ندوب الهوي بقلم ندا حسن
المحتويات
يجعلها تود أن تخنق نفسها من اختياراته الغبية
لا يا شيخ يعني عفش الشقة كله لونه بني داخل غامق
وعايز كمان اوضه الأطفال غامقة دا ايه الدماغ دي
هتف بسخرية وهو يضحك بسبب تحولها وهو الذي كان يود أن يضايقها لتقع بفخه سريعا
مكنتش غامقة كانت رصاصي
فعلت مثله وأردفت بسخرية وضجر واضح
جاد ممكن تسكت دا على
أساس يعني أن الړصاصي ايه
ياستي ماشي.. بس ايه كل الحاجات الحلوة اللي في الدولاب دي مكنتش أعرف أن ذوقك جامد كده
لم تفهم عن ماذا يتحدث فسألته عاقدة بين حاجبيها باستغراب
حاجات ايه
ضحك بشدة حتى أنها استغربت ضحكاته فأجابها بخبث وهو يغمز بعينيه وكأنها تراه
يا وحش الحاجات الهشك بشك
آه يا قليل الأدب... أنت مين قالك تطلع الشقة وتشوف اللي فيها أصلا مش اتفقنا نتفرج عليها ركن ركن سوا
وقف على قدميه وابتسم بسعادة بعد أن استمع صوتها المنزعج ثم أخذ يسير في الغرفة ذهابا وإيابا وهو يتحدث بجدية
بصراحة مقدرتش أقاوم وبعدين متستعجليش هخليكي تشوفي ركن ركن زي ما قولتي
النهاردة تعبت أوي في الحنه أنا ما صدقت أنها خلصت
زفر وهو يتذكر الذي فعلوه هو وأصدقائه في الشارع لتوديع عذوبيته
ومين سمعك أنا اتهديت مش تعبت... الشارع كله كان مسدود من اللي فيه وصحابي مخلوش فيا نفس من كتر الرقص
كنت سامعه كل حاجه.. كويس إني عملتها هنا على الضيق مش عارفه كنت هعمل أي بجد
أردف مبتسما باتساع
المهم أننا فرحنا واللي حوالينا فرحوا
عندك حق
قالت والابتسامة مازالت على وجهها وهي تتذكر وقفة سمير الجادة معه وكأنه زفافه هو
على فكرة سمير تعب معاك أوي.. ولا كأن هو اللي بيتجوز
لو متعبش ليا يعني هيتعب لمين الواد ده
يا ساتر عليك.. كلمة شكر للراجل حتى تصدق لما أقابله هقوله
للحظة شعر بالغيرة لكونه تخيل أنها تتحدث معه بأريحية رغم أنه يعلم أنها لا تفعلها ولكن شعور الغيرة منذ أن أصبحت زوجته يزداد داخله دون دراية منه
وهتقوليله ايه إن شاء الله
هقوله إني بشكر فيك وبقول قد ايه أنك تعبت علشانا وقد ايه أنت شخص كويس وفي المقابل الاسطى جاد مش عاجبه
جلس على الفراش وأخذ الهاتف للناحية الأخرى من جديد وأردف بنبرة رجولية جادة ليس مثل السابق
هو أنت وقفتي مع سمير قبل كده
شعرت بتغير نبرته للجدية التامة فأجابته بجدية هي الأخرى وهي تعتدل في جلستها على الفراش
لأ أبدا هو بس لما بيشوفني في الشارع أو حاجه بيسلم عليا وبيقولي لو محتاجه حاجه مش أكتر من كده... بصراحة شخص ذوق يعني
تمام
استغربت تغيره المفاجئ دون داعي فقط من بضع كلمات عن ابن عمه ولا تعني أي شيء أنه يغير عليها غيرة مفرطة ولكن ليس لهذه الدرجة
مالك في ايه
نفى وجود شيء ما به ثم غير الحديث سريعا إلى شيء آخر وهو يسألها بجدية
مفيش حاجه... أنت هتروحي الكوافير بكرة من امتى
الساعة اتنين
وقف على قدميه ثم هتف بجدية
طيب يلا تصبحي على خير.. أنا تعبان ومحتاج ارتاح شويه
نادته بلين ورقة عبر الهاتف
جاد
نعم
تحدثت بجدية تتغلغل بها مشاعرها المفرطة تجاهه وودت أن تقول هذه الكلمات حتى تبعد عنه انزعاجه الذي أخذه منها في لحظة خاطفة
على فكرة أنا مش شايفه حد غيرك!..
ابتسم بهدوء شاعرا بحبها الشديد له قابلها بنفس الكلمات اللينه والشوق يزداد داخله
وأنا مش شايف حد غيرك تصبحي على خير
وأنت من أهلي يا جاد
أغلق الهاتف واستدار ليجد صورته منعكسه بالمرآة فنظر إليه بجدية غدا ستصبح زوجته سينتقل معها إلى عش الزوجية ويقص عليها كل ما أخفاه عنها ستكون حياتهم سويا تبنى على طاعة الله هذا ما قرره داخله..
يعلم أن أفكاره مشوشه ولا يستطيع التفكير في شيء واحد فقط بل ينزحم عقله ويدلف باشياء أخرى ولكن هناك شيء واحد الذي يهمه..
وهو التقليل من الغيرة الغبية التي تجعله ينزعج من أقل الأشياء حتى وإن كانت تافهة..
نظرت إلى سقف الغرفة بعد أن أغلقت الهاتف والأفكار تتزاحم داخل عقلها بكثرة عن كثير من المخاۏف القادمة وبدايتها غدا..
توتر تشعر به أي فتاة في مثل ذلك الموقف رجل ستتحمل مسؤوليته وتكون هي عمود المنزل الجديد الذي ستذهب إليه وغير
ذلك كثير داخلها كلما فكرت به شعرت بصداع شديد..
اليوم قررت التخلي عن هذا الصداع ووقفت على قدميها لتأخذ كتاب القرآن الكريم من على الكومود وجلست على الأريكة معتدلة لتقرأ به قليلا وليكن خير فاتح لحياتها القادمة متناسية أي شيء وأي تفكير آخر..
منذ صباح اليوم التالي والجميع يعمل على قدم وساق فاليوم زفاف جاد و هدير..
هي ذهبت في الساعة الثانية ظهرا مع شقيقتها وصديقتها إلى صالون التجميل لتخرج منه العروس
التي رسمتها داخل مخيلتها كثيرا..
بينما هو استيقظ الساعة الواحدة ظهرا بعد أن هبط إليه سمير ليجهز أشيائه ويكون على أتم الاستعداد لهذا اليوم..
هبط والد سمير ووالدته إلى شقة جاد ليجلسون بها مع جميع الأقارب الذين انتوا إليهم ليكونوا من حاضرين الزفاف وصعد جاد إلى شقة عمه ليتجهز فيها ويذهب إلى عروسه..
ومثل العادات المعروفة في الأماكن الشعبية أتى إليه الحلاق بكامل أدوات الحلاقة وأدوات التجميل الرجالية والتي لم يكن يحتاج إليها جاد من الأساس فوسامته الطبيعية تكفي..
بدأ الحلاق بعمله حيث أنه بطلب من جاد خف خصلات شعره قليلا للغاية وكأنه لم يفعل به شيء من الأساس فقط جعله يتساوى مع بعضه ثم بدأ بحلاقة ذقنه ومثل ما فعله بخصلات شعره فعله بذقته فهو يحب مظهرها وهي نامية ليست ناعمة وليست تعج بالشعيرات الكثيفة التي تجعل مظهره بشع كما يرى..
ومازال وضع شاربه كما هو فلا يحب أن يأتي ناحيته بالنسبة إليه هذا أهم شيء بوجهه شاربه الذي يميل لونه إلى البني..
أخذ كثير من الوقت وهو يفعل له كثير من الأشياء ليبدو مظهره في النهاية يسحر من يراه..
ذهب إلى المرحاض بعد ذلك ليستحم ويخرج ليستعد للذهاب إلى عروسه..
فعل ذلك حقا خرج من المرحاض وهو يرتدي ملابسه الداخلية ودلف إلى غرفة سمير وحده ليكمل ارتداء ملابسه كانت البدلة عبارة عن بنطال أسود اللون يعلوه قميص أبيض بأزرار سوداء ارتداهم وأخذ بيده حزام البطال وجاكت البدلة ذو اللون الأسود وذهب إليهم مرة أخرى ليكمل آخر اللمسات ويذهب أخيرا..
أنهى الحلاق تصفيف خصلات شعره ووضع الرائحة العطرية له ثم أكمل ارتداء ملابسه واضعا
لقد ظهر غاية في الوسامة والأناقة بطوله الفارع وجسده الرياضي الذي يظهره وكأنه من أحد ممثلي التلفاز كان يظهر وكأنه الرجل الوحيد الذي يحمل كل هذه الوسامة بعينيه الرمادية ذات القابعين داخل شقتهم مع والدته وزوجة عمه ثم أطلقوا عليه كم هائل من الزغاريد التي ازعجته وجعلته يكرمش ملامح وجهه بسبب هذا الصوت الرفيع الذي يهبط على أذنه بلا هوادة..
أخيرا انتهى من أهل الشارع القابع به هو الآخر ثم صعد إلى السيارة صاحبة اللون الأبيض المزينة على أكمل وجه لتليق بعروس الليلة جلس في المقعد الأمامي جوار سمير الذي تولى مهمة القيادة وانطلقوا بها إلى صالون التجميل المتواجدة به العروس وخلفهم سيارة سوداء يقودها عبده وأخرى خلفها يقودها حمادة وبعض الدراجات الڼارية التي أتوا بها أصدقاءه ليفعلوا جو حماسي وينشرون الفرحة في هذه الليلة..
وصل إلى الصالون بعد مدة تقدم إلى الداخل وحده وهو يحمل على يده باقة من الورود لونها أبيض هادئ ومظهرها رائع ابتسمت له إحدى العاملات وهي تفتح له الباب فتقدم إلى الداخل بينما في الخارج أخذ أصدقاءه يفعلون حركات دائرية بالدراجات الڼارية وصوت إنذارات السيارات والدراجات يرتفع وهم يصفقون بحرارة والابتسامة تكاد تخترق وجوههم..
تقدم إلى داخل الصالون ليقف في منتصف الصالة وخرجت إليه مريم مبتسمة بسعادة وخلفها رحمة نظر إليهم والابتسامة على وجهه ولم يفكر في أي شيء غير أنه يريد رؤيتها!..
أشارت إليه العاملة بهدوء ليتقدم منها يسير بهدوء إلى أن وصل إلى الغرفة المتواجدة بها حبيبته فتحت له الباب فدلف إليها والتوتر يحاول التغلب عليه ولكنه لن يتركه وجدها تعطي ظهرها إليه وهناك من يقف أمامها يوثق اللحظة
بتلك الصور الفوتوغرافية لم يكن يظهر منها أي شيء سوى أنه يرى فستان الزفاف!..
تقدم مرة أخرى بقدمه ودقات قلبه تزداد عڼفا وقوة بينما يده تقبض على الورود بشدة وعينيه مثبته على ظهرها هل الموقف صعب!. أو أنه لا يستطيع المواجهة
ابتسم وهو ينظر إليها كما طلب منه المصور ثم تقدم وتقدم وكان داخله يعد خطوات قدمه التي ستوصله إليها.. يا له من ساذج..
سار ليقف أمامها ولينظر إلى وجهها!.. وجهها الذي سلب منه عينيه غاية في الجمال والرقة وجهها وكأنه وجه طفلة صغيرة لا تعرف منحنيات الحياة لم ترى خبث البشر وخداعهم كل يوم يرى بها الجمال وكأنها أول من عرفه..
نظر إلى وجهها وعينيه تتوجه به دون كلل أو ملل ينظر إلى عينيها العسلية التي لم تغير لونها في مثل هذه الليلة بل بقيت على وضعها الساحر يزينها كحل أسود جعلها بارزة برسمه رائعة وذلك النمش الذي يظهر مثلما هو في وجهها يبدو أنها لم تغير أي شيء أنه يزيدها جمالا فوق جمالها برقته ولونه البني الهادئ..
والشيء الوحيد الذي تغير في وجهها هو لون شفتيها لقد حملت اللون الكشميري الهادئ لتكن هذه
زينتها في هذا اليوم وهذه الليلة التي لا تعوض وكانت غاية في الجمال والرقة دون أن تضع كثير من المستحضرات التجميلية التي ليس لها أي فائدة سوى أنها تعصي الله بها بحجة أن هذه ليلة العمر وعلينا أن نفرح بها قدر الإمكان..
أخفضت عينيها بخجل عنه بعدما رأت نظرة المصور لهما وهو مثلما هو لم يتحرك أو يبعد عينيه ربما نسي أين هم وأكمل النظر إليها وهو يرى حجابها الذي أظهر وجهها فقط وفستانها الرائع فستان الزفاف لقد كان كبير للغاية ويأخذ مكان كبير بأكمام طويلة
رفعت وجهها إليه مرة أخرى وأشارت إليه بعينيها ليتحرك فكانت العاملة وقفت لتنظر إليه وهو يبحر في مظهرها بعيون براقة تظهر لها الحب وجلس المصور بعد أن أخذ الكثير من اللقطات وهو ينظر إليها منتظرا أن ينتهي ويتحرك..
قدم إليها جاد باقة الورود بعد أن تنحنح بخشونة والابتسامة تغزو شفتيه بقوة وقلبه لا يستطيع
متابعة القراءة