ضبط وإحضار كاملة منال سالم

موقع أيام نيوز

قبل أن يتدارك نفسه ويلتفت ناظرا إليه ليعقب في ضيق
وإنت عاجبك إنه يهزقني قصاد الكل
ضاقت عينا عمر إلى حد كبير وكأنه غير راض عن تبريراته الواهية بينما أكمل أنس في تبجح وبما استفزه
ده شغل ولو حصل بجد مش هيبقى هزار ولا دلع عيال يعني ممكن رقبة المحروسة تطير فيها ولا تتصفى.
حدق عمر في عينيه قائلا بثبات
بلاش تجمل اللي عملته لأنك غلطان من الأساس.
ثم تحولت نظرته إلى شيء من الاستحقار قبل أن يردف وهو يهم بالحركة متجنبا الجدال معه في شيء لن يجدي أو يفيد بعدما انقضى
أنا اتأخرت أشوفكم بعدين.
هتف أمير بنبرة شبه عالية مشيرا بيده ليستحثه على التمهل وانتظاره ليصطحبه إلى خارج غرفة الاجتماعات
استنى أنا جاي معاك.
انتفخت عروق أنس وهو يرنو بنظرته الڼارية إليهما ليستطرد مدمدما مع نفسه
عموما الجايات أكتر من الرايحات!
.....................................................
بعد أن سمح لها الطبيب بالمغادرة تأبطت بسنت ذراع رفيقتها غير الملفوف بالرباط الضاغط لتستند عليها بثقلها أثناء سيرها حتى أصبحت الاثنتان عند بوابة الأكاديمية عاونتها بهاء على

المشي بتؤدة لتشرع في سؤالها
هنعمل إيه دلوقت
أخبرتها بسنت بإرهاق بائن على كامل جسدها قبل نبرتها
أنا مش قادرة أسوق شوفيلنا أوبر ولا InDrive أي حاجة قريبة توصلنا.
قامت بإخراج هاتفها من حقيبتها وهي ترد
حاضر هحاول أحجز رحلة أهو.
في تلك الأثناء كان عمر مستقلا سيارته وبجواره أمير عندما لمح من موضع قيادته الشابتين وهما تسيران بخطوات شبه متمهلة على رصيف الأكاديمية تشاور مع رفيقه مقترحا عليه توصيلهما فأبدى ترحيبه بالفكرة وخفض من زجاج نافذته ليناديهما بنبرة مسموعة
يا أساتذة!
أوقف عمر المحرك ونظر عبر مرآته الأمامية ليرى انعكاسهما فيها .. ما إن سمعت بسنت الصوت الرجولي الذي ينادي عليهما حتى تخشبت في مكانها نظرت أمامها فرأت سيارة الدفع الرباعي السوداء المألوفة لها وأمير يطل برأسه من نافذتها فهتفت في توجس مشوب بالذعر
بيبو هو بينادي علينا ليه
كانت بهاء مثلها متفاجئة برؤية من بالسيارة تطلعت إليه في ذهول حائر لتقول باقتضاب
مش عارفة.
راحت صديقتها تردد في تخوف أكبر
لأحسن يكون ناوي يحطنا تحت كوتشات العربية المرادي...
تملكها الارتياع فأتمت جملتها پخوف آخذ في التزايد
أنا عضمي مش هيستحمل الدهس.
آنئذ استدارت بهاء لتنظر إليها هاتفة
هو مش أهبل علشان يخوفنا!
جاء تعقيبها معبرا لما تشعر به
معدتش في حاجة مضمونة في التدريب ده واحنا متكسرين خلقة!
ترجل أمير من السيارة ليقترب منهما فعاملته بهاء بجفاء وجمود ظهر خلال حديثها إليه
خير في حاجة
أشار بيده نحو السيارة قائلا بلباقة
اتفضلوا معانا نوصلكم في طريقنا.
ردت بتجهم وبملامح صارمة
شكرا احنا هنتصرف.
أصر عليها موضحا أسبابه
لأ مايصحش وبعدين مش هتلاقوا مواصلات السعادي ده توقيت خروج موظفين والدنيا زحمة مۏت.
أخبرته في نفس الصوت والملامح الجادة
معلش دي مشكلتنا.
من خلال متابعته لما يدور عبر مرآة سيارته أدرك عمر أن بهاء رافضة بشكل قطعي عرضه لذلك ترجل من موضعه متجها إلى ثلاثتهم فاستطرد أمير مخاطبا إياه
كلمهم إنت يا عمر لأحسن رافضين.
تحولت بهاء بعينيها نحوه لتردف
شكرا على اهتمامك احنا خلاص طلبنا عربية.
بدت نبرته إلى حد ما مزيج بين الحزم والأمر وهو يكلمها
كنسلي الرحلة وتعالوا معانا.
تعقد جبينها في استهجان وردت بإصرار
لأ مش هينفع.
وقف قبالتها مبديا هو الآخر تصميمه
وأنا مش هقبل بالرفض ده حتى عم سليمان موصيني عليكي.
تلميحه غير المفهوم في ختام جملته جعلها ترتبك فما الذي يريد الإشارة إليه بشكل مبطن انتصبت شعيرات جلدها عندما تابع
ولا تحبي أطلبه بنفسي اسأله
برقت عينا بهاء توترا بينما تشبثت بسنت في ذراعها لتميل عليها هامسة بتوجس
احنا نسينا إنه يعرف عمك!
خاطبهما أمير مبتسما وهو يشير بيده مجددا نحو السيارة
اتفضلوا.
ظلت الاثنتان في حالة من التردد وقبل أن يحسما رأيهما بالرفض استطرد عمر فجأة بنبرة ذات مغزى مشيرا بإصبعه نحو بسنت
أنا شايف إن صاحبتك تعبانة تحبي أشيلها
تدلى فك بسنت للأسفل وصاحت في صدمة جلية معكوسة على كامل ملامحها وأيضا نظراتها
نعم تشيل مين
في استهجان أكبر صاحت بهاء ملوحة

بيدها
إيه اللي بتقوله ده
رمقها بهذه النظرة الجادة معلقا
ليس على المړيض حرج.
من طريقته الواثقة أدركت أنه لا يمزح لحظتها فقط صاحت بسنت رافعة يدها للأعلى
أنا هركب بنفسي.
كادت تتحرك تجاه السيارة في طاعة كاملة لكن بهاء استوقفتها قبل أن تخطو للأمام محتجة على استسلامها
استني بس نركب مع مين
كزت على أسنانها هامسة في توتر كبير
إنتي مش شايفة شكله بدل ما نبص نلاقيه شايلنا احنا الجوز على كتفه وده قادر ويعملها!
أمام نظرات رفيقتها المتوسلة وقلقها البائن على تعبيراتها اضطرت بهاء للرضوخ وسارت مرغمة تجاه السيارة لتجلس بالمقعد الخلفي. أغلق أمير الباب بعدما تأكد من استقرارهما قائلا بابتسامة صغيرة لطيفة
نورتوا العربية.
بينما ضبط عمر المرآة لتصبح على وجه بهاء تحديدا فالتقت الأعين ببعضهما البعض خلال انعكاسها ليتبادلا نظرات متناقضة جمعت بين الضيق والاهتمام. 
لا يعرف إن كان ذلك لسوء حظه أم لحسنه حينما تواجد في نفس الوقت أثناء حدوث ما وصفه بالتجاذب والانسجام بين أربعتهم. حك أنس مؤخرة عنقه معقبا بانزعاج
هي بقت كده أنا طلعت وحش في الآخر
ظل في مكانه رغم رحيل السيارة ليتابع مع نفسه في شيء من الوعيد
ماشي هنشوف هتخلص الليلة دي كلها على إيه! والشاطر اللي يضحك في النهاية.
قام بإيصال رفيقتها أولا إلى عنوان مسكنها قبل أن يستعلم عن مكان بيتها ليوصلها إليه أرشدته إلى المنطقة التي تقطن بها فلم يجد أدنى صعوبة في بلوغها. دار عمر ببصره في المكان وكأنه يحفظ معالمه ليسألها باهتمام رغم جدية نبرته وهو يبطئ من سرعة السيارة بالتدريج
ده بيتك
أجابته وهي تشير بعينيها
أيوه اللي عند الناصية.
هز رأسه معقبا باختصار
تمام.
أدار أمير رأسه في اتجاهها ليكلمها
لو عوزتي أي حاجة اطلبيها على طول احنا في الخدمة.
لم تبتسم له وهي ترد
شكرا.
تصلبت أصابعها على مقبض الباب عندما خاطبها عمر بعبارته الغامضة
سلامي لعم سليمان.
التفتت تناظره بعينين متسائلتين عن سبب تلميحه المتواري خلف التطرق لسيرة عمها لكنها لم تنطق بكلمة فترجلت عن السيارة مسرعة لتتلاحق خطواتها حتى بلغت مدخل بنايتها. لم يرحل عمر في التو ظل ماكثا لبرهة وكأنه يتأكد من صعودها للأعلى تبسم له أمير وسأله في شيء من المكر
شكلك تعرفها كويس
سكت لثوان وأعطاه ردا دبلوماسيا
مش بالظبط بس أبويا الله يرحمه يعرف عمها.
هز رأسه معقبا
أها علشان كده.
عكر الأجواء الصافية رنين الهاتف وازدادت عكارة مع قول أمير
ده أنس بيتصل.
من جديد أعاد عمر تشغيل محرك سيارته ليحركها قائلا بعدم مبالاة
عايز ترد عليه براحتك.
ضغط على زر إنهاء الاتصال مرددا
لأ بعدين أنا محتاج أرجع البيت أخد دش وأرتاح.
تنهد عمر مليا ليتمتم
كلنا.
لم تغفل عن ذكر أهم أحداث يومها لعائلتها بعد انقضاء وقت تناول الغداء بداية من التعرض لحاډثة الاختطاف الوهمية وانتهاء بقيام عمر بتوصيلها للمنزل. في قلق مفرط سألتها زوجة عمها وهي تحتضن يدها براحتيها
حبيبتي طب نروح نعمل عليها

أشعة!
أخبرتها بهاء مؤكدة
والله أنا بخير هما في المركز طمنوني يومين وهبقى تمام.
تحدث سليمان في تذمر وعلامات الاستياء بائنة على محياه 
ده اللي خدناه من الدراسة وۏجع الدماغ.
لحظتها ردت عليه فادية متخذة موقفا دفاعيا عن ابنة شقيقه
ما تكبرش الحكاية يا سليمان هي قالتلك إنها كويسة وكمان ابن صاحبك وصلها مع بسنت.
للغرابة مدح عمها معروفه معها قائلا
فيه الخير الشاب ده ما يتخيرش عن أبوه في جدعنته.
قوست بهاء شفتيها في غير رضا مرددة بصوت خاڤت
أومال!
تذكرت أيضا ما حدث للهدية العزيزة التي تلقتها من زوجة عمها فاعتذرت منها وهي تشير إليها متوجسة خيفة من ردة فعلها
طنط فادية مش عايزاكي تزعلي علشان الساعة اتكسرت!
على عكس ما توقعت لم تحزن منها الأخيرة بل قالت في حنو
فداكي مليون ساعة يا بيبو المهم إنك بخير.
ثم ربتت على كتفها وتساءلت في مكر وهذه النظرة العابثة تتلألأ في حدقتيها
شكله إيه الشاب ده هو كان اسمه عمر صح كده
فهمت ما ترمي إليه من طريقتها في الاستفسار عنه وكأنها تجمع معلومات ثمينة عن العريس المنشود فزفرت مطولا قبل أن تباعد نظرتها المزعوجة عنها لتهمهم بتبرم
أنا مش هخلص النهاردة!
..............................................
اتفقت مع رفيقتها على عدم الذهاب إلى الأكاديمية والاستراحة ليوم أو اثنين لاستعادة طاقتهما المفقودة وللتعافي أيضا من آثار المغامرات العجيبة التي فرضت عليهما. استغلت بهاء فرصة تواجدها بالمنزل لمساعدة زوجة عمها في إعداد الطعام وتنظيف الغرف وأيضا تجهيز الملابس غير المستعملة للتبرع بها لإحدى المؤسسات المهتمة بالعمل الخيري. كانت في أوج انشغالها بكي الثياب وطيها عندما قرع جرس باب المنزل لم تبد مبالية بفتحه وتجاهلت الرد لولا أن طلبت منها زوجة عمها بصوت شبه مرتفع
افتحي الباب يا بيبو لأحسن إيدي مش فاضية هتلاقي البواب جه اديله كيس الژبالة.
انتزعت بهاء السلك الكهربي الموصل للمكواة لتشغيلها من القابس وهي ترد
حاضر يا طنط.
ثم اتجهت إلى المطبخ لتحضر كيس القمامة من الصندوق لتعود إلى صالة المنزل لتفتح الباب بلا أدنى مبالاة بمظهرها العام فقد كانت ترتدي ملابسها المنزلية المعتادة من كنزة واسعة ذات لون برتقالي وسروال قماشي مزركش. أدارت المقبض ومدت يدها بالكيس في تصرف عفوي قائلة بتلقائية
اتفضل الژبالة جاهزة.
لم تتخذ حذرها لهذا لم تتحر الدقة وتنظر أولا من العين السحرية للباب لتعرف هوية الضيف. انفرجت شفتاها عن صدمة حرجة عندما رأت عمر واقفا عند عتبة المنزل يطالعها بنظرة مطولة غريبة هربت الكلمات من على طرف لسانها وبقيت على حالها مذهولة مصډومة ليتدارك الموقف من تلقاء نفسه ويستهل كلامه معها بهدوء
سلام عليكم !!
يتبع الفصل التاسع
الفصل التاسع 
قبل أن يقرر المجيء لزيارة بهاء في منزل عائلتها استعاد في ذاكرته تفاصيل ما قام به حيث تشاور مع زوجة شقيقه هاتفيا عن مسألة بعينها ليعرف رأيها كامرأة في ذلك الأمر فتعطيه النصيحة الأمثل بحكم خبرتها النسائية وبالتالي لا يتصرف بتهور. بعد التفاف حول الموضوع تكلم عمر أخيرا متسائلا
بقولك يا سلمى ما تعرفيش حد بيبيع ساعات سمارت حريمي
أتاه ردها مستفسرا
أعرف بس ليه
تهرب من الإجابة عليها بقوله
حاجة تخصي.
احترمت فيه رغبته في عدم الإفصاح عن الأمر ولم تضغط عليه لتخبره بترحيب
وماله شوف إنت عاوز اللون إيه وأنا هجيبلك طلبك.
شكرها في امتنان
تسلميلي يا رب.
استطاع سماع صوت شقيقه يتساءل في نبرة فضولية
هو الكلام على مين
استمع إلى زوجته تنهره بمزاح
دايما حاشر نفسك في اللي ملكش فيه!
بطريقة ماكرة استطرد عامر وكأنه يخمن جزافا ما وراء مكالمته
شكل الموضوع فيه مزة جديدة صح ولا أنا غلطان
لم ينطق عمر بشيء فواصل التخمين بلؤم
مش سامعلك حس يا رب تبشرنا قريب.
من جديد هتفت فيه سلمى لتستحثه على الكف عما يفعل
الأكل جاهز على السفرة كل يا عامر وماتضايقش أخوك.
رد عليها زوجها بتذمر
أنا ليه حاسس إنه جوزك مش أنا دايما واخدة صفه على طول.
بررت له اتخاذها لجانبه
علشان هو غلبان وطيب.
قال مبترما
وربنا إنتي ظلماني!
ظل عمر صامتا يصغي لشجارهما اللطيف قبل
تم نسخ الرابط