نوفيلا

موقع أيام نيوز

بمقلتين لامعتين كالمرآة و تنتحب بشهقات منتفضة فبدت كقطة صغيرة ألقى أحدهم عليها مياه فأخذت ترتجف پخوف 
نظر لها بحنان لهيئتها الصغيرة المستكينة و هي تشهق بنحيب في محاولة لكتم بكائها إلتمع الخضار بعينيها فأصبحا كالزمرد و أكثر جمالا .. قرب كفه من وجنتها ليملس عليه بحنان قبل أن يتفاجأ بأنها خيال تجسد أمامه و هرب !
نظر حوله ليجد والدتها مازالت واقفة و قد لانت نظراتها لحديثه فإقتربت بهدوء و جلست بجانبه تربت على كتفه بحنان أموي أفتقده منذ سنوات 
خرج من المشفى مهرولا في الشارع كالتائه يضع كفيه على رأسه و يدور حول محوره دون ثبات أو إرتكاز قط ..
بعد دفعة من حديث والدتها الحنون المشجع المملوء بالتفاؤل و الأمل و هو يشعر برغبة جامحة في البكاء فقط .. فقط يريد أن يذهب لمكان يحتمي به و يبك ..
ظل يسير في الشوارع كالتائه لا يعلم ماذا يفعل دوى صوت الرعد بالمكان تليه اڼهيار الأمطار الجليدية فسقط راكعا على الأرض مستسلما لتلك الرغبة .. يتخلص من كبته الداخلي و الظلام الذي كان يغلف قلبه حرك رأسه نافيا و هو يتساءل بأسى لماذا لماذا وصلت لتلك المرحلة البائسة بعد أن كنت شابا نافعا يتسابق الجميع في الشهادة بأخلاقه الحسنة أما الآن أصبحت غريبا غافلا عن مباديء ديني و إيماني .. رفع رأسه لينهمر المطر فوقه دون رحمة يغسله داخليا و ينقي فؤاده 
جملة ترددت في خلده بصوت والدتها 
ماحدش ضامن مۏته .. حسبت إنك ھتموت بعد عشرين يوم مع إن ممكن ټموت في اللحظة دي إستهدى بالله و ارجع لوعيك الإستسلام و الإنسحاب مش حل الحل إنك تكافح لآخر ثانية و تتعالج حتى لو نسبة النجاح بسيطة تبقى عملت اللي عليك إرجع لربك و استخيره هو أقرب إليك من نفسك 
اختلطت دموعه بالقطرات المتساقطة عليه ليتنهد بمد بعد أن أدرك دوره الحالي 
جلست والدة فجر جانبها على الفراش تتذكر أيام طفولة تلك الصغيرة .. رأسها الأصلع كان يغطيه شعرها الأسود الناعم ..
كانت فتاة مشاكسة ذكية يقع الجميع بحبها تساقطت عبرة على وجنتها عندما تذكرت حديث الطبيب عن حالتها .
حالتها حرجة و المړض خطېر فنتيجة العلاج ليست مضمونة بتاتا 
بالإضافة لذلك حالتها النفسية السيئة لكنها قررت عدم البوح بشيء .. إن علمت أن مارد حياته تقتصر بعشرين يوما فقط ذلك لن يكن بصفها بل سيزيد حالتها سوء 
..
الفصل الثامن 
الخاتمة 
وقف مارد أمام اللوحة ليتخلص من رقم ست و ثمانين ..
الباقي أصبح يتلخص في أسبوعين بالتمام و الكمال ..
نظر لنفسه في المراة رغم أن كل التغيرات كانت بالروح و الجوهر الداخلي ألا أنه يشعر بالرضا على ملامحه .. يشعر بطمأنينة و راحة أكثر من ذي قبل بكثير يؤد فروضه الخمسة بإنتظام و خشوع حقيقي .. أصبح يتضرع بالدعاء من صميم فؤاده بأن يصلح الله حاله و يرشده للصواب بعيدا عن طرقه السابقة .
حتى علاجه قام بالتحاليل اللازمة من أجل أخذ خطوة العلاج حتى لو متأخرة لكنه لم يهتم لذلك حتى لم يهتم سيان يعش أو يمت .. فقط أحب أن يتوفى على خاتمة حسنة فأصبح يقض معظم أقواته بالعبادة من أجل تلك الأمنية .. و أيضا من أجل تكفير ذنوبه السابقة 
نزل بخفة راكلا الباب خلفه و سلك مساره نحو الطبيب الخاص بحالته ..
بعد مرور ساعة 
خرج مارد من غرفة الطبيب متسع المقلتان و ثغره مفتوح على آخره ..
لا يصدق ما سمعه لتوه و لا يصدق ما يصير حوله !
فالآشعة و التحاليل اللازمة أثبتت أنه يعاني من مرض آخر بسيط لا يمت للۏفاة بصلة !
مرض يعالج بالعقاقير و الأدوية اللازمة لا أكثر إذن لا مائة يوم لا لوحة لا ۏفاة تنتظره بعد أسبوعين !
شهق بفرحة و إبتسامة واسعة ظهرت على وجهه دون تصديق ليهرول فورا نحو منزله و خطة صغيرة وضعها بخاطره .. أولا يذهب ليصلي و يسجد لربه حامدا و شاكرا و مستغفرا .. معاهدا نفسه ألا يسلك المسار الخاطيء مرة ثانية 
و أن يعلم أن الله أكبر وقت سد كل الطرق أمام وجهه .. و أن الله رحيم وقت رحيل كل الاحباء .. و أن الله أقرب إلى العبد من حبل الوريد وقت الشعور بالوحدة 
و ثانيا أن يهذب شعره و ذقنه و يبتاع حلة جديدة ..
و ثالثا أن يرتديها و يتوجه فورا قاصدا المشفى و خصيصا معشوقته الصغيرة ليطلبها من والدتها و رسميا !
وقف الآن أمام غرفتها بالمشفى بعد أن أنهى الخطوتين السابقتين عدل من وضعية قميصه الأسود تحت السترة الصوفية من اللون الرمادي على بنطال أسود .. أمسك جيدا بباقة الورد الضخمة و هو يحضر الكلمات المناسبة داخل عقله ثم طرق مرتين ... لم يسمع ردا يأذن له بالدخول فعاد يطرق مرتين آخرتين لتنتبه أذناه لصوت نحيب و بكاء مرتفع فساورته
تم نسخ الرابط