عاشق للنهاية
المحتويات
الذي كان بيده على سطح المكتب بضيق انتبه له الآخر ليترك هو أيضا ما كان يعمل عليه ويرمقه عدة لحظات بتفحص ثم ما لبث أن يسأله بفضول استبد به
هو انت لسة برضوا متأثر بموضوع البت اياها
تجمد يطالعه بنظرة خاوية وأعين فقدت لمعة الشغف والحياة الصاخبة ليزفر طاردا كتلة كثيفة من الهواء المشبع بإحباطه قبل أن يقول اخيرا
سأله مرددا باهتمام
خلاص إيه
زاد عبوس الاخر ليطرق بأطراف أصابعه على سطح طرقات رتيبة مملة والكلمات تخرج بصعوبة منه
أنا عرفت انها كتبت كتابها امبارح على الزفت جارها شادي اللي ساب الشغل عندي وراح اشتغل في فندق منافس بوظيفة أعلى نظرا لكفائته إللي انا عارفاها كويس.
أنا مكنتش اعرف ان الموضوع اتطور معاك للدرجادي بس يعني... دي مش اخر الدنيا والستات على قفا من يشيل.
لا يا كارم عمر الموضوع ما كان كدة.
قالها عدي بصدق ما يعتمل بصدره ليستطرد بصوت طغى عليه الشجن
أنا دلوقتي بس إتأكدت إن امتلاك سيدات العالم كله بملكات الجمال اللي فيه ما تساويش نظرة واحدة من ست انت بتحبها وتحبك بجد.
ابتلع مرار حلقه متذكرا حديثه الاخير معها حينما علم بحضورها في أحد الايام كي تنهي إجراءات فسخ العقد مع الفندق فركض بخطواته السريعة كي يلحق بها قبل أن تغادر وكأنه يتشبث بفرصته الأخيرة معها.
عدي باشا إيه في حاجة
لم يلتفت له بل انصب تركيزه على من كانت جالسة مقابله تناظرة بتحدي ولم تتحرك بها شعرة واحدة فرد يجيب الاخر وعينيه لم تتزحزح عن عنها
سيبنا لوحدنا دلوقتي يا حمدي.
اعترض الاخير بعدم تقبل
اسيبكم ازاي يعني صبا اساسا بتخلص ورقها وماشية.
عادي يا أستاذ حمدي مفيهاش حاجة......... دا مهما كان برضوا كان رئيسي وصاحب الشغل اللي كنت باكل منه عيش.
كلماتها المنتقاة بذكاء اللجمت حمدي عن المعارضة وساهمت في ارتخاء الاخر وقد اتخذه بادرة جيدة منها ثم بالطبع استجاب الأول ليخرج محترما رغبتها وثقة تامة في رجاحة عقلها.
إنتي بجد مخطوبة لشادي يا صبا
ردت بهدوء وصراحة أيضا
هي لسة مبقتش خطوبة رسمي يدوبك كلام في بدايته.
توسعت عينيه بذهول ودائرة الأمل تتوسع بداخله ليردف
طب كويس أوي يعني ينفع صبا تقبلي طلبي مدام لسة مفيش اتفاق ولا خطوبة رسمي قولي اه وانا مستعد انفذ كل اللي تقولي عليه أكيد عرفتي كويس اوي دلوقتي إن انا محتاجلك قد ايه وعايزك ازاي
سألته بما يشبه الأختبار
في السر برضوا ولا عرفي
نفى سريعا وقد تغلب الشوق على العجرفة التي كان يتمسك بها
زي ما تحبي يا صبا لو عايزة إشهار والدنيا كلها تعرف انا مستعد.
دلوقتي!
تمتمت بها فطالعها بعدم فهم قبل أن تردف نحوه بانفعال
حضرتك جاي دلوقتي تعرض عليا الجواز بعد ما زقيت ميرنا عليا أنا وصاحبتي
احتج پعنف ينكر بكذب مكشوف
يا صبا البت دي كدابة بلاش تصدقيها دي اكيد بتألف من دماغها انا لو مش عايزك في الحلال مكنتش جيت اعرض عليكي الجواز من تاني اهو.
تكتفت بذارعيها ترمقه بتمعن لتزيد من توتره قبل أن يخرج ردها
عارف يا عدي باشا انا ممكن اصدق كلامك في إني عجبتك او ممكن تكون حبيتني على فكرة مع ان دي مش متأكدة منها بس اللي انا متأكدة منه هو انك شوفتني واحدة زي أي واحدة تقدر تجيبها بفلوسك طبعا عشان الفرق الخرافي في المستوى ودي مقدرش الومك عليها بس انا كمان محدش يلوم عليا لم ابقى معتزة بنفسي ومبقلش بواحد يشوفني اقل منه حتى لو كان بيعشقني بجد مش كمان كل محاولاته في القرب مني كانت بالغلط........ يا باشا دا انت حتى لما حاولت تصلح جيت واتقدمت لأهلي انك تتجوزني في السر وغرورك صورلك ان احنا ما هنصدق ونتمسك بالفرصة.
للمرة الأولى يتمكن شخص ما من جعل عدي عزام يشعر بالخزي لقد كانت قوية لدرجة جعلته يسبل أهدابه عن مواجهتها في إحدى المرات قبل أن يتمسك بغروره الواهي في الإنكار رغم فشله لقد كانت رحيمة حينما أنهت لقاءه بها سريعا وقد استكفى من هذا الكم من الحقيقة التي ألقتها بوجهه.
على قدر رزانتها في الحديث على قدر قسۏة الكلمات التي كانت تلسعه كالسياط لعلمه التام أنها محقة في كل حرف تلفظت به لقد كان يبتغي التغير والتمرد ونسي أن التغير لابد أن يكون بداخله
عدي انت سرحت
تسائل بها كارم لينتشله من دوامته قبل ان يجفله رنين الهاتف أيضا فتناوله سريعا يجيب الإتصال الغريب من زوجته
الوو.... أهلا يا ميسون.
وصله صوتها بصړاخ
عدي الحقني يا عدي.
بخطوات وئيدة حريصة خرجت من حمام الغرفة تلف رأسها بالمنشفة البيضاء بعد أن أنعشت جسدها بالماء الدافئ والمعبأ بالروائح العطرية التي تعشقها كي تستعيد بعض من روحها القديمة بجرعة من الرفاهية والدلال فقد سأمت المشفى وملازمة الفراش طوال الفترة الماضية ما زال الدوار يكتنفها على أقل حركة رغم اختفاء بعض الأعراض الأخرى مثل الرنين في الأذن والإرهاق الدائم وكثرة النوم والحساسية من الضوضاء وضعف التركيز والذاكرة وغيرها من الأشياء التي كانت تفقدها صوابها في بعض الأوقات. وتبقى معه الصداع الذي يأتي ويجيء رغم كل الإحتياطات والعلاجات.
حاسبي يا رباب.
تفوه بها مرافقا لذراعيه التي تلقفتها فور ان أهتزت بسيرها وتابع بسؤاله بعد أن تفحص وجهها جيدا
لسة برضوا الدوخة
رفرفت بأهدابها قليلا ثم أومأت رأسها بخفة لم ينتظر مزيدا من الشرح دنا بذراعه الاخر يحملها من أسفل ركبتيها والمئزر الأبيض الذي كانت تريديه ثم ذهب بها إلى الفراش يريحها عليه بكل حذر وقال معاتبا
ما استنتيش ليه على ما اطلعلك مكانش ليه لزوم أبدا تعملي أي مجهود من غيري.
اشرق وجهها بابتسامة ضعيفة لترد
ويعني انا عملت ايه بس انا أخري بس غطست في البانيو.
برضوا كان لازم تستنيني وانا اساعدك.
قالها منشغلا بشد الغطاء على جسدها فضحكت بصوت مكتوم لتردف بمشاكسة
إنت باينك استحلتها يا كارم وانا اللي فاكراك بتساعدني لكرم أخلاق منك مش لأغراضك الدنيئة.
بادلها هو الاخر الضكك ليندس بجوارها اسفل الغطاء الذي غطى نصفه وقد استلقي بنصف نومة وقال معترفا
بصراحة اه منكرش دي كانت من أجمل المهمات على قلبي.
خبئت إبتسامتها مع تذكرها للمجهود الخرافي الذي قام به طوال الفترة الماضية ليوفق بين رعايتها ومزوالة عمله بالمنزل ف الټفت ذراعها حوله لتريح رأسها بعناقه وتمتمت بهمس
أنا تعبتك أوي معايا يا كارم حملتك فوق طاقتك بصراحة مكنتش اتخيل ان عندك روح المساعدة والصبر دا كله عليا.
قبلها فوق رأسها بخفة متقبلا نقدها ليقول
فاهمك
متابعة القراءة