جاسر
المحتويات
الفصل_الأول
فات الميعاد
وبقينا بعاد بعاد
والڼار بقت دخان ورماد
فات الميعاد
تفيد ب أيه يا ندم يا ندم
وتعمل ايه يا عتاب
طالت ليالي ليالي الألم
واتفرقوا الأحباب
كفايه بأه تعذيب وشقى
ودموع فى فراق
ودموع فى لقى
تعتب عليا ليه
انا ب ايديه ايه
فات الميعاد فات الميعاد
ظلت تتأمل منظر مياه النيل والذي تلون ب أشعة الشمس الحمراء وقت الشفق لينعكس عليه ب بريق أحمر ڼاري يوازي النيران المندلعة في قلبها..وإلتفت أصابعها ب درجة أكبر على قدح الشاي الأخضر الذي تحتسي وبدأت تشرد في أخر ذكرى جمعتهم سويا منذ ما يقرب سنتين...
حين دلفت المطبخ ب ذلك المنزل في أحد أطراف المدينة..كان وجهها متجهما ب درجة كبيرة وعيناها ترسلان إشارات غاضبة ب وضوح..حينها لمحته يقف في زاوية المطبخ ب جانب طفلته التي وضعت يدها على فاها قائلة ب ذعر
الطبق إتكسر يا بابي!!..
وحين كاد أن يرد رفع وجهه ليقابل وجهها المتجهم تضع يديها في خصرها وقدمها تطرق على الأرض ب عصبية..عيناها كانتا مسلطتان على شظايا الصحن والذي تحبه ب شدة..وبلا تفكير أشار إلى طفلته وقال ب ملامح مذعورة و نبرة بريئة ك براءة طفلته
شهقت الصغيرة وقالت ب حنقحرام..مش تكدب يا بابي..اللي بيكدب بيروح الڼار...
زجرها ب عينان حادتان ولكن الصغيرة لم تأبه له ف أكملت وهى تنظر إلى والدتها
هو اللي كسره يا مامي
تشدق ب عبوسكدا تفتني عليا يا جوجو!!..هى دي أخرة الأبوة اللي بينا
تخصرت الصغيرة ك والدتها وقالتأنت اللي كدبت..وأنت بتقولي مش تكدبي وقولي الحقيقة ومش تخافي
هتفت هى ب قوةبس...time out وقت مستقطع
ثم أشارت إلى طفلتها ب صرامة
خشي أوضتك يا جلنار..وخلي بالك وأنتي ماشية عشان مش تتعوري
ردت الطفلة ب طاعةحاضر يا مامي...
وقبل أن ترحل إلتفتت إلى والدها ثم أخرجت له لسانها وركضت..بينما جاسر هتف ب حنق
يلا يلعن أبو تربيتك...
أنتي فاكرة نفسك بتعملي إيه!
رفعت أحد حاجبيها ثم قالت ب بساطةهنضف المكان...
إلا أنه رفعها من معصمها وهتف ب نبرة لا تقبل الجدال
أمالت رأسها إلى أحد الجوانب مع إبتسامة رائعة..ولكنها تساءلت
كنتوا بتعملوا إيه!!
تنحنح وقالبنتك كانت عاوزة تاكل كورن فليكس
إرتفع حاجبيها وقالت ب تعجببجد!!..هى هتاكل كورن فليكس ف كل الطبق دا
تنحنح ب حرج ثم قال ب خفوتمنا كنت هاكل معاها...
إنفجرت ضاحكة على زوجها والذي كان ممتعض الملامح ثم قال ب ټهديد
سكنت ثم قالت ب نبرة ذات مغزى
وياترى هتعوضني إزاي!
إبتسم ب مكر ثم دفعها إلى البراد خلفها وقال كدا...
.وبعدما إنتهت عاصفة تعوضيه حتى إستند ب جبهته على جبهتها وهمس ب خفوت
بعشقك يا فراولتي...
عودة إلى الوقت الحالي
رغما عنها إنحدرت دمعتان منها على ما كان..وبعد تلك الذكرى كان الفراق الحتمي..اليوم هو موعد عودته بعد غياب دام ثلاثة أشهر لم تخلو فيها من تذمرات فتاتها..وإبتسمت روجيدا على سذاجة طفلتها ف هى تتذمر على عدم رؤيتها لوالدها لمدة ثلاثة أشهر أما هى ف ماثلتهم عددا وأضعاف...
أبصرت وجهه المبتسم حتى إبتسمت هى الأخرى ثم قالت ب رقة
صباح الخير
مال على
وقالصباح الورد والفل والياسمين...
وما بين كل كلمة كان يوثق ب صك ملكية صغير..مد يده ب زهرة حمراء قائلا
وأدي الورد...
إعتدلت في جلستها ثم أخذت منه الزهرة وإبتسمت..هذا هو ما يفعله كل صباح منذ أن تصالحا في ما يقرب خمس سنوات..تذكرت ما أن أفاقت و وجدته ب قربها حتى صړخت وبكت ب هستيرية .. حينها إندفع جاسر إلى الداخل آمرا شقيقه أن يخرج...
سحب مقعدا وجلس أمام نادين التي أخذت تشهق ب بكاء حار ثم تشدق ب إبتسامة حنونة
أزيك يا نادو
لم ترد عليه وأكملت بكاءها الحار ف تنهد تنهيدة حارة ومال ب جسده ثم قال ب ثبات
لو عاوزة تنفصلي أنت وسامح..أنا معنديش مانع
حينها نظرت إليه ب هلع وسكن بكاءها عدا ذلك النشيج الطفيف..ف إبتسم جاسرب خبث وقال
ها!!
ف ردت عليه ب تلعثمي..يعني..إيه!
عاد جاسر ب جسده إلى الخلف ثم أكمل ب هدوء
يعني حقك يا نادين..سامح غلط ف حقك ولازم يتوضعله حد..ف لو عاوزه تبعدي عنه وتريحي قلبك..أنا معنديش مانع ب العكس أنا هقف جمبك...
ظلت تنظر إلى ب توتر ولم ترد..بل أخفضت رأسها ب يأس..إبتسم هو ثم نهض وجلس على طرف فراشها رافعا ذقنها إليه وقال ب حنان وكأنه والدها
أنا كدا وصلي ردك..أنا عارف أنك بتحبي سي سامح..بس لازم تعلميه الأدب وتخليه يهدى ويعقل ويبطل تهور..ف أنت إيه رأيك!!..تأدبيه وأنا هساعدك
أماءت ب رأسها ب خفوت ثم أخفضها ليربت جاسر على خصلاتها وهمس ب عبث
عاوزك تعرفيه إن الله حق...
ضحكت ب رقة وأماءت ب رأسها عدة مرات مرة أخرى..ومنذ ذلك الحين وسامح لا يترك على صوت سامح الحنون وهو يقول
فطار سمو الأميرة مستني سعادتك هنا...
قالها وهو يشير ب عيناه إلى الطاولة في الشرفة..إبتسمت بسعادة ثم أزاحت الغطاء وهى تقول ب مزاح
امممم..أربع سنين دلع مخلفتش يوم..شكلي كدا هبقى ست بيت كسولة أكتر منا...
وضيفي ع الأربع سنين..أربعة وأربعة وأربعة كمان..لأني هفضل طول عمري أعمل كدا ومش همل أبدا..كفاية عليا أنك مسبتيش لما كنت واحد حقېر م..
وضعت يدها على فاها ثم ڼهرتهممكن منتكلمش ف اللي فات!!..هو مش هيفيد ب حاجة غير ۏجع القلب...
إبتسم ب عمق نظراته إليها والتي تحولت إلى عابثة..لتضيق حدقيتها وهى تقول ب حدة
اللي بتفكر فيه دا مستحيل..ويلا ع الأكل
إتسعت عيناه ب براءة قائلادي بوسة واحدة بس
لتقول ب صرامةلأ..ويلا ع الأكل
رد ب إمتعاضطيب...
تحرك بها عدة خطوان لترتخي ملامحها من صرامتها ما أن لاحظت إمتعاضه ف رق قلبهل ..نظر إليها رافعا أحد حاجبيه لتتنحنح وتهتف ب جدية
بقولك أيه..أنا بس براضيك..غير كدا متحلمش..ويلا أنا جعانة...
وضعها على المقعد الخشبي وغمزها ب عبث ثم قال ب نبرة لا تقل عبثا
عندك حق أنا كمان جعان..وب المرة نشحن طاقتنا..عشان سمعة البلد واقفة على هذا الحدث...
ضحكت نادين ب قوة وهى تهز رأسها يأسا من زوجها ف من الواضح أن جينات الوقاحة متأصلة ب أنجال عائلة الصياد بدءا من الشقيق الأكبر
دلفت إلى غرفة صغيرتها ف وجدتها جالسة على الفراش تقوم ب تلوين أحد الرسومات..إبتسمت ب حنان ثم دلفت إليها..رفعت الصغيرة رأسها وما أن أبصرت والدتها حتى إبتسمت ب سعادة ثم قفزت هاتفة
مامي...
تلقتها روجيدا في أحضانها ثم رفعتها عن الأرض وقالت ب حنو
حبيبة مامي بتعمل إيه!...
أشارت جلنار إلى الفراش وقالتبلون رسمة الميس إديتهالي عما بابي
يجي...
عقدت روجيدا حاجبيها ب تساؤل ثم قالت ب عدم فهم
بابي يجي منين ولفين!
تنغصت تعابير الصغيرة وبدت جاهلة
تماما فيما تفوهت به والدتها ولكنها تشدقت مرة أخرى ب حماس
بابي إتصل بيا وقالي أجهز عشان جاي...
شعرت روجيدا ب غصة في حلقها و وغزة حادة تنخر قلبها أوصل بهم الحال إلى ذاك المنحدر!..يهاتف صغيرته يخبرها أن تستعد ليأتي إليها ولا يهافتها هى..ظلت سنتان لم تستمع فيهما لصوته ولا أن تتنعم ب رؤية وجهه الذي لطالما عشقت النظر إليه..إبتعلت ريقها ب صعوبة وهى تشعر ب الغصة تزداد ثم هتفت ب إبتسامة مهزوزة
وجلنارتي جهزت نفسها!!
نفت ب رأسها وقالت لا
داعبتها روجيدا ب أنفهاولأ ليه إن شاء الله!
تشدقت جلنار ب براءةمش أعرف..أنتي علطول بتحضريها
تنهدت روجيدا وقالت ب إبتسامةطيب يا قلبي..خلصي رسمتك وأنا هحضرلك الشنطة...
ثم وضعتها أرضا ف ركضت الصغيرة إلى فراشها ذو اللون الوردي وأكملت رسوماتها الطفولية..وضعت روجيدا يدها على وجهها تخفي عبرة شقت طريقها إلى وجنتها..سرعان ما محتها وهى تستمع إلى رنين الباب..أشارت إلى طفلتها التي حاولت النهوض
خليكي يا جوجو..هتلاقي السواق اللي بعته بابي..هفتحله وأجيلك..
نهضت جلنار وقالت ب سعادة تطفران من عيناهاأوووكيه..أنا هطلع الفستان اللي بابي بيحبه...
أغمضت روجيدا عيناها ب نفاذ صبر ثم توجهت إلى باب المنزل الصغير لتفتحه..وما أن فتحته حتى تجمدت مكانها..شعرت وكأن الكهرباء صعقتها لتصيب جسدها ب إرتجافة عڼيفة كادت أن تسقطها أرضا وهى تبصر عيناه بعد فراق دام سنتان..لأول مرة منذ ذلك الحين تراه..يقف أمامها ب شموخه المعتاد ونظرته القوية...
أغمضت روجيدا عيناها لحظات تستوعب الصدمة ثم ما لبثت أنا قالت ب نبرة مهتزة
ج..جاسر!!..أزيك!
وحاولت رسم إبتسامة بلهاء ولكنها لم تقدر...
كان جاسر يحدق بها ب إشتياق ظاهر للعيان وجسده كله الذي يرتجف يتواطئ مع فؤاده ب..طال الفراق بينهما وتضخم الإشتياق به..منذ يوم الرحيل وهو يعيش جسد بلا روح..شعر يومها ب أن أحدهم إمتدت أياديه وإنتزعت روحه ب قسۏة آلمته..وعقله ېصرخ ب التعقل ف هذا هو الأفضل لهما...
إبتسم جاسر ب أشتياق حقيقي جعل ضربات قلبها تطرق ك مطرقة عڼيفة في صدرها ثم تشدق ب هدوء عكس موجة الإشتياق الچنونية داخله
الحمد لله..أزيك أنتي!!
قال الأخيرة وهو يمد يده كي يصافحها..بقيت تنظر إلى يده مطولا ثم ما لبثت أن وضعت يدها داخل كفه العريض..لم يخف عليها تلك الرعشة التي أصابته وعيناه التي توهجتا ب قوة..لتبتسم ب لا وعي وهي تهمس
بخير الحمد لله
تنحنح جاسر دون أن يترك يدهاجلنار جاهزة!
نظرت إلى يدهما المتشابكتين ثم رفعت فيروزها إليه مرة أخرى وقالت ب حرج
بنتك مقالتليش غير دلوقتي..ف مش لحقت أجهز شنطتها..ممكن تتفضل لحد أما أخلص...
أجفل جاسر كثيرا ولكنه إبتسم وقال ب حذر
لأ..هستنى تحت وأبعت السواق...
ب الرغم من الحزن الذي تلبسها وكاد الجمود أن يطغى عليها مرة أخرى إلا أنها قالت ب إبتسامة ناعمة
مش هتأخر..أتفضل...
تردد جاسر..يعي أنه في منطقة الخطړ فما أن يدلف إلى الداخل يعلم أنه لم يخرج كما دلف بل ستتغير أشياء كثيرة..لم تعلم كم مقدار ما تطلبه كي يمنع نفسه من القدوم..ولكن غلبه الشوق بعد سنتين وصعد إلى ذاك المنزل..بالرغم من أنه لم يغفل عنها لثوان..ولكن متعة رؤية عفويتها ب المنزل لا تضاهيها متعة...
ولكن ب الأخير دلف..وحينها علم أن الأمور ستنقلب رأسا على عقب..تغلب على ذلك الشعور ثم قال أيضا دون أن يفلت يدها
طيب..بس ياريت متتأخريش...
ضيقت روجيدا عينها ب ڠضب أسود وقد لمحه..يعلم ما يموج في داخلها ولكنه لم يقدر على التفوه ب حرف..أخذت نفسا عميق ثم نظرت إلى يدهما
وقالت ب فتور
طب ممكن إيدي عشان شكلك نستها!...
عقد ما بين حاجبيه ب تعجب وأخفض نظره ليجد حقا ما
زال يقبض على كفها..لم يشعر ب أنه لا يزال يتمسك بها وكأنه يشعر ب أنها في موقعها الطبيعي...
إبتسم ب حرج ثم سحب يده ولكنه كلما سحب يده كلما ضغط عليها وكأنه يخبرها أنها لن تكون الأخيرة..إبتسمت ثم إستأذنت وبقى هو
متابعة القراءة