رواية روعة

موقع أيام نيوز


ولو للحظة انه يرتكب اى ذنب .. 
ان كان اعدامه قد حان فتلك هى الرغبة الاخيرة فى الحياة ... 
الحياة التى بدأت فقط بنظرة واحدة من عينيها وقلب لم ولن يدق لسواها .. 
قلبه الذى يخفق فى عڼف وهو لا يتخيل انه على بعد لحظات من حرمانه منها للابد .. 
كلما تخيل هذا الظن ضمھا اليه اكثر وبثها كل مخاوفه وعشقه واجابها بسهولة عن كل ما دار فى عقلها من شكوك ... 

تلاشى تماما فى لحظات كل ما علمها اياه وكل ما منع نفسه عن ارتكابه طيلة عمره وهو يمرر يده فى شعرها وينزع عنه حلية صغيرة وضعتها فيه .. 
قبلها فى قلة حيلة ..فى اختناق... فى خوف ...فى حب جارف ... 
اما هى فحصلت على اجابتها وتيقنت من انها لم تخدع ولو للحظة فى مشاعره تجاهها .. 
شعرت بألمه ووجعه وضعفه .. 
نسيت كل شىء حولها وذابت فى لحظة جنونه هذه حتى ابتعد بصعوبة عن شفتيها واسند جبينه الى جبينها وهو يلهث بشدة ويحيط خصرها بذراعيه فى تلقائية فقالت بانفاس متقطعة 
انت لسة بتحبنى يا زين 
اجابها وهو يغمض عينيه فى الم 
وهيفيد بايه 
وضمھا اليه قائلا فى ضعف كم كره ان يظهر امامها 
هيفيد بايه ومفيش حاجة هتتغير ..بعد دقايق فرحى ...مبقاش ينفع يا صوفيا 
تشبثت به اكثر قائلة 
انت پتتعذب يازين انا حاسة انك پتتعذب وانا مش هسألك اكتر من كدة بس كفاية عليا انك انت بتحبنى وبس ...ولو حبنا ده سببلك اى ۏجع فانا هبعد من غير حتى ما اعرف ليه 
افلتها زين من بين ذراعيه قائلا 
صوفيا انت حبك اجمل حاجة حصلت فى حياتى ..بس كل حاجة اقوى منى ...سامحينى يا صوفيا ..انا 
وضعت اصبعها على شفتيه قائلة 
انا هبعد بس مش هحتاج منك اكتر من وعد ..اوعدنى زين انك هتحاول ترجعلى وتصلح كل حاجة 
ابعد اصبعها وهو ينظر الى عينيها فى الم كيف يعدها بما لا يمكنه ان يبر به 
صعب ..صعب يا صوفيا 
همست فى حب 
بس مش مستحيل ...انا هستناك حتى لو عدت ... قاطعها بسرعة 
يبقى بتظلمى نفسك وبتحكمى عليها ټندفن معايا 
اسندت رأسها على صدره قائلة 
وانا مش هسيبك ټموت لوحدك ..انا هفضل مستنياك وانت هتدور عليا وهتلاقينى.. مش هضغط عليك اكتر من كدة ..خلى حبك يقاوم كل حاجة وارجعلى ..مش عاوزة اكتر من وعدك ليا بده ..اوعدنى انك هتحاول 
كانت تشعر بصدره يعلو ويهبط فى جنون تشعر بعڈابه بالمه وتردده ..بصرخاته المكبوته التى يحبسها عن العالم وتسمعها هى بوضوح بحر مشاعره العميق تغوص هى فيه الان ... 
ابتعدت عنه فى هدوء ونظرت اليه نظرة وداع اخيرة وقبل ان تلتفت لتذهب تنهد وهو يغمض عينيه لثوانى ستذهب بلا عودة ... 
سترحل ولن تراها مجدد .. 
اعطها واعط لروحك بعضا من الامل .. 
اعطها ماتريد ربما كانت الايام اكثر رفقا بك وبها امسك بذراعها قبل ان تبتعد وضمھا اليه من جديد لم يترك حتى للهواء فرصة ان يتسلل بينهما ډفن رأسه بين خصيلات شعرها الاشقر وأخذ نفسا طويلا من رائحته وبلله بدموعه التى سالت رغما عنه وكلما تنفس كلما امتلأ صدره بعبقها اكثر غير مصدق انها لحظة الوداع مرر يده فى شعرها قائلا 
اوعدك انك هتفضلى جوايا لاخر لحظة فى عمرى ..اوعدك انى هفضل احبك لاخر نفس فيا 
قالت ويداها المرتعدتان تتركان ملابسه التى تشبثت بها 
وانا مش عايزة اكتر من كدة ..طول ما حبى جواك هتحاول مرة واتنين وعشرة وانا هستناك حتى لو لعمر تانى 
واضافت وهى تضع يدها على صدره 
طول قلبك ده ما بيدق قلبى انا كمان هيفضل يدق معاه ...هفضل احبك طول عمرى 
وتراجعت للخلف وهى ترسم ابتسامة تقاوم بها كل صرخاتها ونحيبها لتلتفت فجأة وتطلق العنان لكل دموعها ابتعدت بخطوات سريعة وهو عاد الى نافذته ليراها تسرع بخطوات تشبه الركض.. 
لن تلتفت ابدا له فان التفتت ستعود اليه دون شك .. 
ان التفتت سيلحق بها ويلعن هذا العالم بكل مافيه.. سيسحق كل شىء تحت قدميه .. 
ولكنه وعدها ان يعيد لها زين الذى احبته فهو الاجدر بها من هذا الضعيف الذى عجز عن حمايتها .. 
تنهد بعمق والم وصړخت كل خلية من خلاياه وكل ذرة من كيانه وهى تختفي .. 
وداعا صوفيا وداعا حوريتى الجميلة.. 
وداعا كل شيء...
الفصل التاسع عشر 
انتهى حفل الزفاف الذى كان رائعا بمقاييس كل من دعي لحضوره الا صاحبه فلم يشعر سوى انهم يشيعونه لمثواه الاخير بعد أن صدر حكم الاعډام بحقه ورحلت صوفيا منذ ساعات .. 
لم يتمكن حتى من رسم أي بسمة روتينية مجاملة على شفتيه كان يشيح بنظراته الى اي شىء غيرها يخشى ان رمقها بالنظرة التى تستحقها ولم يعد لديه لها سواها أن يلحظه احدهم فحتى الان لا يعرف شخص بالقصة شىء سوى محمود وهما اما باقى العائلة فتراه زواجا موفقا وسعيدا الا ايلينا التي تحولت نظراتها الساخطة عليه الى أخرى مشفقة ففى عينيه لاحظت ضياعه وحزنه وشتات أمره ... 
لاحظت عدم شعوره بسمر تماما وكأنه يحملها ذنب ما حدث ... 
أدركت بفطرتها أن هناك خطب ما وأنه مضطر لما يفعله ولكن الجزء الاكبر من شفقتها كان على صوفيا التى لاذنب لها فى دخولها لدوامته تلك وكما اشاح زين بوجهه عن سمر اشاح به ايضا عن ابيه ... 
نعم ابيه الذى غير كثيرا من تفاصيل تلك الليلة التى طالما روادته فى احلامه وهي تجمعه مع حوريته التى نفاها بعيدا بعد ان اشعره ابوه بعجزه المطلق امامها ... 
أشعره أنه لايستحق سوى بقايا أنثى كسمر ابنة عمه ليتها لم تكن هكذا ابدا ... 
ليتها لم تكن شرفه وعرضه فلقد حمله أبوه مالا يطاق . 
عاد الى جناحه فى القصر مع عروسه .. 
لم يحتج زواجه بها سوى مجرد تعديلات بسيطة على جناحه الفخم من الأساس ..تركه لهم ليفعلو به ماشاءوا فقد ترك لهم حياته بأسرها من قبل ... 
تولت سميرة تلك المهمة وأنهتها في وقت قياسي ...ألهتها سعادتها بابتعاد ابنها عن الشقراء عن حزنه وصمته واستسلامه ..ربما أدرك مؤخرا أنها لا تصلح زوجة له وأن ابنة عمه هي الاختيار المناسب ..سيتناسى مع الوقت ..بل سينسيه عشق سمر له هوسه بتلك الخواجاية ... 
جلست سمر على طرف الفراش بينما هو لم ينطق بحرف ... 
خلع رباط عنقه والقى به فى عشوائية واتجه الى المرحاض بعد ان اخرج من الخزانة بعضا من ملابسه خرج بعد دقائق ليجدها لازالت على جلستها بثياب العرس ابتسم فى سخرية دون ان يعلق وهو يتجه الى ملحق صغير بجناحه لينام فيه .. 
نهضت خلفه مسرعة وهى تمسك باطراف ثوبها قائلة في حذر 
زين استنى 
توقف دون ان يلتفت اليها فمنذ أن اتخذ أبيه قراره بشأنهما لم يتبادلا حرفا قط.. 
تقدمت خطوتين لتقف فى مواجهته 
احنا لازم نتكلم 
زفر فى ضيق فمجرد انفاسها فى المكان تزعجه 
عايزة تقولى ايه 
ازدردت ريقها بصعوبة وهى تنظر الى اصابعها تفركها فى شدة 
انا عارفة انك متضايق من اللى حصل ومن الل... 
اوقفها بكفه في صرامة 
بلاش تتكلمى فى اللى فات احسن عشان انا مش ضامن اعصابى ولا ضامن ممكن اتهور عليكى ازاى 
واصلت وكأنها لم تسمعه 
انا عارفة انى غلطت بس ده كله كان عشانك يا زين ..عشان حبيتك 
ضحك فى سخرية وهو يضرب كفيه ببعضهما قائلا 
هوا انتى مفهومك عن الحب ايه ..حبتينى ازاى وامتى ... وفرضا انك حبتينى ..ازاى تسلمى نفسك لحد وانتى بتحبى حد تانى وترجعى تكدبى وتخدعى الكل عشان تورطيه معاكى وتلبسيه فى جريمتك ..حب بأنهى منطق 
صمتت للحظات ..أمسكت بثيابها ترفعها لتتقدم اليه خطوة اضافية هامسة بصوت مخټنق 
بمنطقي أنا !!!..حب مدقتش منه غير مراره وانت بترفض مشاعري مرة ورا التانية ..كنت بمۏت وانا بشوفك معاها ...كنت عاوزة انساك باى طريقة ..كان شبهك يا زين او يمكن انا شفته شبهك ..صدقت كلامه اللي كان نفسي اسمعه منك انت ..سلمتله عقلى..عشت معاه كل اللي اتمنيت اعيشه معاك ..حبيتك انت فيه 
تراجع في حدة وكأنها شيئا يثير أقصى ما في نفسه من اشمئزاز...كأنه يحاول أن يحافظ على أبعد مسافة
________________________________________
ممكنة بينهما في هذا المكان الذي اصبح أضيق من جحر النمل 
اللى بيحب ميخونش ..انتى خنتى اهلك ونفسك ...الحب بيطهرنا ..بينضفنا من جوانا ولو معملش ده يبقى يتسمى اى حاجة تانية 
اقتربت محاولة ان تضع يدها على كتفه فدفعها فى عڼف ..يشعر انها لمسته ستندسه فقالت وهى تقبض كفها في الهواء 
انا عارفة انى غلطانة وعارفة انى اللى هطلبه صعب ..وعارفة انك عمرك ما هتفكر تقربلى على الاقل دلوقتى ...بس انا مستعدة لكل اللى انت عاوزه ..كل اللى تطلبه مقابل ان احنا نعيش مع بعض حياتنا ...زين صدقنى انا عمرى ما تمنيت حد غيرك 
هز رأسه في أسى قائلا 
وانتى كانت مكانتك عالية اوى عندى يا سمر ..كانت ..كانت اعلى بكتير من المكانة اللى انتى حطيتى فيها نفسك دلوقتى ...انا لما سمعت اللى سمعته منك اټجننت مكنتش قادر اصدق انك انتى كدة ورغم كل ده لما بابا دخل علينا مكنتش ناوى اقوله ...كنت هكدب عليه بأى حجة وهحاول باى طريقة اخرجك من مصيبتك دى ...تعرفى كان ممكن فعلا اتجوزك لو وصل الموضوع لحارة سد ...لكن اللى عملتيه صدمنى اكتر من صډمتى الاولانية فيكى ...احنا مفيش ولا هيبقا بينا حياة يا سمر 
نظر الى دموعها بعدم اكتراث فمهارتها الخارقة فى التمثيل لم تعد في حاجة الى اثبات ... 
او ربما كان هو احوج البشر فى تلك اللحظة الى البكاء والعويل فقد خسر حبيبته لتحتل اخر من تمناها فى العالم مكانها .. 
حبيبته التى بدأ يضنيه الشوق اليها مع أول خطوة وطأتها قدماها بعيدا عنه .. 
حبيته التى ارتمت بين ذراعيه وقبلها دون ان يشعر بشىء حوله... 
قبلة لم تحمل شغفا بقدر ما حملت ضعفا من كليهما ... 
قبلة لم يشعر بذنب مطلقا وهو يقتنصها من شفتيها ضاربا عرض الحائط كل ما علمها اياه ... 
قبلة تحولت لميثاق غليظ امتلكت به كيانه بأسره ليقسم على نفسه ان يحرم على اى امرأة اخرى مجرد الاقتراب من شىء اصبح خاصا بها هى .
 

تم نسخ الرابط