مهمة زواج بقلم دعاء فؤاد
المحتويات
لو لسة فاضل في عمرها كام ساعة فأنا عايز أفضل جنبها الكام ساعة دول... مش هقدر أسيبها... أنا عارف انها مسألة وقت مش أكتر.. بس قلبي مش مطاوعني أبعد عنها الساعات اللي باقيالها في عمرها... أرجوك يا بابا سيبني أنا مش حاسس بتعب صدقني.
أطرق أبوه رأسه بحزن بالغ و هو يردد الحوقلة ثم عاد ليلح عليه من جديد
انفرج ثغره ليعترض ليقاطعه والده بنبرة قاطعة
خود شاور و غير هدومك بس يا آسر و تعالى تاني بسرعة... أنا هقف مكانك هنا مش هتحرك لحد ما ترجع... يلا يابني أنا ضغطي عالي و مش حمل المناهدة دي.
ماشي يا بابا... كلها نص ساعة بالظبط و هرجع تاني.
أومأ مربتا على كتفه بحنو
ايوة كدا يا حبيبي ربنا يهديك... يا ريت تروح بتاكسي بلاش تسوق عشان انت شكلك تعبان و مش مركز.
أومأ آسر بصمت ثم استدار مغادرا تاركا قلبه هنا عند حبيبته الراقدة في فراش المۏت.
بمجرد أن ترجل معتصم من سيارته اتجه مباشرة الى داخل الدوار أتبعه حمد ليتجهان مباشرة لمجلس أمهما المعتاد في بهو المنزل و لكنه لم يجدها فتسرب القلق الى قلبه فهي دائما تفضل الجلوس بتلك الأريكة العتيقة ولا تتركها الا في حال مرضها.
نعمة.. نعمة..
هرولت اليه نعمة الخادمة لتقول باحترام جم
فين ستك الحاچة!
ستي الحاچة ف قوضتها يا كبيرنا أصلها بعافية حبتين.
اتسعت عينيه پذعر ليصيح بانفعال
بعافية كيف يعني...و كيف محدش يكلمني في التلفون و يخبرني.
جذبه حمد من ذراعه ليقول
انت لسة هتسأل يا معتصم... بينا نطلع نشوف فيها ايه!
بعد قليل...
طرق معتصم باب غرفة والدته ثم دلف بهدوء ليتفاجئ بهذا المشهد...
تعالى يا ولدي مټخافيش عليا أني زينة...
خلعت ريم سماعتها ثم قامت بفك الجهاز من حول ذراع السيدة المسنة ثم قالت بنبرة عملية متجاهلة وجود معتصم
فعلا زي ما توقعت... الضغط عالي و هو اللي عاملك الصداع و مأثر كمان على عنيكي.
ألف سلامة عليكي يامايا... بجى اكده تجلجينا عليكي!!
ثم انحنى ليقبل كفها بحب خالص تعحبت منه ريم فكيف لذلك الرجل الغليظ أن يتحول هكذا مع أمه.
تقدم حمد هو الآخر و قبل جبينها
سلامتك يا حاجة ألف سلامة... مبتاخديش علاج الضغط ليه بس يا ست الكل... ولا انتي بتعملي كدا بقى عشان افضل قاعد جنبك أديكي العلاج بنفسي!
ضحكت السيدة بقهقهة ثم قرصت حمد من أذنه القريبة منها لتقول بجدية ممزوجة بالمزاح
ياد جولتلك اعدل لسانك اللي اتعوچ ده من كتر جعدتك اف بحري..
قهقه حمد و هو يتصنع الألم
أي.. يا حاچة خفي يدك هبابة..
مليح اكده... ناس مبتچيشي غير بالعين الحمرا.
كانت ريم تتابع المشهد بابتسامة متأملة بها مزيج من الاعجاب بتلك التركيبة العجيبة و العلاقة المريحة التي تجمع أفراد هذه الأسرة و من المشهد برمته.
بينما معتصم كان يسترق اليها النظرات يراقب بسمتها المرتسمة على ثغرها بشغف يجاهد نفسه لألا يبتسم على مظهر البراءة الذي تبدو به الآن على عكس ما عرفه عنها.
تنحنحت ريم لتجذب انتباه السيدة فالتفتت اليها لتقول بأسف
متأخذنيش يا بتي..آخر العنجود لاهاني عنيكي..
ابتسمت بود
ولا يهمك يا حاجة...
ردت البسمة لتقول بنبرة يشوبها المرح
ده ولدي حمد الصغير... و ده انتي خابراه معتصم الكبير...اني بستسمحك عنيه يا بتي اذا كان شد عليكي هبابة... بس بعد ما حكتيلي اللي حوصل عدرتك... و بعد ما شوفتك و اتحددت معاكي حبيتك جوي...البصة في وشك تشرح الجلب الحزين.
أخفضت ريم جفنيها بخجل على إثر تلك الإطراءة الحلوة في حين قالت مارتينا بضحكة بسيطة
سيدي يا سيدي...و أنا مش هينوبني من الحب جانب ولا ايه!
ضحكت ام معتصم لتقول بود
الا انتي يا مارتينا يا بتي... دا انتي عشرة خمس اسنين.. منستغنوش عنيكي واصل.
قاطع الحديث حمد متسائلا
طاب ياما احنا عارفين الدكتورة مارتينا...عرفينا بجى على الدكتورة اللي شرحت جلبك.
ضحكت السيدة لتنظر لمعتصم بمكر
عرفهالو يا ولدي... انت تعرفها مليح أكتر مني..
رد معتصم باقتضاب مشيحا بناظريه عن ريم
دي الضاكتورة ريم... لسة ماسكة الوحدة چديد مكان الضاكتور حسين.
أماء حمد برأسه محييا اياها ببسمة
اتشرفت بمعرفتك يا دكتورة ريم و ان شاء الله تتبسطي معانا في البلد.
كتمت ضحكتها بصعوبة لتقول بسخرية
الشرف ليا يا استاذ حمد...بس أنا فعلا مبسوطة... مبسوطة اوي..
قالت عبارتها الأخيرة و هي تنظر لمعتصم بنظرة ذات مغذى فزفر معتصم بضيق ثم صاح بجدية مغيرا مجرى الحديث
طاب يا ضاكتورة هتكتبي للحاچة أدوية!
ارتبكت قليلا حين صوب عينيه تجاهها بملامحه شديدة الجدية و التي تهابها كثيرا فعدلت من وضعية نظارتها الطبية في حركة ملازمة لها عند توترها ثم أومأت برأسها و هي تستخرج دفتر صغير من حقيبة يدها و قلم لتقول و هي تكتب
أيوة هكتبلها على نوعين... الأول هتاخد منه حباية ع الريق و النوع التاني هتاخد منه قرص بعد العشا.
نزعت تلك الورقة من دفترها و مدت بها يدها لمعتصم الذي أخذها منها و هو يتطلع إليها بملامح مبهمة مرتكزا بعينيه صوب عينيها لا تفهم إعجاب هذا أم وعيد الذي يشع من نظراته و لكنها أخفضت عيناها سريعا لتقف و تقول بجدية
أنا كدا خلصت... ألف سلامة عليكي يا حاجة و لو حصل أي حاجة ابعتيلي و أنا تحت أمرك.
ابتسمت السيدة بامتنان لتفتح لها ذراعيها و تقول
تعالي في حضڼي يا بتي و الله حبيتك كيف مابحب عيشة بتي...ابجي طلي عليا بطلتك الزينة دي.
استجابت ريم لدعوة السيدة أم معتصم فهي أيضا قد أحبتها و ارتاحت لها كثيرا و أدركت الآن سر تحول معتصم معها... فحنانها الزائد هو ما يدعوه للتعامل معها بذاك اللين و تلك الرقة.
نهض معتصم ليقول بجدية
اتفضلو امعاي أوصلكو لتحت.
هتفت ريم بأدب
مفيش داعي يا معتصم بيه... احنا هنعرف ننزل.
أصر عليها
لاه ميصحش يا ضاكتورة... اتفضلو من هانا.
سار خلفهما معتصم الى أن وصلوا الى باب الدوار ليأمر خفيره بعد ذلك بايصالهما الى الوحدة الصحية.
عاد معتصم لغرفة أمه ليجد حمد جالسا و يبدو أنه شاردا في أمر ما و ما أثار حفيظة معتصم امكانية شروده في ريم الأمر الذي أضرم نيران الڠضب في صدره.
مالك يا حمد!... حمد..
انتبه حمد في الثانية ليقول بشرود
ايه يا معتصم!
ايه انت!
نظر معتصم لأمه فوجدها تجاهد النعاس فانحنى يقبل جبينها
نامي و ارتاحي يامايا و اني هبعت سمعان يچيبلك الدوا من الصيدلية.
ماشي يا وليدي..
ساعدها في الاستلقاء على جانبها الأيمن ثم جذب ذراع أخيه يجره خلفه جرا و أغلق الغرفة و انصرف الى غرفته و مازال يجر شقيقه خلفه.
ايه يا معتصم بتجرني وراك زي البهيمة كدا ليه يا أخي!
ألقى به على طرف الفراش ليسأله بالهدوء الذي يسبق العاصفة
مالك بقى!.. من ساعة اللي اسمها ريم دي ما مشيت و انت قاعد سهتان على نفسك و مش على بعضك.
ابتلع ريقه بصعوبة ثم أردف بتوتر
مماليش يا معتصم... انت اللي بيتهيألك.
زمجر فيه بصياح و كأنه يذكره بأمر ما
فوق يا حمد... كلها اسبوعين تلاتة بالكتير و هتبقى مسؤل عن زوجة... و المفروص انك متفكرش في واحدة غيرها...كيانك كله لصافية مهما كان فيها من عبر و عيوب.
نهض حمد ليقف قبالته هاتفا به بانفعال
أنا مش صغير عشان تفكرني بالكلام دا يا معتصم... ولا انا مراهق عشان خيالك يصورلك اني ممكن أبص لواحدة زي ريم و أنا على زمتي واحدة تانية.
أخذ يهزه من كتفيه و هو يصيح بعصبية
أومال مااالك و انت سرحان من ساعة ما شوفتها... تفسرلي دا بايه انطق.
نفض ذراعي شقيقه عنه ليقول بحسرة
كنت بتخيل صافية زيها يا أخي... نفسي تكون زيها مش أكتر من كدا... انما هي كشخص.. استحالة أفكر في واحدة مش من حقي.
سكت معتصم و كأنه سكب عليه دلوا من الثلج ليسترسل حمد باستنكار
أنا اللي مستغربك يا أخي... و رد فعلك كان مبالغ فيه أوي يا معتصم.. فسرلي انت بقى اتحمقت اوي كدا ليه..
صاح بانفعال مشوشا على موقفه الغير مبرر
أنا كل الحكاية اني كنت بنبهك مش أكتر.. و بعدين أنا مش مضطر أفسرلك أي حاجة... سلام.
تركه معتصم و انصرف مغادرا الغرفة مخلفا غيامة من الڠضب و الغموض في آن واحد...
غادر و هو ينهر نفسه على تسرعه في الحكم على أخيه فهو يدرك جيدا مدى رجاحة عقل حمد و حسن امتلاكه لزمام الأمور... و لكن أكثر ما أغاظه تلك النيران التي استعرت بصدره حين خيل إليه أنها أعجبت شقيقه...
ترى أي شرارة تلك التي أشعلتها!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثانية عشر
رواية مهمة زواج
ترجلت السيدة تيسير من السيارة الأجرة في نفس لحظة ترجل أدهم من سيارته فابتسم لهذه الصدفة و أقبل عليها ليلتقط كفيها يقبلهما
حمد الله على سلامتك يا ماما وحشتيني اوي..
احتضنته بشدة لتقول
و انت كمان يا حبيبي... يلا نطلع بسرعة اصل ندى وحشاني اوي..
يلا يا حبيبتي..
أخذها و دلفا الى الداخل و استقلا المصعد..
قبل
ذلك الحين بقليل...
انتهت ندى لتوها من التنظيف و ها هي قد أخذت حماما باردا و ارتدت بادي بحمالات رفيعة أظهر كتفيها و مقدمة صدرها و شورت قصير من الچينز ثم أظلمت الغرفة بعدما أغلقت بابها من الداخل لتأخذ قسطا من الراحة لحين وصول السيدة تيسير.
و بمجرد أن تمددت على فراشها قامت منتفضة كالملسوعة لتقول پذعر
يانهار ابيض... انا نسيت هدومي في قوضة أدهم..
ثم هبت من الفراش سريعا و فتحت الغرفة لتركض باتجاه غرفة أدهم بسرعة كبيرة قبل أن تراها وفاء بهذه الملابس الڤاضحة معتقدة في داخلها أن تيسير أو أدهم لن يصلا الحين.
فتحت الغرفة و من فرط سرعتها في الركض انزلقت قدماها لتصطدم رأسها بحافة خزانة الملابس المصنوعة من الخشب الثقيل و قد كانت الصدمة مؤلمة لدرجة أنها صړخت بعلو صوتها حين كان أدهم يفتح باب الشقة بمفتاحه الخاص حينها التقطت تيسير صړاخ ندى لتسبقه الى الداخل و هي تهتف بهلع
دا صوت ندى جاي من قوضتك..
ثم خلعت حذائها سريعا و ركضت نحو غرفة ابنها لتجدها مفتوحة و ندى مسجية على الأرض ممسكة برأسها و لا تستطيع النهوض.
حبيبتي يا ندى... ايه اللي حصل!
كانت ندى تجاهد لألا تفقد وعيها فقد ثقل رأسها للغاية و داهمها الدوار بينما
متابعة القراءة