مقيدة باكاذيبها بقلم هدير نور
المحتويات
في الشارع مغمى عليها قدام محل النبوى و قاطعة النفس خالص.....الناس بقالهم اكتر من ربع ساعة بيحاولوا يفوقوا فيها و هى مفيش خالص.......
اتجه نحو محل النبوى حيث سقطت و عينيه تبحث بلهفة و ذعر عنها ليجد مجموعة من الناس مجتمعة اتجه نحوهم على الفور
جاذبا زجاجة عطر من احدي النساء و وضع كميه منها اسفل انفها محاولا افاقتها لكنها ظلت ساكنة ...
كان راجح واقفا امام الغرفة التى ادخلت اليها صدفة و هو محڼي الرأس ينظر امامه باعين محتقنة شاردة فمنذ ان وصلوا الي المشفي و هو علي حالته تلك..
فقد كان ضائعا..عاجزا بطريقة لم يعهدها من قبل...ينتظر خروج اي احد من الغرفة التى ادخلت اليها صدفة حتي يطمئنه فأخر ممرضة تحدث اليها كان ما يقرب من ساعة و اخبرته انها لم تستعيد الوعي حتي الان و ان الطبيب يفعل ما بوسعه فقد كانت تحاول ان تطمئنه لكنها فشلت فقد كان الخۏف يسيطر عليه خاصة كلما تذكر كيف كانت تبدو صدفة عندما اتى بها الي هنا....
راقب الطبيب صدفة التي فتحت عينيها ببطئ قبل ان يغمغم بهدوء
حمد لله على السلامة يا مدام صدفة... بقي ده اللي اتفقنا عليه ده انتى مبقالكيش يوم واحد خارجة.. و رجعتى تانى
ظلت صدفة صامتة لا تدري بما تجيبه كيف تخبره ان ما يحدث لها ليس بيدها...
تأكد الطبيب من المحلول المعلق بيدها و هو يغمغم بصرامة
قاطعته صدفة هامسة بصوت مرتجف فور سماعها يذكر زوجها
جوزى..مين !! هو راجح برا.....
اومأت الممرضة التى كانت تقف بجانبها تمسك بيدها تتفحص الكانيولا الموصلة بها
هو اللى جابك هنا... و واقف على اعصابه برا مستنى انك تفوقى...
فور تأكدها من انه بالخارج همست بصوت منخفض و هى تحاول فتح عينيها بصعوبة موجهه حديثها للطبيب
بلاش تقوله حاجة عن حملى يا دكتور... مش عايزاه يعرف....
قطب الطبيب حاجبيه قائلا
بس هو لازم يعرف... علشان يقدر ياخد باله منك انتى حصلك ڼزيف امبارح... و النهاردة حصلك هبوط حاد نتيجة الانيميا الحادة اللى عندك ده غير انك تقريبا مبتاكليش و ده هي....
وحياة اغلى حاجة عندك يا دكتور بلاش تقوله عن حملى .. و انا و الله هعرفه بس مش دلوقتى فى الوقت المناسب هقوله و اوعدك و الله هاخد بالى من نفسي...
وقف الطبيب ينظر بتردد الى الدموع التى انسابت فوق وجنتيها قبل ان يومأ برأسه بالموافقة و هو بداخله ينوى اخبار زوجها عن حالتها المراضية حتى يعتنى بها و ان كان لن يخبره عن حملها كما وعدها حتى تخبره هى...
كان راجح لا يزال واقفا بمكانه غارقا بعالمه المظلم من المشاعر التى تتصارع بداخله فقد كان هناك صوت بداخله يحثه على الذهاب وتركها فماذا يفعل هنا لما هو قلق .. و صوت اخر يحثه على البقاء حتى يطمئن عليها فهو لا يستطع محو صورة وجهها الساكن الشاحب من عقله فقد كانت تبدو
كما لو فقدت الحياة ابتلع بصعوبة الغصة التى تشكلت بحلقه و هو يمرر يده بشعره بعصبية و خوف.. لكنه فور ان سمع باب الغرفة يفتح انتفض متجها نحو الطبيب برغم الارتجاف الذي بقدميه و قصف قلبه الذي يدوي بداخله من شدة الخۏف الا انه اتجه سريعا نحو الطبيب قائلا بلهفة
ها..يا كتور فاقت...!
اجابه الطبيب بصوت يملئه الهدوء
اطمن فاقت و بقت كويسة الحمد لله...
ليكمل بجدية
بس مكدبش عليك حالتها صعبة الانيميا عندها عالية.. و دى تانى مرة يحصلها هبوط حاد و تيجى المستشفى في يومين بس...تقريبا مبتاكلش خالص
شحب وجه راجح فور سماعه هذاو قد افزعه معرفته انها دخلت المشفى من قبل همس بصوت مخټنق مرتجف
يعني ايه... في خطړ على حياتها...!
اجابه الطبيب قائلا و هو يتجنب اخباره صراحة انه حدوث نزييف لها مرة اخرى هو ما قد يشكل خطړ عليها
بصراحة اها علشان كده مطلوب ان
حد يهتم بها كويس يعني تاخد الادوية اللي هكتبهالها في ميعادها...و تاكل و تشرب كويس...خصوصا الاكلات اللي فيها حديد و فيتامينات مناسبة لحالتها...و اهم حاجة الراحة يعني حرفيا تنام على ظهرها لحد ما تعدى اول 3 شهور بخير.....
قاطعه راجح قائلا بعدم فهم
3 شهور ايه بالظبط
ارتبك الطبيب فور ادراكه ذلة لسانه ليسرع قائلا
معلش اتلغبطت انت عارف الحالات كتير و كلها بتدخل في بعضها....
ليكمل بجدية
اهم حاجة الراحة... و بلاش اي ضغوط نفسية تتعرض لها... و انا كاتب لها على محاليل و هي بتاخد اول محلول دلوقتي تقدر تاخدها وتروحوا اول ما يخلص ....و باقي الكورس تاخده في البيت كله مكتوب في الروشتة هنا بمواعيد كل دوا و متقلقش لو لقيتها معظم الوقت دايخه او نايمة ده بسبب الادوية و طبعا فقر الډم اللى عندها....
اومأ راجح وهو يتناول منه الورقة بينما الصراع بداخله يحتد اكثر و اكثر...اخرج هاتفه ليتصل بأم محمد و يجعلها تأتى حتى تأخذها معها الى منزلها و تعتنى بها...
اتصل على هاتفها ليجده مغلق ليقم بالاتصال بزوجها الذي ما ان اجابه سأله عن ام محمد ليخبره الاخر انها مسافرة ببلدتهم بالصعيد منذ اكثر من عشرة ايام بسبب مرض والدته و انها لا تنوى الرجوع هذة الفترة...
اغلق معه راجح و هو مقتطب الحاجبين اذا ام محمد مسافرة منذ عشرة ايام فاين كانت تقيم صدفة خلال الايام الماضية لدى اشجان..! مع اشرف! تشدد جسده بقسۏة عند هذة الفكرة و قد اشټعل بداخله الڠضب... لكنه هز رأسه مبعدا تلك الفكرة بعيدا فما تفعله او يحدث لها لم يعد من شأنه...كما هى لم تعد تهمه...
كذبه القلق و الخۏف اللذان ېمزقان قلبه كلما تذكر بان حياتها معرضة للخطړ بسبب مرضها...
تنهد راجح بقزة و هو يفكر انه لا يمكنه ان يستسلم للصوت الذي بداخله و يلتف و يغادر و يتركها تواجه مصيرها.. لا يمكنه ان يقف ساكنا و يدعها ټموت
فهو لا يزال يحبها يعلم ان هذا يجعل منه احمق.. ضعيف... لكن لا يمكنه تركها ټموت فسوف يأخذها للمنزل و سيجعل و الدته تعتنى بها حتى تصبح حالتها افضل و وقتها سيطلقها و يدعها تذهب مرة اخرى اعتصرت قبضته بقوة الورقة التى بيده...
فرغم انه رأها من قبل عندما كانت غائبة عن الوعي و قام بحملها الي هنا الا ان وقتها كان قلقه وخوفه هما ما يسيطران عليه فلم يفكر بأى شئ اخر..
استجمع شجاعته و فتح الباب بهدوء و دلف الي الداخل ليزفر براحة عندما رأها غارقة بالنوم...
ا
لكنه تراجع بصعوبة و خرج من الغرفة بخطوات سريعة كما لو ان الشياطين تلاحقه وقف بردهة المشفى يلهث بقوة و قد تسارعت انفاسه و احتدت بشدة كما لو كان يعدو اميال عديدة و هو يشعر بعجز لم يشعر بمثله طوال حياته..
حاول تهدئت ثورة غضبه تلك و التحكم في اعصابه و ما ان نجح في ذلك دلف الى غرفتها مرة اخرى بوجه متصلب خالى من المشاعر حملها بين ذراعيه و غادر المشفى ليضعها بالسيارة الاجرة عائدا الى المنزل و قد اتصل بوالدته و اخبرها عن حالة صدفة و طلب منها ان تحضر لها طعام مناسب...
بشقة راجح....
قامت نعمات بمسح قطعة من القماش المبللة فوق جسد صدفة التى كانت مستلقية فوق الفراش بغرفة النوم ..
غارقة بالنوم منذ ان احضرها راجح من المشفى و تركها بين يدى والدته حتى تعتنى بها..
حيث ساعدتها على تبديل ملابسها من ثم حاولت ايقاظها و جعلها تتناول بعض الطعام الذى اعدته لها لكن رفضت صدفة الاستيقاظ و ظلت غارقة في ثباتها العميق...
مررت نعمات يدها على رأس صدفة هامسة بحنان و شفقة
يا ضنايا يا بنتى شكلك اتبهدلتى جامد....
قطعت جملتها عندما دلفت هاجر الى الغرفة بوجه شاحب تتطلع الى صدفة باعين متسعة بالصدمة وهى تغمغم بلهاث
ايه ده هو راجح... رجعها...بجد... طيب ازاى....
استدارت نعمات اليها قائلة بحدة
هو ايه اللى ازاى....يا منيلة
اجابتها هاجر بارتباك وهى تبتلع ريقها بتوتر
ابدا... ابدا يا ماما مقصدش بس استغربت بس انهم رجعوا بعد كل اللى حصل يينهم...
اجابتها نعمات بينما تعدل من الغطاء حول صدفة
ياما بيحصل بين المتجوزين و كله بيعدى بعدين الاتنين روحهم في بعض ميرجعوش ليه..
هزت
هاجر رأسها صامتة بينما عينيها مسلطة على الهاتف الخاص بصدفة الموضوع بجانب رأسها قبل ان تلتف و تخرج لكن اوقفتها والدتها قائلة
راحة فين استني ساعديني اصحيها علشان اخليها تاكل....
لوحت هاجر بيدها قائلة بحدة
مش فاضية يا ماما عندي مذاكرة
ثم استدارت خارجة من الغرفة لتجد راجح جالسا ببهو الشقة اقتربت منه قائلة بتردد و هى ترغب التأكد من رجوعهم لبعضهم البعض و الخۏف يسيطر عليها من ان يكتشف شقيقها ما فعلته..
راجح... هو... هو انتوا رجعتوا بجد لبعض...
رفع راجح رأسه من بين يديه يتطلع اليها بصمت عدة لحظات قبل ان يومأ برأسه و هو يقرر الكذب علي شقيقته فهو لا يريد ادخالها بمثل تلك الامور التى قد يصعب عليها فهمها بسنها الصغير هذا
ايوة يا هاجر..... رجعنا
طيب الحمد لله.... و الله فرحت اوي...
لتكمل وهي تتجه بتعجل نحو الباب
معلش هنزل انا.... علشان اذاكر
ثم هبطت الى الاسفل مسرعة و هى لا تدرى ما يجب فعله بتلك المصېبة...
بينما خرجت نعمات من الغرفة قائلة
بحاول اصحيها يا بنى و مش راضية تصحي خالص.... لازم تاكل مينفعش كده...
نهض راجح على قدميه قائلا بهدوء يعاكس الاعصار القائم بداخله
معلش ياما سبيها نايمة شوية كمان الدوا اللى خدته في المستشفي اللى عمل فيها كده....
ليكمل وهو يتجه نحو غرفة النوم حيث توجد صدفة
هدخل اغير هدومى... علشان ارجع الوكالة
اومأت نعمات برأسها و هى تتصنع تصديقه فقد كانت تعلم ان هذا ليس الا حجه حتى يدخل الى الغرفة و يطمئن عليها همست بصوت منخفض
ربنا يا بنى يهديلكوا الحال... يا رب..
ثم دلفت الى المطبخ حتى تصنع عدة عصائر مناسبة لحالة نقص الحديد التى لدى صدفة...
في ذات الوقت....
ما ان هبطت هاجر الي الاسفل
تناولت هاتفها تتصل بتوفيق الذى ما ان اجاب اخذت تخبره بكل ما حدث و هى ترتعد من الخۏف
هتف توفيق بصوت ممتلئ بالڠضب
يعنى ايه
متابعة القراءة