هويت رجل الصعيد للكاتبة نور زيزو
المحتويات
هويت رجل الصعيد للكاتبة نور زيزو
الفصل الأول بعنوان عزاء
كنت خاليا حتى أتيتك بهذا القلب
قد عاث فيه الغرام ودب الهوي به حتي أهلكه وطاف به الذنب حتي أغرقه فإذا أجابتنى سكون عاشقا وإذا رفضتنى سأتوب عن ذنبي وليشهدك الله أنى عاشقا رغم كل ذلاتك وصابنى الهوي
فى وضوح النهار بمحافظة نجع حمادى تحديدا بمنزل عائلة الصياد فى غرفة مغلقة من الخارج المفتاح بالطابق العلوي كانت عليا امرأة فى نهاية العشرينات تتحرك فى الغرفة ذهابا وإيابا بتردد وقلق حادقة بهذا الفستان الأبيض الموضوع أمامها على الجسد الصناعي وتمتم بنبرة خانقة
وقفت عهد أختها الصغرى ذات الواحد والعشرين عاما من فوق الفراق لتسير نحو أختها وهى تمسك يدها بلطف وتقول
أهدي يا عليا القلق دا مش هيحل حاجة ولا عصيبتك
مسحت عليا وجهها براحة يدها بأختناق شديد ثم قالت
أنا لازم أهرب
أنت أتجننتي يا عليا أنت عارفة اللى بتفكري فيه دا هنا فى الصعيد معناه أيه
لا أفضل قاعدة لغاية ما المأذون يوصل وأدبس فى جوازة بالإكراه
تأففت عهد بضيق عاجزة عن أيجاد حل فى تخليص أختها من هذا الزفاف الأجباري الذي فرض عليها بالإكراه ثم قالت بحيرة
لا بس برضو مفيش حل عندي حتى الهرب مش هينفع بالغفر والسلاح اللى برا دا
قبل 5شهور
على الطريق السريع كان نادر يقود سيارته وبجواره تجلس عليا تتحدث بتذمر شديد قائلة
أنا مش فاهمة لازمتها أيه تأخدني معاك ما كان كفاية تروح أسبوع العزاء وترجع لوحدك
نظر نادر على طفله يونس ذات الثلاثة أعوام وهو نائم فى الخلف ثم تحدث بجدية قائلا
مكنتيش عاوزة تيجى عزاء جدي يا عليا
مش المقصد بس أنت عارف كويس أوى أن أهلك مش قابلين وجودى ولا بيحبونى يبقى ليه أروح عندهم
نظر نادر لها نظرة لؤم ثم قال وهو يعود بنظره إلى الطريق
هيحبوكي أزاى يا عليا وأنا أتجوزتك من وراهم وبدون علمهم دا غير أن عمرهم لا شوفوكي وحتى أبويا وأمى عمرهم ما شافوا حفيدهم هيحبوكي أزاى
ربنا يستر من اللقاء دا
وصلت السيارة على الصعيد وتحديدا أمام بوابة حديدية كبيرة أمامها رجلين من الغفر ثم فتح الباب ودلفت السيارة ركض أحد الرجال إلى الداخل يخبر أهل المنزل بوصول نادر من القاهرة ترجل نادر من السيارة شاب فى نهاية العشرينات بجسد نحيف وطويل يرتدي بنطلون جينز وقميص أبيض اللون يليق ببشرته الحنطية وعينيه الواسعة بدون لحية ويرفع شعره الأسود القصير للأعلى ثم فتح الباب لزوجته عليا المرأة النحيفة جدا ربما بسبب أتباعها نظام غذائى محددا أو بسبب ممارستها لرقص الباليه وطويلة إلى حد ما مرتدية فستان أسود يصل لأسفل ركبتها وبكم ومغلق من الصدر حتى العنق بأزرار وشعرها البنية القصير يصل إلى حافة أكتافها مسدول على الجانبين تملك زوج من العيون البنية مثل شعرها وبشرة متوسطة البياض
نظرت للمنزل من الخارج وكان ضخم وكبير جدا لديه مسافة كبيرة إلى حد ما خضراء ما بين البوابة الخارجية والمنزل فتحت الباب الخلفي ليترجل طفلها الصغير ويمسك بيد أمه فى هذه اللحظة خرجت سيدة فى الخمسينات من عمرها ترتدي عباءة سوداء وتلف حجابها الأسود حول رأسها تقول
ولدى
عانقت نادر بحماس وحرارة بين ذراعيها لتدرك عليا بأنها سلمى والدة زوجها وحماتها التى لم تراها من قبل أبتعدت عنه وهى تقول
حمد الله على السلامة يا ولدى
قبل نادر يدها بحب وأحترام شديد وأثناء إنحناءه رمقت سلمى هذه الزوجة بعيني حادة ثم قالت
ولدك
نظر نادر إلى طفله الواقف بجوار زوجته وأومأ لها بنعم وهو يقول
تعالى يا عليا سلمي على أمى
أقتربت عليا ببسمة خاڤتة لتمد يدها إلى سلمى وتقول
أزيك يا طنط كنت أحب بنتقابل فى ظروف أحسن من كدة
لم تعقب سلمي على حديثها ولم تصافحها بل أنحنت لكى ترى حفيدها وتبتسم فى وجهه لتشتاط عليا ڠضبا من رد فعل سلمى وتجاهلها لتحمل طفلها على ذراعيها وكأنها تمنع سلمى من الحديث أو معانقة حفيدها تماما كما فعلت معها .
انتبه نادر لما فعلته زوجته فقال بضيق
أمال أبويا فين ونوح
نظرت له سلمى بهدوء وقالت بعد تنهيدة خاڤتة
نوح من طلعة النهار وهو برا بيجهز للعزاء وأبوك من ساعة الډفنة مشوفتوش
أومأ لها بنعم ثم استدار إلى زوجته وقال بجدية
أطلعي يا عليا أنت وأنا هروح لنوح
كاد أن يرحل لتمنعه عليا وهى تمسك ذراعه بقوة وتنظر له بضيق قائلة
أنت بتهزر هتسبنى لوحدي هنا
قبل ان يتحدث فعلت والدته عندما قالت
تعالى يا مرت ولدي مټخافيش مهنعضكيش
أربت نادر على يدها ثم غادر لتأخذها سلمي للداخل وتبدأ النساء فى التجمع حولها وأولهن كانت فاتن زوجة عم نادر تتطلع بها بذهول وتقول بسخرية
هى دى مرت ولدك يا سلفتي
تحدثت سلمي بنبرة قوية غليظة تقول
خليكي فى حالك يا سلفتي لا الوجت ولا المكان مناسب لوسوستك وبخ سمك
أخذتها سلمي إلى غرفة نادر ثم قالت بإختناق
يفضل متهمليش أوضتك واصل إحنا مناجصينش سخرية من الناس علينا
قالتها ثم اغلقت الباب وهى تتمتم قائلة
مبجاش غير الرجاصة اللى تدخل داري يا نادر
سمعت عليا حديثها لتتأفف بضيق شديد وهى تترك طفلها على الأرض ليركض بالأرجاء وهى تشتاط ڠضبا وتشعر بإشمئزاز من هذا المنزل وأهله أقتربت من النافذة لتنظر فى الأسفل وكان هناك حديقة خضراء وبها مكان مخصص للجلوس عبارة عن مظلة خشبية كبيرة وأسفلها طاولة وأريكة كبيرة على حرف L وفى الجهة الأخرى هناك طاولة وكرسي وحيد أسفل الشجرة ووسط تأملها سمعت صوت فتاة من الخلف تقول
دى الجاعدة الخاصة بنوح
استدارت عليا پذعر من تواجد شخص فى غرفتها بدون طلب اذن لترى فتاة فى الثلاثين من عمرها ترتدي عباءة سوداء وشعرها الأسود مصفف على هيئة ضفيرة وتضع حول عنقها حجاب بعيني سوداء وبشرة متوسطة البيضاء سألتها عليا بحدة
أنت مين لا لحظة مش مهم أنت أزاى تدخلي كدة من غير ما تخبطي
تبسمت حورية بخبث وهى تتطلع بهذه المرأة القاهرية وتقول
أنا حورية بنت عم نادر جوزك
مسكتها عليا من يدها بقوة وبدأت تسحبها تجاه الباب تفرغ ڠضبها بهذه المرأة وهى تقول
كونك بنت عم جوزى ميدكيش الحق تدخلى كدة بالطريقة الھمجية دى
أخرجتها من الغرفة ثم أغلقت الباب فى وجهها وقفت عليا خلف الباب تتكأ عليه وتنظر إلى طفلها الواقف هناك فى أرضية الشرفة رن هاتفها لتخرجه من الحقيبة وترى اسم أختها عهد وصورتها فتنهدت بهدوء تزفر القليل من الڠضب والضغط فى التنهيدة ثم استقبلت الأتصال ببسمة تقول
صحي النوم يا جميل
تبسمت عهد على اختها وهى تحفظها جيدا فهى حقا ما زالت بالفراش رغم أقترب الساعة على الخامسة عصرا غادرت الفراش ببيجامة نومها الصيفية عبارة عن شورت قصير قطنى وردي اللون وتي شيرت أبيض عليه فراشات وتتحدث بنبرة صوت مبحوح قائلة
وصلتي الصعيد
تبدلت نبرة عليا للجدية والحزم تقول
وصلت وحرفيا مقدرش أكمل يوم هنا حاسة أنى مش قادرة أتنفس وأمه.. امه سيئة جدا والخصوصية تخيلي واحدة دخلت عليا من غير أذن
قهقهت عهد ضاحكة على تذمر أختها وهى تدخل المطبخ لتقول ويدها تضع المياه فى غلاية المياه لتجهز مشروب الشيكولاتة الساخنة كعادتها اليومية
عشان بس مش متعودة عليهم ولا على طريقة العيش هناك... المهم هتقعدي قد ايه هناك أعملي حسابك ترجعي قبل حفلة التوقيع بتاعتى لازمي تحضري أنت ونادر
تذمرت عليا عليها بضيق وهى تقول
شهر ايه بقولك مش هستحمل يوم أنا هحاول استحمل أسبوع ودا عشان خاطر نادر وبس
تبسمت عهد عليها ثم قالت
جدعة يا بنت أمي
دق باب الغرفة بدقات متتالية هادئة فانهت عليا الأتصال وقالت
أتفضل
دخلت فتاة أخري تصغر حورية وتشبهها جدا لكنها بعمر عهد تقريبا فنظرت عليا لها وتطلعت بها كانت بجسد ممشوق وعيني بندقية واسعة وشعرها المموج مسدول على ظهرها وبشرتها متوسطة البياض وترتدي عباءة سوداء وكعب عالى تحدث بلطف قائلة
أنا جيت أرحب بيك أنا أسماء بنت عم نادر وخطيبة أخوه نوح يعنى سلفتك المستجبلية
عقدت عليا ذراعيها أمام صدرها بغرور وقالت بنبرة غليظة
هو نوح خطب أصل على حد علمي أنك عاشقاه بس معقول خطب من غير ما يقول لأخوه
عقدت أسماء حاجبيها وكزت على أسنانها بحدة وقد تبدل لطفها وبسمتها إلى غيظ وأشمئزاز لتبتسم عليا فى هذه اللحظة وقالت
أبقي أعزمينى على الخطوبة أوعدك أنى هجي.. دا لو حصلت لقدر الله
غادرت أسماء المكان غاضبة وقد بنت عليا من اللحظة الأولي لها عداوة مع الجميع.....
______________________
وصل نادر إلي مكان أخاه مع خلف الغفير وكان فى الساحة بعد أن فرش المكان بالكراسي والسماعات ليناديه قائلا
نوح
أستدار نوح له وكان رجل ثلاثيني يكبره ببضع أعوام يرتدي عباءة سوداء اللون وعلى أكتافه عباءة مفتوحة سوداء ويلف عمته البيضاء حول رأسه وجسده القوي عريض المنكبين
حمد الله على السلامة يا باشمهندس
تبسم نادر له وقال
عامل ايه ابوك فين صحيح بدور عليه من ساعة ما وصلت
أخذه نوح إلي المكتب وهو يقول
ابوك وعمك من ساعة الډفنة وهم فى المكتب مهملهوش واصل...
تبسم نادر وهو يقول
عارف أنه مش وقته بس تصدق بالله أنا متحمس اشوف رد فعل ابوك لما يشوف يونس ابنى
توقف نوح عن السير بدهشة لينظر لأخيه وهو يقول
هى مرتك وولدك وياك اهنا فى الصعيد
أومأ نادر له بعفوية ثم قال
اه وصلتهم على البيت وجيت
هز نوح رأسه بهدوء ثم دخل المكتب ليركض نادر نحو والده على الصياد ليعانقه بسعادة وحماس بعد غياب طال بينهما وقبل رأسه ويده ثم صافح عمه حمدى الصياد وجلس الجميع معا حتى صلاة المغرب وبدأ فى استقبال الرجال لتقديم التعازي لهم فى وفأة الجد حافظ الصياد....
كانت عليا جالسة
متابعة القراءة