رواية كاملة رهيبة
المحتويات
الفصل الأول
في منزل عريق بحي راقي بالإسكندرية تجتمع أسرة ميسورة الحال حول مائدة فخمة تحتوي علي كل ما لذ و طاب إحتفالا بفطور أولي أيام شهر رمضان المبارك فكان يترأس المائدة كبير الأسرة علي الهنداوي رجل ذات هيبه و وقار قد زين الشيب رأسه ليفصح عن بلوغه السبعين عاما أو يزيد يجاوره عن يمينه ولده الأكبر
سليمان ذو الأربعون عاما و زوجته صافيه تجلس أمامه علي الجانب الآخر للمائدة يتبعه الأخ الأوسط عبدالقادر و الذي يبلغ خمسة و ثلاثون عاما و زوجته زينب تجلس إلي جانب صافيه يتلوه الأخ الأصغريحيي إبن الثلاثين عاما و تجلس أمامه زوجته يسر التي تحمل طفلتها الرضيعه نور و إلي جانبها طفلها زياد.
ردد الجميع دعاء الإفطار و بدأوا بتناول فطورهم و كل منهم يستعيد ذكريات الأعوام الماضيه ليقول علي
دعا الجميع لها بالرحمه ل يبادر سليمان قائلا ربنا يطولنا في عمرك يابا و دايما متجمعين علي حسك.
رمقها سليمان بنظرات خاطفه متفحصه قبل أن يقول أكيد إن شاءالله هو شهر في السنه اللي بنتجمع فيه.
تداخل صوت زينب وهي تقول و إنتي حسبتي الحسبه كده يا ست يسر و طلعتي نفسك منها مش ناويه تعزمينا يوم ولا إيه
_لاا يا زيزي ما إنتي عارفه إني مليش في جو العزومات و الطبخ و كده لو تحبوا تفطروا ديليفيري ماشي.
أومأت يسر بموافقه وقالت خلاص هبقا أشوف و لو كده هخلي غزل تبقا تطبخ معايا.
إنتبه علي و نظر إلي صافيه قائلا أومال صحيح فين غزل يا صافيه!
صدح صوته الجهور مناديا غززززززل.
إنتبهت غزل علي نداؤه لتنهض سريعا عن الطعام و تذهب إلي الخارج تتهادي خطواتها بإستحياء و نظرت إليه بإبتسامه هادئه و أردفت نعم يا عمو علي
إبتسم هو بإتساع و قال مبتقعديش تفطري معانا ليه! عايزاني أزعل منك!
برز صوت يسر متأففا فقالت غزل خدي نور شيليها لأني مش عارفه أفطر منها.
نظرت إليها غزل بتعجب و همت بقول شئ ما قبل أن يهمس إليها يحيي قائلا و هي غزل مش هتفطر ولا إيه! هاتي نور أشيلها أنا.
هنا تفوه الأب قائلا روحي يا غزل كملي فطارك يلا و لما تخلصي فطار إعمليلي كوباية شاي حلوة من إيديكي.
أومأ الجميع موافقا ليقول عبدالقادر بإذن الله أنا و يحيي نازلين القاهرة بكرة عشان نستلم البضاعه الجديدة.. لو لحفنا الفطار خير ملحقناش تتعوض بقا.
أومأ سليمان بتفهم وقال إن شاءالله.. بس قبل ما توصلوا تكلموا التاجر تبلغوه إنكوا علي وصول عشان يجهز لكوا البضاعه و متتأخروش شبه النوبه اللي فاتت.
قال يحيي أنا هكلمه علي بيات كمان عشان يكون علي علم بسفرنا ليه بكرة و يجهز الخامات كلها من دلوقتي.
هز سليمان رأسه بتأييد وقال عفارم عليك.. يلا أستأذن أنا عشان ألحق المغرب.. سفرة دايمه يابا.
_يدوم عزك يبني..هاا يا زينب قربتي ولا لسه!
قالها متوجها بحديثه نحو زينب وهو يشير برأسه إلي بطنها المنتفخ فقالت والله يا حج منا عارفه.. بس هانت أهي.
أومأ مبتسما وقال ربنا معاكي.. أومال سيف إتأخر ليه مش قولتوا هيخرج من الدرس أدان المغرب!!
ليقاطع حديثه دخول سيف محدثا صخب و قال السلام عليكم.. جعاان ياما إلحقيني.
ضحك الجميع فقال جده إبن حلال لسه جايبين في سيرتك يلا غسل وشك و إيديك و تعالي كل بسرعه.
نهضت يسر عن الطعام وقالت مناديه غزل.. يا غزل.
قالت صافيه عايزة غزل في إيه يا يسر
_تيجي تشيل نور علي ما أغسل إيديا.
طالعها يحيي مستاءا وقال هاتي نور و أنا أشيلها و روحي إغسلي إيديكي.
ثم قال پغضب مش كل شويه يا غزل يا غزل البنت مش
شغاله عندنا.
نظر إليها الجميع بضيق فقال يحيي خلاص يا يسر بقا.. روحي إنتي يا غزل خلاص.
أومأت غزل بموافقه و إنصرفت لينهض يحيي عن المائدة و يلتقط طفلته من بين يدي أمها ويقول بضيق واضح كل سنه و إنت طيب يا حج و بعودة الأيام.
ثم نظر إلي يسر وقال أنا طالع.. خلصي و تعالي.
صعد يحيي إلي شقته ليجد زوجته تتبعه علي الفور فنظر إليها بضيق و قال مش هتبطلي حركاتك السخيفه دي بقاا يا يسر! قولتلك 100 مرة بلاش تضايقي حد بأسلوبك ده و بالأخص غزل....
قاطعته وقد إشټعل فتيل ڠضبها و قالت أيواااا.. إشمعنا غزل بقا اللي ھتموت عليها كده و مش عايز حد يمسها بكلمة!
نظر إليها متعجبا وقال بردو يا يسر! رجعنا لنفس الحوار الأهبل ده! قولتلك مليون مره غزل دي أختي.. أنا اللي مربيها و من هي عيله لسه من أول ما بدأت تيجي عند صافيه من سنين السنين..وبعدين كلنا هنا بنعتبرها من أهل البيت و هي بتحب الكل هنا و بتعاملهم بعشم و أخويه..و إنتي عارفه إن أبويا بيعزها و دايما يقول بت يتيمه متكسروش خاطرها.
ثم تمتم بإستنكار و بعدين يبقا في تمييز شويه يعني ده أنا أكبر منها ييجي بكذا سنه!
نظرت إليه بإستخفاف وقالت بس دلوقتى مبقتش عيله صغيره يا يحيي و بصراحه بقا أنا لما بشوفها هنا بتغم و العفاريت بتركبني.
قلب كفيه متعجبا وقال لا حول ولاقوة إلا بالله.. و أنا مالي بقت عيله ولا مبقتش عيله.. أنا مال أبويا هو أنا هتجوزها.. وبعدين بقوللك أختي.. فاهمه يعني إيه أختي!! ثم إن يعني إيه لما بتشوفيها هنا بتتغمي! إنتي عيزاها تبطل تزور عمتها عشان خاطرك ولا إيه!
قاطعها بعصبيه و صاح متشنجا فقال يسر بقولك إيه أنا مش رايق لكلام النسوان ده عالمسا.. تقعد يوم تقعد شهر هي مش قاعدة علي قلبك.. و إنتي عارفة إن هي بتيجي تقعد مع صافيه تونسها مش جايه عياقه.. و هعيدها لك لآخر مرة....
ثم أشار بإصبعه بإتجاه رأسها وقال الكلام الفاضي اللي حطاه في دماغك ده هيتعبك.. كبري عقلك كده و إعرفي إنتي إيه و هي إيه هتلاقي نفسك إرتاحتي.
هز رأسه يائسا ثم إبتسم و أحاطها بكلتا يديه يقربه منه أكثر وقال عليا الطلاق إنتي مجنونه و مخك ضارب.. بقا يا عبيطه حد يتجوز برنسيسه زيك و يبص لأي واحده خلقها ربنا! حتي لو كانت حوريه نازله من الجنه.
إبتسمت بسعادة ليستكمل حديثه قائلا و بعدين يا يسر إنتي مراتي و أم بنتي..يعني كل حاجه بالنسبه ليا.. أول واحده حبيتها و أول واحده عرفتها و أول واحده لمستها... هااا.
قال الأخيره غامزا إياها بعينه وهو يضحك بعبث ويقول واخد بالك إنت يا جميل!
صدحت ضحكاتها عاليا ليقول الله أكبر..بقولك إيه أنا داخل أريح شويه.
قال مشاكسا ماهو الفجر مبيقولش.. الفجر بيدخل علي طول.
بالأسفل في شقة صافيه كانت تجلس زينب تحمل طبقا كبيرا من الحلويات الشرقيه تتناوله بنهم وهي تثرثر قائلة شوفتي السهونه اللي إسمها يسر و عمايلها.. بت تحسي إنها راضعه سم و العياذ بالله.
أتاها صوت غزل من خلفها وهي تلتقط طبق الحلويات من بين يديها وتقول يعني تفضلي صايمه طول النهار يا زوبه و تضيعي صيامك علي ست يسر دي! إتقي الله.
نظرت إليها زينب و قالت يسر.. و ما أدراكي ب يسر يختي دي ميه من تحت تبن حربايه و بتتلون علي كل لون شويه إسأليني أناأنا اللي عرفاها و حفظاها سيبك من عمتك دي خايبه و قلبها قلب خصايه و بيتضحك عليها بكلمتين.
غمزتها غزل بمشاكسة وقالت يا واد يا شبح إنت.. بس إيه رأيك في الأكل النهارده! كان فخامه مش كده!
لوت زينب شفتيها وقالت بورريه منك يبت وإنتي طالعه لعمتك مبتحبيش تجيبي في سيرة حد.. غيرتي الموضوع في ثانيه.
نظرت صافيه و غزل إلي بعضهما البعض ضاحكتين فهزت صافيه رأسها بيأس وقالت مهو ده الصح يا زينب و إحنا يعني هنستفيد إيه لما نتكلم علي دي و دي.. دع الخلق للخالق.
مصمصت زينب شفتيها وقالت طيب يا شيخه خضرا إنتي و بنت أخوكي فوتكوا بعافيه بقا أطلع أجهز ل قدورة هدومه عشان ماشي بدري.. تصبحوا على خير.
مشت زينب بخطوات
متثاقله تجر قدماها جرا حتي صعدت إلي شقتها فقالت غزل التي كانت تنظر في أثرها يا ساتر منها.. ربنا ما يوقعنا في لسانها.
ربتت صافيه علي كتفها وقالت زبنب طول عمرها بتحب الكلام الكتير مش جديد عليها يعنيالمهم قومي يلا
تثائبت غزل وقالت أه والله فكرتيني.. والله يا عمتو علي عيني إني أسيبك.
غمزتها صافيه وقالت يا بت! علي عينك إنك تسيبيني أنا بردو!
إبتسمت غزل بحزن وأردفت و هي تنظر للأمام پألم داخلي يسكن بين أضلعها مش فارقه يا عمتي..القلب إتكسر من زمان و سيبت زي مسيبتش واحد.
ربتت صافيه علي خدها برفق وقالت كله نصيب يا غزل يا بنتي.. ربنا يعوض عليكي باللي يريح قلبك ويسعدك.
أومأت غزل بهدوء و نهضت لتدلف إلي غرفتها و تدثرت بغطاءها جيدا و شردت تفكر به مهلك قلبها و مؤرق مضجعها قبل أن يغلبها النعاس و تستسلم ل سلطانه.
بعد آذان الفجر صلي يحيي فرضه و ودع زوجته و أطفاله
قائلا إن شاء الله هنحاول نستلم بسرعه و نرجع قبل الفطار و لو ملحقناش هنفطر في الطريق و إبقي إفطري إنتي و العيال مع الجماعه عند سليمان.
أومأت يسر بموافقة ليبتسم لها قائلا و مش عاوز مشاكل أنا فهمتك كل حاجه و لما أرجع هفهمك بزيادة.
إبتسمت بإتساع وقالت اللهم أني صايمه.. يلا إتكل علي الله و متنساش تجيبلي الحاجات اللي كتبتهالك في الورقه.
أشار إلي عين تلو الأخري و قال من عنيا الاتنين.. لما نور تصحي بوسيهالي و خلي بالك منها و أكليها كويس.
_حااضر مع السلامه.
نزل يحيي من شقته ليطرق في طريقه باب
متابعة القراءة