رواية روعة
المحتويات
عمق فضيقت عينيها في انتظار سؤاله الذي طرحه في تردد
انتي كويسة
تصنعت ابتسامة بائسة أجابته بها وهي تهز رأسها بصوت متحشرج
الحمد لله هبقى كويسة
اقترب منها في بطء حتى صار في مواجهتها تماما ازدرد ريقه يقاوم ألما حادا في حلقه يمنع كلماته من الخروج دموعها الحبيسة تصيبه بالاختناق كأنها ستنفجر من مقلتيه هو
مسح وجهه بيده يحاول ان يتماسك ويخبرها في حنان نسته أذنها منذ زمن
لو تعبانة ومحتاجة راحة قولي بلاش تضغطي على نفسك انا عارف ان اللي حصل مكنش سهل
اجابت دون أن تنظر اليه
راحتي دلوقتي بقت في التعب في اني ارمي نفسي في حاجة بكرهها في حاجة تاخد كل طاقتي وتركيزي وقتها جايز ملاقيش وقت افكر في شيء تاني ولو خاېف على الشغل انا حابة اطمنك
مسح بابهامها دمعتها حاولت ان تشتت نظراتها في اي اتجاه بعيد عنه
لقد اهدرت كثيرا من كرامتها ولن تجعله يراها تبكي مطلقا
ستكون قوية على الدوام
ستثبت لنفسها انها تغيرت من اجلها لا من اجله
أنا خاېف عليكي انتي مش على الشغل يا ايتن
كيف اندفعت لتلقي برأسها على صدره وتبكي بحرارة لاتعرف
تحركت كل ذرة فيها الى هذا الوضع دون ارادة منها
بكت بحړقة على كل شىء
بكت دون أن تعرف حتى سببا واضحا للبكاء
هل تبكي أمها
أم حبها الضائع معه
كل ما تعرفه انها احتاجته دون أن تفكر في رفضه من عدمه
حاول أن يكتم أنفاسه حتى لا تلاحظ اضطرابها من قربها الزائد
ولكن ماذا عليه أن يفعل بنبضات قلبه المتمردة تكاد ټحطم ضلوعه تلك
كيف يوقفها هي الأخرى
اخترقت احدى دمعاتها قميصه فتحسس حرارتها جلده ليغمض عينيه مقاوما الما يعصف بروحه وينكره على نفسه
الايمكن ان يسمي ما يحدث الان خېانة في حقها
هل يقبل الم الخېانة الى ارق قلب صادفه ومع من حطمت قلبه مسبقا
شاء أم أبى لازالت الذكرى تلوح بخياله بين الحين والاخر
انحرف كفه الى كتفها يبعدها عن صدره في رفق
انا اسفة محستش بنفسي
تصنع ابتسامة باردة على شفتيه يخبرها فيها بحنان أكثر برودا
متعتذريش يا ايتن مفيش اخت بتعتذر لاخوها انها اترمت في حضنه وقت ما احتاجته
همست في ألم تنكر جملته رغما عنها
تتذكر يوم ألقى مثلها في وجهها منذ سنوات يا لقسوته التي لاتعرف من أين أتى بها
أخته !!!
واصل حديثه
طبعا يا ايتن وفي اي وقت احتجتي اي حاجة اطلبيها مني انا
وقبل ان ترد او بالأحرى تبحث عن رد مناسب شعرت بنور تفتح الباب وتدلف الى المكان
مسحت عبراتها سريعا قبل أن تقترب منها
تمعنت الثانية بها لحظات قبل أن تربت على كتفها تسألها في رقة
ايتن انتي كويسة
تنفست ايتن في عمق وهي تضم الاوراق الى صدرها بقوة قبل أن تهز رأسها بالايجاب
بعد اذنكو
وفرت من المكان بأسره فلم يعد بمقدورها الاحتمال اكثر
راقبتها نور حتى خرجت لتلتفت الى حسام الذي كان يراقبها بدوره حتى أغلقت الباب خلفها لتظل عينيه معلقة به للحظات قطعتها نور وهي تسأله
مالها ايتن
أجابها حسام وهو يتجه الى مكتبه
اللي حصل لايتن وللعيلة الناس كلها عارفاه
استقر في مكانه ورفع نظراته اليها
الاف من الاسئلة تطرح ذاتها بوضوح في عينيها وهو لايملك جوابا واحدا يريحها او يريح نفسه
سألته مسبقا عن علاقته بايتن فأخبرها أنه خطبها لبعض الوقت ولم يطل الامر كثيرا
جعلها تتوقع سبب انتهاء الخطبة بأنهما لم يتفقا فتهور ايتن لايليق بشخصه الحازم
جعلها تتوقع تقليدية العلاقة بينهما وأن الخطبة تمت لصلة القرابة ليس أكثر ولم يصحح لها مفهومها بأنه هام عشقا بايتن سنوات طفولته وشبابه
جعل كفره بالمشاعر الذي يردده على مسامعها ليل نهار يدحض اي شك لديها عن أي مشاعر جمعتهما
يخبرها دوما باعجابه بها وبذكائها وبكل شىء فيها يخبرها ان هذا يكفيه وأكثر في الزوجة التي يتمناها
علقھا بأمل انها قد يمكنها تحريك مشاعره في لحظة
أنا بحبك يا حسام
قطعت أفكاره باعترافها الصعب على فؤاده فنهض ليصبح في مواجهتها
لايعرف حقا بما يجيبها
هل يخبرها ان القلب لايمكنه أن يدخل معادلة دون ان يدمر
هل يخبرها ألا تحبه فقلبه لن يبادلها المشاعر تلك ما عاش
ولكن من يدري
وماذا بنور لا يمكن أن يعشقه رجل
بها كل شىء يستدعي منه المحاولة
كفاه غرقا في جنون حب مزيف لايمكنه تجاوز ما أصابه منه
التقط كفها يقبله في رقة ارتعدت لها جسدها بأكمله وهو يسألها
يبقى نتجوز دلوقتي يا نور مفيش داعي للتأجيل
سحبت كفها من كفه لتقول
مش ده معنى اللي قولته يا حسام
قطب حاجبيه فواصلت
لو طلبت منك فرصة هتديهالي مجرد فرصة اتاكد فيها من حاجات كتير انا بالنسبالك استاهل الفرصة دي
التقط كفها مجددا يخبرها في سرعة
انتي تستاهلي كل حاجة في الدنيا يا نور
ابتسمت في حزن تخبره
الفرصة مش ليا لوحدي الفرصة دي لينا احنا الاتنين مع بعض
ضيق عينيه في حيرة
قصدك ايه
التفتت الى الباب المغلق ثم اليه دون ان ترد فاتسعت حدقتاه ينكر ما التقطه ذهنه من تلميحها
نور ايتن بالنسبالي بنت عمي وبس ولو على
أوقفته بكفها تمنعه من الخوض في الحديث أكثر لاتريد أن ينفي شكها بحديث واهن
هي تريد الفرصة لكليهما كما أخبرته
تريد قلبه خاليا حتى وان فقد احساسه بالعشق ستعرف كيف تعيد بعشقها اليه العمل
فقط لو كان خاليا
حسام انا
________________________________________
مش بتهمك ولا انت مدان قدامي بحاجة بس انا بحبك وخاېفة اغامر بقلبي وده حقي
تنهد في عمق يفكر فيما تقوله
فرصة
ربما كانت محقه وهو في امس الحاجة اليها فليعطي لقلبه الفرصة في تحديد وجهته فاما يستقر مرساه على مرفأها أو يغرق دون ان يحذبها معه الى حدفها في القاع
بعد مرور عامين
ارتعدت بشدة وهي تحتضن نفسها وتنظر الى الباب تطالع ذلك القاسى الذي يتابعها فى نظرة تقشعر لها لتتذكر انه لاسبيل لها من الفرار أبدا ربما كان لديها أمل أخير فى انقاذ نفسها مما هي فيه خيط ضعيف من النور بين كل ظلمات اليأس التى تاهت فيها لماذا لم تلجأ اليه
نعم جرحته ولكن ما كان ليتخلى عنها ابداا
ليت الثمن كان حياتها اذن لفضلت المۏت مائة مرة على ان تقدم على ذلك ولكنها ليست حياتها بل حياة أخرى تستحق أن تجازف من أجلها
ربما كان الله به رحيما فتلقى حدفها او ترسله هو الى حدفه قبل أن تذبح على هذا النحو
انتفضت على صوت قاس وصارم
هتفضلي واقفة كدة كتير ما تخلصي
التفتت له بعينين امتلئتا بالدموع ولكنهما بقيا على حافة جفنيها يقاوما الانحدار لقد استنفذ ما مضي من دموعها ومشاعرها بما يكفى ولم يتبقى لها سوى الشعور بالقهر فقط والقهر لا يحتاج الى دموع
القهر يستجلب العجز ويسلب ما تبقى من الروح ازدردت ريقها وهي تغمض عينها تتحسس هذا الخڼجر فى حقيبتها قبل ان تمد يدها الى مقبض الباب
أمسك الرجل بكفها وهو يضغط عليه قائلا بصوت هادىء مرعب أشبه بفحيح الافعى
انتى عارفة اتفاقنا تزودي كلمة معاه عارفة كويس ايه اللى هيجرى
هزت رأسها وأخذت نفسا عميقا وهي تدعو الله ان ينجيها ارتعد كفها وفتحت الباب وهي تنظر الى عينى ذلك الرجل الشامتة نظرة اخيرة
بدأت تخطو فى تردد لا تشعر بطراز الغرفة الراقى ولا حتى بالهواء الذي تتنفسه عيونها تبحث في تلقائية عن ذابحها تراجعت فى ذعر وهي تطالعه معطيا لها ظهره ترى دخان سيجارته يتصاعد ويتصاعد وكأنه دخان نيرانه التى اعدها ليحرقها بها انه هو قال دون ان يستدير اليها
أخيرا جيتي
لم ترد وظلت على صمتها وبعد لحظة واحدة تسرب صوته الى أذنها ومنه الى خلايا مخها التى تعرفته على الفور فتسمرت فى مكانها وكادت ان تفقد وعيها
لم يعط لتعجبها وقتا اطول اذ استدار لها ووقف لحظات يتأملها من اخمص قدمها الى رأسها وهو يبتسم فى شماتة قائلا
اخيرا
وفى لحظة عادت ذكريات العامين الماضيين تمر بسرعة امام عينيها كفيلم قصير فبعد انفصالها عن يوسف البدري وعودتها مع أخيها الى المنزل القديم كان لزاما عليها ان تبحث عن عمل فقد رفضت أي مساعدة من عائلته وبالأخص زين ولكن كونها طليقة ليوسف البدرى يجعلها قيد أمرين لاثالث لهما اما استغلالها ضده او رفضها تماما لتجنب اى مشاكل معه ومن عمل الى عمل لاقت الرفض
حاولت ان تدير مقهى ابيها ففشلت فى الأمر بجدارة فلم يكن أمامها سوى بيعه لتستطيع تدبير امورها والانفاق على اخيها ومدرسته الخاصة باهظة التكاليف فهى لم تفكر تماما فى ازاحته عنها
اخذت النقود تتضاءل وتتضاءل وهي حقا لاتعرف ماذا تصنع حتى جاء الڤرج من السماء على هيئة ساكن جديد اخبرها حارس المنزل انه يريد تأجير الشقة التى تمتلكها مقابلة للاخرى التى تسكنها مع اخيها وافقت بالطبع فحاجتها للمال لم تدع لها فرصة لتفكر من الأساس وجاء الساكن الجديد
فارس
مدرس هادىء الطباع لاتراه ايلينا الاوقت دفع الايجار فقط لم يزعجها او يضايقها ابدا فى شىء بل كان ملاكها الحارس فى اليوم الذى لجأت فيه الى يوسف وخذلها
لن تذهب ذكرى هذا اليوم من بالها ابدا حين تهجم فؤاد ابن عمها عليها فى الثانية صباحا وجدته أمامها يطرق الباب بقوة ففتحت له حتى لايثير لها المشاكل تخيلت انها ستصرفه بهدوء وينتهى الأمر كما كانت تفعل معه دائما
لم تعرف ان هذه المرة ستختلف كثيرا فقد همس لها فؤاد فى وقاحة بمجرد أن فتحت له الباب
واخيرا يا ايلينا اتطلقتى وبقيتى ليا
ودفعها پعنف شىء ما ليدلف الى المكان
رمقته باحتقار
طالعت هيئته التى يبدو ان الخمر قد اذهب بما تبقى
متابعة القراءة