سيد القصر الجنوبي

موقع أيام نيوز


أنها تخالف تحذير الطبيبة النفسية وتنجرف بالفعل خلف طيار مشاعرها .. أم أنها تريد التأكد من صدق مشاعره نحوها والعكس !! ورغم بعض البرودة بالشرفة إلا أنه ظل بها واقفا يرتشف ببطء شديد كوب قهوتها وهو ينظر للسماء بابتسامة حتى قالت هي _ لو خلصت القهوة ممكن الفنجان بتاعي ! اتسعت ابتسامة أمجد وهو يستدير ويلتفت لها ببطء متعمد ثم قال باستفزاز بعدما ارتشف رشفة من فنجان القهوة _ لسه شوية .. قهوتك تجنن تسلم إيدك. كافحت لتخفي ارتباكها وقالت _ شكرا ... وابتلعت ريقها بتوتر قبل أن تسأله مباشرة _ أنت سكنت في الشقة دي من أمتى ! أجاب ببساطة _ من شهر تقريبا. شهقت سمر بذهول ثم قالت _ من شهر أزاي ! .. أنا هنا من حوالي شهرين وماشوفتكش !.. نظر لها أمجد بعمق وأجاب بمرارة وقد ضاعت ابتسامته _ إيه الغريب يا سمر! ... ما أحنا اشتغلنا في نفس المستشفى لسنين وعمرك ماشوفتيني !! ... ده العادي بالنسبالك..! ابتلعت سمر مرارة إجابته ونظرت بحزن وندم شديد لجهة أخرى بعيدة عن عينيه وسألت نفسها لماذا نكتشف حقيقة الاشياء متأخرا ! ... حتى لاحظت أنه حمل كتاب كان على المنضدة الخشبية بشرفته ومد به يده لتأخذه ولكن اللافت في الأمر هو عنوان الكتاب فسألته وهي تأخذه وتردد الاسم _ كيف تعرف نفسك .. هو في حد ما يعرفش نفسه ! ... أحنا مش أطفال!. ابتسم ابتسامة باهتة كأنه يعاتبها وقال _الأطفال اكتر فئة فاهمة هي عايزة إيه عمرك شوفتي طفل بياكل أكلة مش بيحبها أو بيروح للعبة مش عايزها! شوفتي طفل بيضحك مع حد مش بيحبه ولا بيروح لحد ما بيحبهوش! في كتير أوي والمفروض ناضجين مايعرفوش نفسهم عشان كده بيقرروا غلط ويدمروا حياتهم بإيديهم مش فاهمين الفرق بين احتياج الشعور واحتياج الأشخاص بين الحب وظله. رمقته سمر بحيرة كأنها تكتشفه من جديد وسألته باهتمام _ تقصد إيه باحتياج الشعور واحتياج الأشخاص! .. ابعد أمجد عينيه عنها ناظرا للفراغ وقال وهو يضع يديه بجيوب بنطاله الرياضي الأسود في ثبات _ شعور الحب مثلا لما بنحتاجه ممكن نحب أي حد في طريقنا لأننا محتاجين نحس بالحب أو نحس أننا بنتحب لكن احتياج الأشخاص حاجة تانية خالص بيكون فيه الانسان محتاج لشخص معين في حياته شخص واحد فقط مالوش بديل ومحدش هيعرف يملا مكانه. تفتكري أي شعور فيهم الأصدق والأبقى ! فهمت ما يقصده وفهمت أنه لخص حياتهما في أسطر قليلة هي حقا كانت تحتاج للشعور بالأمان الذي فقدته منذ ۏفاة والدها واختارت زوجا عمره أقرب لعمر أبيها الراحل وأنتهى الاختيار بمأساة. فقالت هاربة من الحديث وهي ټدفن الدموع التي تدفقت لعينيها _ هقرأ الكتاب اكيد هستفاد منه. قال أمجد بحدة ظهرت بصوته _ أتمنى تستفيدي منه وتفهمي اللي بين السطور واللي متقالش بشكل مباشر وتشوفي الأمور بشكلها الحقيقي. رفعت عيناها لعيناه الصاړخة وقالت شيء لم تعرف لماذا قالته وكيف رتبته بتلك الثوان _ الحقيقة بتفرض نفسها قدامنا حتى لو مش شيفاها لبعض الوقت لكن في النهاية بشوفها كاملة وبشكل مختلف واحساس جديد بيها احساس بيقولي أنه مجاش فجأة ولا صدفة مش كده وكأنها تسأله عن سر وجوده هنا فتدرجت الابتسامة على ثغره بأمل جديد وقال _ الحقيقة ماتعرفش الصدف يا سمر كل حاجة فيها مقصودة .. كل حاجة فيها في كل لمحة بتعترف بمليون حاجة. _محتاجة وقت كفاية .. للقراءة قالت ذلك وعينيها تقول الكثير وفهم هدف الكلمة وأجاب على خۏفها وحيرتها _ مش هكدب وأقول أني مش ملهوف أعرف رأيك بس هستناكي للآخر خدي وقتك ... في القراءة. استخدم كلمتها الأخيرة لمراوغة الحديث واغتاظت منه لذلك فابتسم بثقة وقال وهو يعطيها فنجان قهوتها _ شكرا جدا على القهوة وعازم نفسي على فنجان تاني بكرة في نفس الميعاد ده ... تصبحي على خير. وأختفى من أمامها وتركها فجأة وشعرت ببرودة مخيفة ووحدة غريبة! ورغبة قوية أن يأت مجددا ويتابع الحديث في أي شيء المهم أن يأتي إليها وضمت سمر الكتاب لقرب قلبها وابتسامة رافقتها وصحبتها حتى دخلت وتدثرت في فراشها الدافئ وتنظر للكتاب بصمت وشرود .. قرائته ليست لب الموضوع الأيام الآتية ستسرد الكثير من تلك القصة. وقف فادي يشاهد الحرس الخاص بشقيقه زايد وهما يقيدان هيثم ويدفعانه بداخل أحدى السيارات الخاصة بالعائلة والآخر يحاول الخلاص منهما ولكنهما استطاعا بسهولة أن يفعلا ما أمرهما به فادي منذ دقائق ولت. واقترب فادي إليهما بعد اتمام المهمة بنجاح وقال _ أرجعوا أنتم للحفلة .. وخلوا بالكم من أي حد يحاول يعمل مشكلة. ثم توجه لهيثم المقيد داخل السيارة وقال بعدما غادرا الحارسان _ مش هسمحلك تعمل أي مشكلة النهاردة يا هيثم مكنتش حابب أن ده يحصل بس أنت اللي اضطرتني لكده. وهنا صړخ هيثم بشقيقه في كراهية وڠضب _ بقا أنت يا فادي اللي ورا اللي بيحصل ده ! .. مكنتش متخيل أنك تبيع أخوك عشان واحد مچنون ومچرم ! .. نظر له فادي بعصبية وهو يستند على السيارة وينظر له من خلال النافذة الزجاجية _ زايد لا مچنون ولا مچرم وأنا متأكد وبعدين زي ما أنت أخويا هو كمان أخويا !! ... صړخ هيثم پعنف في وجهه وهو يحاول فك يديه من القيد _ كنت بعتبرك عيل صغير وبكرة تكبر وتعقل وتفهم اللي حواليك لكن طالما خدت صفه يبقى تنسى أني أخوك أنت من النهاردة زيك زيه وماتلومنيش على أي حاجة هعملها وماتفتكرش أن حتى لو النهاردة عدى أني مش هنفذ اللي في دماغي !! وضحك هيثم وظهر كم مخيف من الحقد والغل الدفين بداخله وهو يقول _ أنا اللي مش هسمحله أنه ينجح في حياته أكتر من كده وهدمرله كل اللي فات وفرحة دي ليها حساب كبير أوي معايا اكيد هي اللي قالتلك مش كده !. ونظر له فادي بذهول وصدمة ثم قال _ أنت وصلت بيك الغيرة والحقد للدرجة دي ! ... مش ذنبه أنه ذكي وناجح ووصل للي وصله بمجهوده وتعبه وكبر الشركة لحد ما بقينا في اللي احنا فيه! ... أنت بقا عملت إيه ! صممت تشتغل معاه وفشلت ! ..معرفتش تغلبه فصممت تاني تاخد نصيبك وتسافر وتشتغل بيه برا وبرضه فشلت وفلست ! .. ورجعت عايز حقك اللي المفروض خدته اصلا ! ... لكن شوفت نفسك صغير أوي قدامه بعد ما كبر أكتر وبقا من حيتان السوق عشان كده عايز تدمره وتنهيه عشان مايكشفش انك فاشل وحقود ..! ورماه فادي بنظرات احتقار قائلا _ عرفت أني
 

تم نسخ الرابط