سيد القصر الجنوبي
صاح بحدة في وجهها _ أخرجي برا .. ابتلعت فرحة ريقها وهطلت دموعها ونظرات عينيها الخجلى والهاربة منه ثم قالت پغضب وهي تبك _ أنا بكرهك .. وركضت من أمامه وهي تترك لدموعها العنان وظل واقفا ناظرا لها وهي تبتعد وشاردا ... وادرك حد اليقين أنه لن يستطيع أبعادها عن حياته بتلك البساطة الذي كان يظنها بالأمس .. بل أن الأمر غدا اشبه بالمستحيل ...! ماذا يفعل ! .. تفاجئت جيهان بالعجوز وهو يفتح غرفة كبيرة الحجم ومرتبة ترتيب لا بأس به ولكن بها كآبة غريبة منتشرة بها وقال _ دي ألأوضة الوحيدة غير أوضة البنات اللي تنفع تنامي فيها خليكي هنا على ما احضرلك مكان تاني .. دلفت جيهان للغرفة ولاحظت وجود قطع ملابس رجالية فسألته _ هي دي أوضته ! رد العجوز بصدق _ آه أوضته بس ده مايمنعش أنك تباتي فيها براحتك على ما اشوفلك مكان تاني اوضة البنات مافيهاش مكان ليكي ومش هتعرفي تاخدي راحتك . تعامل العجوز معها بكرم وطيبة فأمتنت له لأنها بالفعل لم تأخذ قسطا كافيا من النوم والراحة بغرفة الفتيات ويبدو أنه ادرك ذلك ... فقالت _ متشكرة جدا يا عم مغاوري مش عارفة أشكرك أزاي الحقيقة. ابتسم العجوز وقال _ لو مكنش رافض اي غريب يدخل القصر لكنت اتحايلت عليكي تفضلي بينا العيال الغلابة دول فرحانين بيكي أوي. وتحدثت بصدق _ من القلب للقلب يا عم مغاوري أنا كمان حبيتهم وخدت عليهم بسرعة من زمان أوي ما ضحكتش زي ما ضحكت معاهم .. شاركها الرجل عدة أحاديث ثم غادر الغرفة وتقلبت عينا جينا بالغرفة وامعنت النظر بها توحي بالكآبة ولكن على ما يبدو أن صاحبها منظم لدرجة كبيرة .. ويبدو أيضا فارع الطول والحجم .. فقد كان قميصه المعلق على مشجب خشبي يصل لركبتيها تقريبا ...!! قررت جيهان أخذ دشا سريع قبل الخلود للنوم لبعض الوقت بهذا النهار ولكنها تفاجئت بقطع المياه عن الصنبور فتنهدت بغيظ ... وقالت _ خلاص هنام شوية وعلى ما أصحى تكون المية جت .. وقبل أن تخلد للنوم سمعت صوت نقر على باب الغرفة فتوجهت لتفتحه حتى وجدت الصغيرة وصيفة وهي تحمل فستان حريري طويل ساحر ويبدو لفتاة أكبر عمرا منهن وقالت _ غيري هدومك والبسي الفستان ده فضلت ادور عليه لحد ما لقيته .. اعجبت جيهان بالفستان الرائع وقالت بفضول _ فستان مين ده ابتسمت وصيفة لها وقالت _ بصراحة يعني ده بتاع أشهاد كان عاجبني ووصفتهولها وهو في المحل ولما شامي عرف أنه عجب أشهاد جابهولها تاني يوم .. نظرت جيهان للفستان وشعرت أن ثمنه يقدر بمبلغ ليس يسير على طفل مثل شامي ليبتاعه ولربما يكون سرقه !! .. ولكن ما باليد حيلة فملابسها متسخة ولا تملك غيرها بعد فقدان حقائبها !! .. وأخذته وهي تشكر الصغيرة بابتسامة .. وعندما ارتدته ووقفت أمام المرآة القديمة بالغرفة اتسعت ابتسامتها بأعجاب شديد .. فالرداء يجعلها تبدو وكأنها حورية فاتنة ... ولكنه به عيبا أنه يناسب فصل الصيف أكثر من الخريف وتحتاج لبعض التدفئة ... فذهبت للفراش بعدما وضعت ردائها بسلة الملابس التي تنتظر التنظيف ودثرت نفسها وتاهت في غفوة عميقة لم تستيقظ منها إلا عندما ودع قرص الشمس السماء وحلت أول ساعات الليل ... ولكن انقطعت الإضاءة فجأة أيضا فتنهدت جيهان بضيق في فراشها وظلت تنتظر عودة التيار لتنهض وتأخذ حماما سريع .. استطاع أكرم بصعوبة التخفي من الصحافة بعدما غادرت سيارات الشرطة الطريق والبعض يردد اسم الفتاة التي هربت من ترداد الشرطة اسمها عندما وجدو هاتف نقال وأوراق خاصة بها في السيارة جيهان ... كان هذا الاسم يتردد بعقله وهو يسير منذ ساعات عائدا للقصر وقد بات وصوله يعد قريبا جدا.. تقريبا سيكن أمام القصر بعد نصف ساعة .. ومر بعض الوقت ودقت الساعة الثانية بعد منتصف الليل وهي جالسة على ذلك الفراش بهذا المبنى المخيف نظرت أمامها وتنهدت ببعض الضيق من فقدانها لأغراضها وعجزها عن التصرف. نهضت وتوجهت نحو النافذة وهي تسير ببطء حتى لا تتعثر بشيء وتجدد لرئتيها الهواء وبتلك اللحظة عاد التيار الكهربائي وانقطع بعد دقيقتان مرة أخرى فاطبقت شفتيها بغيظ وقالت _ مايه مقطوعة وكمان كهربا! ... هما عايشين أزاي في المكان المخيف ده ولوحدهم كمان! وكان ضوء القمر ينير عتمة الليل بعض الشيء حتى طرأ لها فكرة عندما سقطت عينيها على المسبح القريب من نافذتها وقالت لنفسها بابتسامة ماكرة _ بما أن كلهم نايمين ومحدش هيحس بيا يبقى مافيش مشكلة من اللي بفكر فيه. ولكن ما كانت تعرف أن الدقائق التالية ورغبتها الشديدة في قضاء بعض الوقت بمياه المسبح ستجعلها بمواجهة السيد المخيف وجها لوجه التقطت منشفة سريعا وتسحبت من غرفتها في الظلام الدامس حتى خرجت من المبنى المخيف هذا للهواء المنعش الطلق بالخارج. وتوجهت مباشرة نحو المسبح بردائها الحريري الفضفاض الطويل ثم لمست خصلاتها السوداء الطويلة المصبوغ اطرافها بحماس للسباحة وهي تنظر للمياه بأنتعاش.... وتساءلت كيف ستسبح بالمياه وهي بذلك الرداء الطويل الذي حتما سيعيق حركتها! وخشيت أن يستيقظ أحدا من الصغار فجأة ويأت إليها فقررت أن تسبح به وتستمتع بوقتها في حذر وترقب بما أن المسبح بعيدا عن غرفة الحارس ومبنى الصغار. وقبل أن تلمس قدميها المياه وجدت ظلا عملاق يقترب من مدخل البوابة الكبيرة التي يبدو أنها تركت على مصراعيها دون غلق ظلا ضخم ومخيف لا يبدو كحيوان وانعقدت الكلمات في حلقها من الخۏف ولم تلاحظ أن التيار الكهربائي قد عاد إلا من مصباح صغير بعيد قد ادركت منه أن ذلك الظل ليس إلا رجل ..! رجل مخيف بلحية سوداء طويلة كرجال الكهوف ! تمتمت جيهان بړعب وهي تبتلع ريقها الذي جف تقريبا _ اكيد المچرم رجع تاني أو ممكن يكون .. يكون اللي بيتكلموا عنه الولاد ..!! سكتت وهي تحملق فيه بحيرة وتفكير عندما وقف أمامها يحدجها بنظرات ذهول وڠضب لا مبرر له ولم يسعفها التفكير إلا بالركض من أمامه بأقصى سرعتها حتى ظن هو للحظة أن ما رآه وهما ! وتمنى أن يكون كذلك لأن لو ما رآه حقيقة سيحدث ما لا يحمد عقباه. وعندما دخل قصره الذي ليس اقل منه ړعبا أضاء المصابيح ونظر بجميع الاتجاهات بدقة .. أن دخل غريبا حصنه ستكن کاړثة ولا سيما أن كانت امرأة !!. وبدأ يردد بعض الأسماء وينادي بصوت كالرعد وكأنه ېصرخ!. بينما تلك التي ترتجف ړعبا تتخفتى داخل كومة هائلة من الملابس والمفروشات التي تنتظر التنظيف وتراقبه من بعيد بعينان مرتجفتان. بأي غباء ساقتها قدميها لخارج غرفتها بتلك الليلة الموعودة لوصول .... سيد القصر الجنوبي.