مهمة زواج بقلم دعاء فؤاد
المحتويات
ذلك الغليان برأسه فيبدو أن أخيه قد أخذ القرار و لن يتراجع مهما فعل... و هو لن يستطيع أن يكسر كلمته أو بالأحرى هيبته بين أهل بلدته.
عودة للقاهرة..
أمام إحدى الكافيهات الراقية قام آسر بصف سيارته ثم ترجل منها ليفتح الباب الخلفي لخطيبته لتخرج ميريهان تلتها شقيقتها مودة فقام آسر بغلق السيارة الكترونيا و اصطحبهما إلى الداخل..
أشار إلى إحدى الطاولات النائية التي تطل على النيل فأومأت ميريهان بحماس
حلوة يا آسر... يلا.
حين وصلوا للطاولة و جلس كل من آسر و ميري أردفت مودة ببسمة خالصة
طاب هروح أنا بقى أستناكم في الترابيزة اللي هناك دي..
أشارت ألى أخرى بعيدة في الجهة المقابلة فقال آسر بجدية
ردت بمرح
لا يا عم... أنا هروح أمارس هوايتي المفضلة..
قالتها و هي ترفع أمامهما حقيبتها التي تحوي أدوات الرسم.
فأومأ آسر ببسمة ممتنة فأسرعت بالإستئذان منهما و ذهبت الى حيث أشارت.
بتحبك أوي مودة...
قالها آسر و هو يراقبها بعدما انصرفت فردت ميري بتنهيدة حزينة
رد بلهفة
لا يا حبيبتي سلامة قلبك... كفاية هي... ربنا يشفيها.
يا رب... نفسي تخف و تعيش حياتها زي أي بنت.. بس للأسف كفاءة القلب كل مدى بتقل لولا الأدوية اللي لو فوتت يوم و مأخدتهاش الدنيا تبوظ خالص و غالبا بتبات اليوم دا في المستشفى.
نصيبها كدا من الدنيا يا ميري...ربنا يجعل مرضها في ميزان حسناتها.
زفرت أنفاسها و هي تتمتم بالحمد لله فغير آسر مجرى الحديث
ها يا حبي... تشربي ايه!
بينما هناك على طاولة مودة بينما هي منهمكة في الرسم رن هاتفها برقم ما فنظرت للإسم و اتسعت بسمتها تباعا ثم فتحت المكالمة لترد
و انتي يا روحي وحشاني مۏت... عاملة إيه يا ميمو و ميري أخبارها إيه!
الحمد لله يا ماما احنا بخير.. انتي اللي عاملة ايه!
بخير يا حبيبتي طول ما انتو بخير... ميري صوتها وحشني أوي...مش ناوية قلبها يحن و تكلمني بقى!
ابتلعت مودة ريقها ثم قالت بحزن
متزعليش منها يا ماما... هي بتحبك بس انتي عارفة إن قلبها جامد شوية و لسة شايلة منك..
معلش يا ماما إديها شوية وقت... ان شاء الله هتروق و هترجع المية لمجاريها.
يا رب يا مودة يا رب... وصلي سلامي ليها و لآسر..
حاضر يا حبيبتي يوصل...
مع السلامة يا روحي..
أغلقت ريهام والدة مودة الهاتف و هي تزفر بحزن فمنذ أن انفصلت عن والدها و تزوجت بآخر و سافرت معه الى الخارج و قد بنت ابنتها ميريهان سدا منيعا بينها و بين والدتها لم تتخطاه بعد رغم مرور أكثر من عشر سنوات على ذلك الأمر و رغم كل محاولات التودد من قبلها ألا أنها كلها قابلتها ميريهان بالرفض على عكس مودة تماما و التي رق قلبها لأمها على الفور و سامحتها و كأن شيئا لم يكن.
في شقة أدهم....
طرق باب غرفتها فردت عليه من خلف الباب ليقول لها
ندى أنا هستناكي في الصالون....عايز أتكلم معاكي.
أتاه صوتها من خلف الباب
حاضر ثواني و جاية.
بعد قليل أقبلت عليه مرتدية إسدال الصلاة ثم جلست بالكرسي المقابل له فأدار دفة الحديث قائلا بجدية
إن شاء الله بكرة الصبح ماما هترجع من عند روان و أنا هنزل شغلي.... و طبعا ماما هتلاحظ إن كل واحد مننا بيبات في قوضة لوحده و طبعا هتقوم الدنيا و مش هتقعدها..
ردت بتجهم
و المطلوب!
رد عليها بهدوء و ترقب
أنا فكرت في فكرة كدا مش عارف هتوافقيني عليها ولا لأ!
قول أنا سامعاك.
أخذ نفسا عميقا ثم قال و بؤبؤي عينيه يتحركان بعشوائية كناية عن توتره
عايزك تقوليلها إنك اقترحتي نتعرف على بعض فترة معينة كأننا لسة في فترة خطوبة لحد ما نتعود على بعض و بعدين هنمارس حياتنا الزوجية طبيعي بعد كدا.
سكتت مليا تراقب توتره ثم أردفت بوجوم
و ليه أنا اللي اقترحت... ليه ميكونش انت!
تنهد بنفاذ صبر
عشان هي مش هتتقبل مني أنا الاقتراح دا... انما هتقبله منك انتي و هتحاول قدر الامكان متضايقكيش حتى لو هتيجي عليا انا.
هزت رأسها بإيجاب و ملامحها يبدو عليها الحزن العميق ثم قالت بنبرة خاوية
تمام يا أدهم ربنا يسهل.
رسم بسمة صغيرة على شفتيه ثم قال بنبرة جادة فيها شيئ من الإعجاب
بس تعرفي!.. أنا اتبسطت أوي إني اتعرفت عليكي... بجد انتي شخصية جميلة و مٹيرة و أنا متأكد إن كل ما هنقعد مع بعض هكتشف فيكي حاجات أجمل.
توردت وجنتاها من الخجل و هربت بعينيها من مرمى ناظريه حياءا ثم قالت بنبرة مهتزة من أثر الخجل
احم... و أنا.. و أنا كمان اتشرفت بمعرفتك... عن إذنك.
هبت واقفة لتسير نحو غرفتها بخطوات سريعة فلا تدري أهي غاضبة حانقة محبطة خجلى أم كل تلك المشاعر امتزجت بوجدانها.
بينما أدهم راقب طيفها بحيرة لا يدري أقرارته تلك معقولة أم أنه قد بالغ فيها... و لكنها لطالما هي من اقترحت عليه علاقة الصداقة... إذن فالأفكار متبادلة و الرأي واحد... ندى جذابة حقا و ربما تتطور العلاقة بينهما لأبعد من ذلك... ولكن في الوقت الراهن قلبه لا يميل لها و هي بالنسبة له مهمة عمل و أمانة من والدها و عليه المحافظة عليها بأقصى ما يستطيع... هذا
كل شيئ.
انتهت نزهة آسر مع ميري و مودة ثم أخذهما بسيارته عائدين إلى منرلهما حيث جلست ميري بجوار آسر في المقعد الأمامي بينما جلست مودة بالمقعد الخلفي و أثناء ذلك تحدثت مودة إلى ميريهان عبر مرآة السيارة الأمامية
صحيح يا ميري ماما كلمتني لما كنتي قاعدة مع آسر... نفسها تسمع صوتك... بتقول إنك وحشتيها أوي.
تجهم وجهها على إثر سيرة أمها و قالت ببرود
امممم.... ماشي.
رمقها آسر بنظرة من جانب عينه تنم عن عدم رضاه عن رد فعلها ثم قال بحدة طفيفة
ميري ميبقاش قلبك أسود كدا... دي مهما كانت مامتك و ربنا ميرضاش بالمعاملة اللي بتعامليها بيها دي.
رمقته بنظرة حاړقة ثم هتفت بعصبية
أنا قلبي أسود و زي الزفت... و يا ريت محدش يكلمني تاني في الموضوع دا....ممكن!.
هم آسر ليتحدث إلا أن مودة قاطعته
خلاص يا آسر سيبها براحتها.
شدد من قبضته على المقود كناية عن تعصبه و صمت بينما ميري أشاحت بناظريها بعيدا عنه تراقب الشوارع عبر النافذة بشرود و تيه... تشعر بنصال حادة تمزق قلبها... فلا هي قادرة على مسامحة أمها و لا تستطيع التخلص من إلحاح شقيقتها و خطيبها... فماذا عساها أن تفعل بنابضها الذي يأبى الغفران.
في محافظة سوهاج....
بت يا صافية... البسي الدريل البنفسچي بتاع العيد الصغير عشان تجابلي بيه حمد واد عمك.
سكتت مليا تفكر ثم ما لبثت أن قالت بتررد
بس أني كنت عايزة ألبس الدريل البني يا أمايا.
أخذت تحرك شفتيها لجانب فمها كناية عن عدم رضاها لتقول بسخرية
بني يا مايلة!!.. كانك اتچنيتي اياك!.. أني جولت تلبسي البنفسچي يا مجصوفة الرجبة.. انتي عايزة تلبسي غامج و تچرسينا!
زمت شفتيها بضيق ثم قالت بانصياع
حاضر يامايا بنفسچي بنفسچي..
ضيقت عيناها بمكر و هي تقول
إيوة اكده... أنا خابراكي معتچيشي غير بالعين الحمرا يا بت حمد.
ضړبت صدرها بخفة لتقول باستنكار
أني يامايا!...دا أني بالذات لو جولتيلي لجحي روحك بالجنايا هلجحها طوالي.. دا أني عمري ما كسرتلك كلمة واصل.. أني طوالي..
قاطعتها أمها بنفاذ صبر هاتفة
اتكتمي يا بت... ايه ياختي ماصدجتي تنفتحي في حديتك الماسخ ده... إنچري يلا روحي احلبي الچاموسة عشان تتشطفي و تغيري خلجاتك قبل ما عريس الغبرة ياچي..
أطرقت رأسها پانكسار و هي تردد بخنوع
حاضر يا امايا أني رايحة الزريبة أهو...
راقبتها أمها و هي تسير ناحية حظيرة الحيوانات و هي تبتسم بانتصار فها هي فتاتها المطيعة لم تخيب ظنها أبدا و أينما توجهها تذهب كيفما شائت هي... ألغت شخصيتها و محت تفكيرها و لم تسمح لها بأن تفكر أو تختار... فحتى زواجها بابن عمها لم يكن سوى إقرارا منها بالموافقة على ما تراه أمها في صالحها و حسب فصافية أيضا حالها من حال حمد لم تراه منذ سنوات و لم يخطر ببالها من الأساس أن تخطب له.
و لكن هي كل ما تعرفه أنها ترى بعين أمها و تفكر برأس أمها و تسير كما يحلو لأمها و حسب.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة التاسعة
رواية مهمة زواج
استيقظت ندى لصلاة الفجر و بعدما أدت الصلاة أنهت أذكار الصباح ثم تلت وردها القرآني و بقيت مكانها شاردة تفكر فيما أملاه عليها أدهم بالأمس تؤلمها تلك الكذبة التي افتعلها لكي يضمن تغاضي أمه عن انفصالهما في بيت الزوجية و لكنها مضطرة لمجاراته الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
استمرت بشرودها حتى بدأت خيوط الشمس تتسلل الى الغرفة عبر النافذة لتضيئها رويدا رويدا الى أن انتبهت لوقت الشروق فأخذت تدلك رقبتها من الألم و هي تتمتم لنفسها
ياااه أنا قعدت كل دا سرحانة...
ثم تنهدت بقلة حيلة و نهضت من مكانها لتبدل اسدال الصلاة الى فستان قطني بسيط و مريح و في ذات الوقت لا يظهر من جسدها شيئ ثم غطت رأسها بحجاب صغير و خرجت من الغرفة لتسير بإتجاه المطبخ لتعد ثمة شطيرة تسد بها جوعها.
لم تكد تصل إلى باب المطبخ حتى استمعت الى صوت جلبة آت من غرفة أدهم فأدركت أنه قد استيقظ و ربما يتجهز الآن للذهاب الى عمله فابتسمت بحالمية و هي تفكر في شيئ ما فلا ضير من إعداد مزيد من الشطائر
يتناولنها سويا.
بينما أدهم في غرفته حائر تائه بين ملابسه و أحذيته و أحزمته الميري الغرفة تعمها فوضة هائلة فقد كانت أمه من تعد له ملابس العمل و توفقها مع بعضها البعض حتى حذائه هي من تتولى أمره و تضعه بجوار بدلته الرسمية و ما عليه إلا أن يرتدي ما أعدته و حسب.
أخذ يزفر أنفاسه پعنف فقد ضاق ذرعا بهذا الأمر و نفذ صبره و لكن لا مجال الآن للحيرة فعليه أن يختار عاجلا أم آجلا...
بعد حوالي عشرون دقيقة كان أدهم يقف أمام المرآة يضع اللمسات الأخيره على مظهره بعدما مشط شعره و نثر عطره النفاذ ثم قام باحكام حزامه الميري حول خصره و غرس سلاحھ بالجيب المخصص له في الحزام و أخيرا و بعد عناء ألقى نظرة رضا على نفسه فقد انتهت المهمة بنجاح.
في تلك الأثناء كانت ندى تجلس
متابعة القراءة