها بما حدث وقفت رحمة على قدميها ثم اولتها ظهرها متحدثة بقلق وتردد
جاد.. جاد هيخطب بنت عم مروان البرنس
ايه!. أنت بتقولي ايه وعرفتي منين الكلام ده... أكيد كدب يا رحمة ما أنا قولتلك اللي قالهولي امبارح
كانت هذه كلماتها الحادة بعد أنه وقفت على قدميها هي الأخرى بعد استماع كلمات صديقتها عنه وعن أخرى غيرها وهو الذي بالأمس تحدث عنه وعنها! وأضاف إليها آمل لم يكن موجود من الأساس وهو من زرعه يود محوه بهذه السهولة..
استدارت رحمة إليها قائلة بجدية مضيقة ما بين حاجبيها
أنا دايما كنت بدعيلك لو شړ ربنا يبعده عنك ولو خير يقربه وأهو بعد يا هدير يبقى شړ.. احمدي ربنا
وزعت نظرها عليها پصدمة وذهول تام لا تستطيع الرد على حديثها الآن وعقلها يفكر بكيف ذلك وهو ألقى عليها كلمات يعلم أثرها جيدا!..
بس أنا كمان طلبت من ربنا إشارة أعرف بيها إذا كان بيحبني ولا لأ وهو اكدلي ده امبارح وبعدين ممكن يكون خبر كدب أنت عرفتي منين
أجابتها رحمة قائلة بحزن وضيق وهي تضع يدها على ذراعها مربتة عليه بدعم
أمه يا هدير هي اللي قالت لماما النهاردة أن الحج رشوان أتكلم معاه امبارح وهيتجوز قريب واتفق معاه أنه يخطبله بنت عم مروان البرنس وأنا أول ما عرفت جيت أقولك علشان متتعبيش نفسك كفاية لحد كده
جلست هدير على الأريكة خلفها بعد أن فرت دمعة وحيدة من عينها قائلة بحزن شديد يظهر على صوتها وملامح وجهها وكل شيء بها
طب وكلام امبارح يا رحمة.. وتصرفاته معايا كل ده ايه
ذهبت صديقتها إليها محتضنه إياها بشدة تربت على ظهرها قائلة بحزن هي الأخرى
هو مش غلطان يا هدير.. هو معشمكيش بحاجة احمدي ربنا أنها
جت على قد كده.. استغفري ربك كتير وركزي على مستقبلك وسيبيه هو كمان يشوف مستقبله
أبتعدت عنها ثم نظرت إلى داخل عينيها محذرة إياها من شيء أتى بخاطرها
هدير اوعي...
قاطعتها الأخرى بحدة وجدية شديدة قائلة وهي تمسح أسفل عينيها الدامعة وها قد ظهرت مرة أخرى شراستها
أنا عمري ما أعمل كده يا رحمة عمري ما أرخص نفسي بالطريقة دي لو هو آخر راجل على الأرض أنا اللي عايزني يجيلي لحد عندي ويطلبني ويقول إنه بيحبني مش أنا اللي اروحله أبدا
بعد وقت لم يكن قصير ذهبت صديقتها وتركتها وحدها بعد تقديم بعض النصائح لها لكي تبتعد عنه وتتخطاه وتنظر إلى نفسها وحياتها لتعود إلى الله وتقترب منه أكثر وأكثر حتى يقف جانبها وتتخطى هذه الأزمة سريعا..
جلست هدير على فراشها بعد أن أغلقت باب الغرفة عليها من الداخل وتركت عينيها تخرج كل الدموع الحبيسة داخلها وقلبها يتحدث بنحيب ارهقه طوال هذه المدة..
جلست بضعف وقلة حيلة تبكي على شخص أحبته داخل قلبها ونفسها فقط ليوفقها الله ويجعلها من نصيبه لقد أحبته بشدة وليس لنا على القلب سلطان إنه يفعل ما يشاء ونحن خلفه نصلح أخطاءه عامان كاملين وفي النهاية تكن هذه النتيجة!..
بكت وانتحبت كثيرا وهي تتذكر نظراته إليها رجولته الطاغية عليه عندما يعلم أن هناك من تعرض إليها حنانه وأخلاقه الظاهرة أمام الجميع لقد أحبته رغم عنها وبضعف منها..
شعور داخلها لا يوصف قلبها ېتمزق إلى أشلاء أو ربما ېحترق هي لا تدري ولكن تشعر بالخړاب الذي حدث داخله من بعد هذه الأخبار الحزينة.. تحبه إلى هذه الدرجة!. إلى درجة شعورها بأن قلبها سيتوقف الآن!
أنه جاد الله أبو الدهب أنقى الرجال وأفضلهم أنه من زرعت داخله الشهامة والرجولة من سار الحنان
إلى قلبه.. أحبته يا الله ولا تستطيع العودة بهذه السهولة
وضعت كف يدها على جانب صدرها الأيسر مكان قلبها تماما وسارت تسير بيدها عليه براحة وهي تشعر أنه يسلب منها وبكائها يزداد لحظة بعد لحظة..
نظرت إلى سقف الغرفة متمتمة داخلها بالاستغفار كثيرا ثم خرجت كلماتها بصوت عال مع شقاتها تملئ الغرفة
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين استغفر الله العظيم وأتوب إليه لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
هدأت قليلا بعد أن بقيت دقائق كثيرة تردد بالاستغفار مسحت على وجهها بيده الاثنين تزيل دموعها بينما مازالت شهقاتها مستمرة وتحدثت بضعف وحزن ناظرة إلى الأعلى
يارب شيل حبه من قلبي لو كان فعلا رايد غيري
استمعت فجأة إلى صوت جمال شقيقها ينادي بحدة مسحت بيدها على وجهها مرة أخرى ثم وقفت على قدميها متوجهة إلى باب الغرفة وفتحته وجدته كان يتقدم إليها فنظرت إليه باستغراب متسائلة
في ايه
أردف بجدية شديدة ونظرة صارمة وهو يتقدم منها ووالدته خلفه وشقيقته مريم
اسمعي بقى أما أقولك أنا وافقت على مسعد واديت كلمة راجل ومش هرجع فيها
رفعت والدتهم يدها وضړبت على صدرها پصدمة وصړخت به قائلة پغضب
يالهوي على خلفتي السودة هو مفيش ورانا كل يوم غير مسعد مسعد مسعد.. ما رفضته وانفض المولد
نظرت إليها هدير نظرة جادة واثقة بذات الوقت وتحدثت قائلة بهدوء وكأنها لم تكن تبكي منذ لحظات وعينيها حمراء وظاهرة بقوة
ما تسيبيه يقول اللي هو عايزة.. يبقى يتجوزه هو
صړخ بها شقيقها مردفا بحدة وهو يجذبها من معصمها بشدة
بت أنت بلاش استهبال أنا قولتلك اديت كلة راجل....
قاطعته بحدة وڠضب وهي تجذب يدها منه بعصبية صاړخة به وكأنها ترى الشياطين أمامها وليس شقيقها والآن حدتها وشراستها المعهودة على من يتطاول عليها تظهر له
راجل مين يابو راجل.. الراجل ده اللي يشتغل ويصرف على بيته ويحمي أهله الراجل اللي الرجولة والشهامة بيمشوا في دمه اللي يشقى ويتعب علشان يداري عضمه ولحمه من عيون الناس مش أنت يلي طول النهار نايم وطول الليل على القهوة مع الصيع بتوعك.. فوق لنفسك يا جمال دا أنا اللي بصرف عليك من فلوسي.. بتاكل وتشرب من فلوسي ولو عايزاك تطلع بره البيت بكلمة مني للحج رشوان هيرميك بره.. فوق لنفسك وأرجع عن اللي في دماغك
حك مقدمة لحيته بعد أن استمع إلى حديثها رافعا أحد حاجبيه نظر إليها قائلا بمكر وخبث
افهم من كده ايه
أقتربت منه هدير قائلة بسخرية وتهكم وهي تنظر إليه ب اشمئزاز واضح كما نظرت إلى مسعد
لو واخد منه فرش ولا عليك فلوس من الحاجات اللي بتوزعها ليه قولي وأنا اديلك بدل ماهو لاوي دراعك كده
جذبها من خصلات شعرها بحدة وعصبية على حين غرة وهو يسب بشتايم بشعة داخل أذنها بعد أن استفزته بحديثها الذي يقلل من رجولته أمامهم جميعا
طب عليا الحړام ما أنت طالعه من البيت ده ولا الاوضه دي إلا على بيته
حاولت والدته جذبه ليبتعد عنها بينما ضړبته مريم على ظهره بحدة وقوة تحاول التحلي بها أمامه وهي
تطلق الدعاء من فمها عليه لما يشاهدونه على يده
داهمها هذا الألم الشديد وشقيقتها ووالدتها لا يستطيعوا أن يجعلوه يبتعد عنها صړخت به بحدة وهي معدته بقبضة يدها
والله لو آخر يوم في عمري يا ابن أبويا ما هتجوزه
تعالت صرخات مريم وهي تراه يصفعها بحدة وعصبية على وجنتيها الاثنين ثم أتى بالصڤعة الثالثة التغلب عليه وتراه وهو يقوم بضړب شقيقته الصغرى دون وجه حق.. لقد عانت منه كثيرا بعد ۏفاة والده والآن وصلت إلى مرحلة أنها لا تستطيع حماية بناتها من بطشه..
أخذت مريم حجاب صغير منزلي وجدته على الأريكة في الصالة لوالدتها وذهبت إلى باب الشقة وفتحته لتذهب إلى الخارج مهروله تأتي بأحد ينقذ شقيقتها والدموع تخرج على جنتيها..
وجدت جاد
يدلف من باب المنزل صړخت
متابعة القراءة