ضبط وإحضار كاملة منال سالم
المحتويات
دون ترتيب توجه بحديثه إلى عمها مستطردا
عم سليمان أنا عايزك في موضوع.
سأله بتوجس
خير يا ابني
تنحنح قائلا في نبرة اتخذت طابعا جديا
من غير لف ولا دوران ولا تذويق للكلام أنا عاوز أخطب الآنسة بهاء.
حلت الصدمة على ثلاثتهم فحملقوا فيه مندهشين لتفيق فادية أولا من صډمتها مهللة بصياح مبتهج
يا ألف مبروك.
تدارك سليمان نفسه وقال متعللا
رد عليه بإصرار وعيناه تختطفان نظرة سريعة تجاه بهاء الخجلى
مش فارقة يا عم سليمان المهم عندي إنك توافق.
قال بعدما حك طرف ذقنه
رأيي أنا مش مهم هي اللي هتتخطب مش أنا.
لحظتها توجه عمر بسؤاله إليها مخاطبا إياها برسمية عجيبة
قولتي إيه يا آنسة بهاء
النظرات المرتكزة عليها جعلتها تشعر بعدم الراحة فحاولت المناص من الرد المباشر وأشارت إلى هيئتها مرددة في لمحة من السخرية
ضحكت فادية معلقة بلطافة وهي تلكزها في جانب ذراعها برفق
قولي أه وريحيه إنتي ماشوفتيش كان قلقان عليكي إزاي!
انتظر على أحر من الجمر سماع جوابها فلم تبخل عليه بمنحه ما يثلج صدره ويروي ظمأ نفسه التواقة لما يسعدها فقالت على استحياء وبوجه متضرج في حمرته
وأنا موافقة.
بمجرد أن فاهت بتلك الكلمات الموجزة المعبرة عن قبولها بخطبته حتى قفز قلبه طربا وابتهجت أساريره حتى عينيه انبعثت منهما نظرة فرح متألقة بينما أطلق فادية دفعة متلاحقة من الزغاريد المسرورة كأنما تتواجد في قاعة أفراح لا في غرفة بالمشفى ليضرب بعدها سليمان كفه بالآخر مرددا في تعجب
يتبع الفصل السابع عشر
فصل السابع عشر
الفصل السابع عشر
زفرة خانقة وراء الأخرى لفظها وهو يلصق هاتفه المحمول في أذنه منتظرا بصبر فارغ أمام نافذة مكتبه المغلقة بإحكام إجابتها على اتصاله اللحوح بها تجاهلها المتواصل استثار أعصابه أكثر وجعله في حالة من الغليان خاصة بعدما تلقى ذلك التوبيخ اللاذع من قائده والمصحوب بعقۏبة لم يتوقعها استبعاده من التدريس خلال الفترة القادمة في الأكاديمية وإلحاقه بالأعمال الإدارية مع احتمالية نقله إلى مكان آخر يبعد عن العاصمة ليصبح في عداد المنبوذين والمغضوب عليهم بالطبع سيؤثر ذلك على سمعته كثيرا ناهيك عن تأخر ترقياته وربما حرمانه من المكافآت المالية والتقديرات المعنوية. ارتفعت نبرة أنس المحتدة بمجرد أن استجابت ميرا ليبدو صوته أقرب للصړاخ وهو ينهرها
جاءت نبرتها هادئة للغاية حينما عقبت عليه
كنت مشغولة!
استمر على صياحه بها متسائلا بحنق
شوفتي اللي حصل فيا
كعهدها ردت بهدوء مستفز
أيوه عرفت...
استطاع سماع صوت ثقل أنفاسها وهي تواصل الحديث بما أغاظه
بس أنا ماقولتلكش أعمل كده في حاجة رسمية أنا كان قصدي تعمله شير على النت ولا أي حاجة ماتعملكش إنت مشاكل.
جاية تقولي الكلام ده دلوقت
لم تعلق بكلمة فتابع في ڠضب وانفعال
أنا اتأذيت في شغلي يا ميرا.
أخبرته بشيء من التأكيد
ما تقلقش هخلي معارف بابا يرجعوك تاني.
لم يبد مقتنعا بذلك وقال محاولا السيطرة على غضبه المندلع
أما أشوف وإلا الزعل هيكون معاكي إنتي.
اعتبر أنه من غير اللباقة بعدما أعلنت قبولها بالخطبة أن يتركها مع عائلتها يعودون إلى منزلها بواسطة سيارة أجرة فأصر على توصيلهم ليظهر مدى اهتمامه بشأنهم وفي نفس الوقت يحظى بالمزيد من الوقت للتنعم بصحبتها. واصل عمر تجاذب أطراف الحديث مع سليمان وعيناه تتابعان الطريق تارة وتختطف لحظات ثمينة للنظر إليها عبر مرآته الأمامية تارة أخرى. غمرته نشوة عجيبة وهو يستشعر هذه الأحاسيس المتحمسة الدخيلة عليه لم يكن ممانعا من تأثيرها المنعش للنفس على الإطلاق تجرأ ليسألها في شجاعة وفي حضرة عائلتها
سيطرت عليها ربكة فجائية فتوردت بشرتها في الحال وراحت تعلق بطريقة شبه رسمية مراعية تواجد عمها وزوجته معها
حضرتك اتفق مع عمي هو جمبك.
حمحم عمر بتحرج ونظر إلى جانبه ليجد سليمان يرد باسما بودية
مش هنختلف يا ابني هنشوف المناسب ونعمله.
أومأ برأسه مرددا
بأمر الله.
مالت فادية على بهاء لتستعتبها بصوت خفيض مصحوبا بلكزة في ذراعها غير ملحوظة للجالسين أمامهما
يا بيبو خدي وإدي معاه بكلام حلو هو عايز يسمع صوتك كلميه برقة شوية بدل ما يطفش قبل ما
يرتبط بيكي.
ردت عليها بصوت هامس وهذا التعبير الجامد تحاول رسمه على وجهها
ما هو عارفني أنا مش غريبة عليه.
أخذت زوجة عمها تبرطم في غير رضا وبتكشيرة خفيفة
هتفضلي كده على حالك عنيدة!
بدت غير مهتمة بظنها بها لكونها ببساطة تثق في تبادلهما للمشاعر الصادقة وإن لم يعترفا فعليا بذلك لكن الانجذاب المحسوس بينهما يؤكد لها حقيقة وجود تلك المحبة النقية.
التقى به في وقت لاحق بمكتبه بالأكاديمية فأطلعه على الأنباء السارة ليقوم رفيقه بعناقه وتقديم التهاني الحارة له. تراجع أمير عنه لينظر إليه بسعادة وهو يعبر له عن فرحته الشديدة
مبروك يا باشا أنتم السابقون ونحن اللاحقون.
رد عمر مبتسما
الله يبارك فيك.
في شيء من الفضول سأله
هتكون في بيت العروسة ولا مكان تاني
حك جبينه ليفكر للحظات ثم أخبره
بنسبة كبيرة في بيتها حاجة على الضيق.
أشار له أمير بإصبعه هاتفا بحماس
إن شاء الله أنا معاك فيها جايز حظي يشبك مع صاحبتها...
ما لبث أن بدت ملامحه تعيسة بشكل ما وهو يتم جملته
مع إن شكلها ولا في دماغها الحوارات دي.
ربت عمر على كتفه قائلا بتفاؤل
ربنا يقدملك اللي فيه الخير.
في قدر من الحذر تساءل أمير وهو يتطلع إلى رفيقه
هتقول لصاحبك إياه
رد عليه مستفهما
تقصد أنس
هز رأسه مجيبا إياه
أيوه.
اتسعت ابتسامته الماكرة نسبيا قبل أن يقول
خليه يتفاجئ أحسن هو غاوي مفاجآت.
ضحك في تسلية على اقتراحه وأيده دون أدنى ذرة اعتراض
على رأيك ودي مش أي مفاجأة دي هتضرب في النافوخ!
شاركه الضحك لبعض الوقت قبل أن يعاود الجلوس على مقعده أمسك بالملفات المرصوصة ليراجع ما بها من تقارير وهو يقاوم بشدة رغبته في ترك كل شيء خلفه والذهاب إليها للبقاء معها.
وفق الميعاد المتفق عليه بمنزل العائلة اجتمع أفراد الأسرتين بجانب بعض الأصدقاء المقربين لحضور مراسم حفل الخطبة البسيط. تأنقت بهاء في ثوب رقيق من اللون السماوي تمتد أكمامه حتى معصميها وحتى فتحة عنقه كانت صغيرة غير كاشفة لأي من مفاتنها. خطفت الأنظار حقا بأناقتها الرقيقة وجمالها غير المتكلف. بالكاد حاول عمر إبعاد ناظريه عنها ومع هذا كان يعجز عن التوقف عن تأملها.
المماطلة وإضاعة الوقت في الحديث عن مواضيع شتى ليس لها أي صلة بما جاءوا من أجله جعلت أعصابه تبدو على المحك بالرغم من الهدوء الزائف الظاهر على محياه لكنه رغب وبشدة الدخول في جوهر الموضوع مباشرة.
مستخدما طريقته الطريفة في التحاور تساءل عامر وهو يبتسم لشقيقه ابتسامة عريضة تمتد من الأذن للأذن
هتتكلم ولا أتكلم أنا يا عريس
رد عليه بصوت خفيض وهو يرمقه بتلك النظرة
مش إنت عامل فيها ولي أمري اتكلم براحتك.
ظهر الحماس عليه أكثر معقبا
زي الفل.
الټفت بعدها ناظرا إلى عم العروسة ليستطرد بجدية
احنا النهاردة جايين يا عم سليمان علشان نخطب إيدك بنتكم المصونة الآنسة بهاء لأخويا عمر.
رد عليه مضيفه مسرور التعبيرات قائلا في تفاخر
احنا نتشرف
بيكم.
أضاف عامر مؤكدا وهو يشير نحوه بإصبعه
ومش هنختلف بأمر الله كل طلباتكم هتتعمل طالما نقدر على ده.
هز رأسه بالإيجاب قبل أن يقول
على خير يا رب.
تدخلت فادية في الحديث هاتفة بنبرتها الحماسية الواضحة
نقرى الفاتحة بقى.
قال زوجها في استحسان
على بركة الله.
تلى الجميع سورة الفاتحة بأصوات خفيضة هامسة ليردد عامر في نشوة وفرح بمجرد أن انتهوا منها وهو يشير نحو النساء المجتمعات حول العروس الخجول
سمعونا زغرودة حلوة.
انطلقت من فم فادية دفقة متواترة من الزغاريد المبتهجة والمصحوبة بتصفيقات وتهليلات من البقية ليردف عمر في صوت جاد
إن شاء الله العروسة تنزل تختار الشبكة اللي هي حباها.
وقتئذ رد عليه سليمان مبتسما بوقار
احنا بنشتري راجل والأهم عندي إنه يصونها ويراعي ربنا فيها.
أكد له عمر بما لا يدع مجالا للشك في نفسه
اطمن يا عمي دي هتبقى كل دنيتي.
شعرت بهاء بالخجل من غزله المتواري وأطرقت رأسها تجنبا للنظرات المحدقة بها لكنها أدارت رأسها في اتجاه رفيقتها بسنت عندما انحنت عليها لتهنئها بسعادة كبيرة
مبروك يا بيبو.
بادلتها الابتسام قائلة
حبيبتي يا بسبوسة عقبالك إن شاءالله.
اعتدلت بسنت في وقفتها ثم تراجعت خطوتين للخلف لتترك المجال للضيوف لتهنئة العروس آنئذ وجدت أمير قادما نحوها وهو يحمل في يده كأس المشروب ناوله إياها قائلا
اتفضلي أنا جايبلك الشربات بنفسي.
أخذته منه بلا ابتسام وتعاملت معه بشكل رسمي
شكرا يا فندم.
رفع حاجبه للأعلى وعاتبها في رقة
مافيش داعي للرسميات هنا ده احنا في أجواء فرح وحاجات لطيفة.
اكتفت بهز رأسها فحاول استطالة الحديث معها بسؤالها صراحة
إنتي مرتبطة
تفاجأت من سؤاله الغريب وردت نافية وهذا التعبير الجاد لا يزال متواجدا على قسماتها
لأ.
انتقل إلى استفساره التالي مستعلما
بتفكري في ده طيب
على نفس الوتيرة الجادة اقتضبت في الرد
لأ.
قال وهو يبتسم لها بمرح
إن شاء الله تغيري رأيك قريب لما تلاقي اللي يقدرك.
تعاملت معه بجفاء غريب
ربنا يسهل...
قبل أن يفكر في قول المزيد أخبرته
عن إذنك هشوف العروسة وطنط فادية لو عايزين حاجة.
تنحنح مرددا وهو يتنحى للجانب
اتفضلي.
تركته في موضع وقوفه لتعود إلى العروس التي كانت تتابع ما يدور بينهما بفضول ما إن أصبحت قريبة منها حتى أشارت لها لتجلس على مسند أريكتها ثم سألتها
إيه الحوار
أجابتها بسنت وهي تضبط الشال على كتفيها
بيلمح عن ارتباطات وكلام مش فاهماه.
أعطتها هذه النظرة المتشككة وهي تسألها
عليا برضوه ده الأعمى يفهم الحركات بتاعته!
تنهدت سريعا لتخبرها بحذر
خليني أعمل عبيطة أحسن لحد أما أشوف إن كان فعلا بيتكلم جد ولا بيتسلى زي ناس وإنتي بنفسك شوفتي اللي حصل في موضوع ميرا
تفهمت لموقفها المحتاط وقالت
أوكي يا حبيبتي.
وسط غمرة الفرحة السائدة في الأجواء انقطع التيار الكهربي فجأة لتصدر صيحات التذمر والاستهجان فصاحت فادية في ضيق
النور قطع.
رد عليها أحدهم لم تتبين من صاحب الصوت
وده وقته
سرعان ما استخدم الجميع الإنارة المنبعثة من الهواتف المحمولة ليتمكنوا من رؤية بعضهم البعض فاستطرد عامر
في صوت جاد
خلينا نكلم حد في شركة الكهربا يرجعه.
مازحه أمير بغمزة من طرف عينه
ده إنت واصل بقى!
تحرك بعيدا عن التجمع وهو يقول بنبرته العازمة
سيبوني أتصرف إدوني دقيقة بس.
علقت بهاء على ما حدث في خطبتها هاتفة بضيق
خطوبة على كشاف الموبايل أنا عارفة حظي.
تحدث إليها عمر في مرح
كفاية نورك عليا.
سألته بتحفز وبحاجبين معقودين
تريقة ولا جد
استطاعت أن ترى ابتسامته العذبة تتلألأ تحت الأضواء الخاڤتة وهو يخاطبها
أنا برضوه بتاع تريقة
أسرتها خفة دمه كالعادة فبادلته الابتسام الجميل واستمتعت قدر المستطاع بأجواء خطبتها رغم تلك العقبة المباغتة.
لم تكن لتدع تلك المناسبة تمر دون أن تعلم رفيقة السوء بما جرى ليس لأنها تهتم بها ولكن لتشعرها بأن حقارة تصرفاتها الأخيرة لم تأت بنتائجها السلبية عليها بل على العكس قربت بين الاثنين أكثر وجعلت الأمور تتخذ منحنا جادا
متابعة القراءة