رواية روعة
المحتويات
الى الأسفل بابتسامة لتجد تلك الصغيرة المبهجة تفتح ذراعيها لها وتطلب منها أن تحملها
رفعتها وقبلت وجنتها وهي تقول
ديانا الجميلة
قطبت الصغيرة حاجبيها في تركيز واشارت باصبعها تجاه الوردة البيضاء
ابتسمت صوفيا وهي تضمها اليها
ايه رأيك لو نسميها ديانا جمالها ميحتملش
بترت عبارتها بسرعة
هل بلغ بها الخبل تلك الدرجة
انزلت الصغيرة لتلتقط كفها وتبتعد بها عن المكان
اجلستها على ارجوحة صغيرة وبدأت في هزها لتتعالى ضحكاتها في سعادة
يا بختك ديانا
انتبهت صوفيا على الصوت لتحيي الفتاة الرقيقة التى عقدت ساعديها تتابعهما
دارين ازيك
انا بخير المهم انتي عاملة ايه خلاص اتطمنتي على ايلينا
هزت صوفيا رأسها وهي تتمتم
الحمد لله
عضت دارين شفتها السفلى للحظات وهي تطرقع أصابعها في حيرة
ضيقت صوفيا عينيها وأنهت ترددها على الفور
دارين انتي عايزة تقولي حاجة صح
حكت دارين جبينها بكفها تجيبها في توتر
توقفت صوفيا عما تفعله لتنظر الى دارين في صرامة
احنا ناقشنا الموضوع ده كتير دارين وانتو عارفين رأيي كويس فيه فليه كل شوية تضغطو عليا
اللي هوا ايه رأيك يا صوفيا
الټفت الاثنتان على صوته وقدومه المفاجىء الذي أربكهما
اقترب من الصغيرة ورفعها من على الأرجوحة قبل أن يقبل وجنتها ويعطيها لدارين قائلا
ضمت دارين الصغيرة وهي تبدل النظر بين وجهيهما في ترقب ليكرر زياد
دارين لو سمحتي
قاطعته وهي تبدأ بالتحرك
حاضر حاضر
راقبهما زياد حتى اختفيا ليلتفت الى صوفيا يسألها وهو يضع يديه في جيب سترته
لحد امتى صوفيا
تشبثت صوفيا بأحد أعمدة الأرجوحة وضغطته بقوة فتحت ثغرها تبحث عن اجابة لم يسعفها بها عقلها
امم مقولتليش صوفيا
أشاحت بوجهها لحظات عادت فيها اليه تخبره في حسم
زياد انا مش هبدأ حياة جديدة والقديمة لسة متقفلتش مش هقولك ان الموضوع يخص صحتي لانك دكتور وعارف ان حالتي دلوقتي بقت احسن كتير بعد العلاج انا عاوزة الاقي نفسي يا زياد قبل اي حاجة تانية انا بدأت طريق ولازم اكمله خلاص بدأ يكون ليا هوية وكيان منفصل بدأت اعرف انا مين انا كنت ضعيفة تايهة ولما في لحظة افتكرت نفسي وصلت تهت اكتر انا مش ههرب تاني يازياد مش هتجوز الا لو كنت بقلبي وكياني للانسان اللي هتجوزه مش هظلم حد معايا واخليه مجرد تجربة للنسيان الظلم احساس صعب جربته كتييييير وللاسف من الناس اللي بحبهم احساس بېقتل وبيخليك تسأل نفسك طب ليه انا ليه الحب يكون قصاده الۏجع احساس ميتوصفش وانا مش هخلي حد يجربه على ايدي انا ابدا
بس انتي من حقك يكون عندك حياة يا صوفيا ممكن الحياة الجديدة دي تكون المخرج من كل اللي مريتي بيه جايز لما يكون عندك عيلة واولاد تفكيرك يختلف
احتضنت نفسها بذراعيها قبل ان تهتز ابتسامة بائسة على شفتيها لتخبره
انت ناسي اني عمري ما جربت احساس العيلة من اصله يا زياد انا اترميت في مدرسة داخلي من وانا عمري خمس سنين سنين طويلة عشتها جواها وانا لاعارفة ليا دين ولا هوية ولا حتى اهل كلمة اب وام بالنسبة لاي حد فيكو معناها كبير لكن بالنسبالي مجرد اتنين متكفلين بيا ماديا وبس عمره ما حد فيهم خدني في حضنه او حتى حاول يعرف حاجة عني
أغمضت عينيها بقوة لتزدرد غصة مؤلمة حشرجت نبرتها
تعرف اني اوقات كتيرة كنت بغير منك انت وايلينا لما كنا بنتقابل في المناسبات كان كل واحد فيكو وسط ابوه وامه وانا لوحدي بس دلوقتي خلاص مش هيبقى هدفي ادور على حد يشاركني وحدتي ولا حد يرسملي حياتي زي ماهوا عايز انا كبرت خلاص يا زياد كبرت اوي
لسة بتحبيه
الاجابة بتوجع الاجابة ظالمة للكل ظالمة ليا وليها وحتى ليه هوا كمان الاجابة مش هتغير حقيقة مهمة حقيقة ان زين لازم يخرج من حساباتي
مال اليها يسألها في ترقب
وعشان كدة كدبتي عليه
فركت كفيها ببعضهما للحظات لتهمس في حسم
لا انا كدبت عليه عشان قاصدة اوجعه عشان تعبت اني طول الوقت انا اللي بحارب وبواجه وهوا بيستسلم استسلم لوعد ادتهوله وسابني تلات سنين تلات سنين لولا وجودك جنبي فيها انت ودارين كان زماني انتهيت زين سابني عشان الظروف ورجعلي لما الظروف اتحلت انا ولا مرة كنت في حياته الاختيار الاول دايما كنت في الاخر خلاص دلوقتي الوضع اتغير ومن النهاردة انا هكون الاختيار الاول في حياتي
كلكو تعتبرو نفسكو مرفودين كلكو ماهو انتو مبتاخدوش شوية عشان لما اطلب منكو اعرف مكان حد لحد دلوقتى متعرفوش تجيبولي معلومة واحدة عنها الأرض انشقت وبلعتها ولا ايه وانتو كان لازمتكو ايه قدام المستشفى لبست طاقية الاخفا وهيا خارجة
هتف يوسف بهذا الكلام فى ڠضب وهو فى غرفه مكتبه يتلقى أنباء فشلهم كالمعتاد في العثور على ايلينا بعد مغادرتها للمشفى دون علمهم حاول احد الرجال الدفاع عن موقفهم
يا فندم احنا مسبنهاش ولا لحظة اكيد هيا اتنكرت او خرجت من مكان سرى منعرفهوش
ابتسم يوسف فى تهكم وعلت نبرته الغاضبة أكثر
ده على اساس انكو بتشتغلو ايه مش المفروض أي مكان بتراقبوه بتعرفو مداخله ومخارجه كويس ولا انتو من الاخر شوية هواة وملكوش فيها وواخدين سمعة على الفاضي
رد الرجل وهو يحاول كبح غيظه
حضرتك كلفتنا من الأول بحمايتها مش مراقبتها ودي تفرق عن دي
كور يوسف قبضته وكز على أسنانه حتى كاد يحطمها حنقا
وكمان لكو عين تردو والله ل
وقطع جملته وهو ينظر تجاه الباب الذي فتحه أحدهم ابتسم للشاب الأنيق مفتول العضلات الذى دخل اليهم
جيت فى وقتك يا فارس باشا
تقدم فارس اليه
________________________________________
فى بطء ووقف امامه لحظات قبل ان يلكمه فى فكه صارخا فيه پغضب
عملت ايه فى ايلينا يا يوسف يا بدري
الفصل الثامن والعشرون
اخذت ايلينا ترصف الملابس فى الخزانة الخاصة بأخيها فى شقتهما الجديدة التى انتقلا اليها غير آبهة باعتراضاته المعتادة التي لم ينطق بها هذه المرة بل ظل ناكس الرأس لم يتحسس الغرفة كعادته ليتعرف عليها بل جلس على طرف الفراش مطرقا في حزن
خصام شقيقته كان قاسېا للغاية على قلبه فهي المرة الأولى التي تعاقبه بهذه الطريقة
تنفس فى عمق وهو يرفع رأسه قليلا
ايلينا
ردت وهي تواصل ما تفعله دون أن تنظر اليه
خير محتاج حاجة
هز رأسه فى الم وعاد لينكسها من جديد
التفتت اليه لترى تردده وحزنه ووحدته علي لا يعرف شخص فى هذه الدنيا سواها هي صديقته وأمه وأخته وجل أهله
خدعه يوسف واستغل برائته وحبه له هو فى النهاية مجرد طفل حتى وان كانت لديه قدرات تفوق من هم في عمره فهذا لا يعني أنه تخطى سنواته الاربعة عشر وأصبح بخبرة كهل يدرك من يستغله ومن يحبه عن حق
قبضت كفها للحظات يكفي انها صڤعته على وجهه لأول مرة في حياتها
رفع رأسه من جديد لترى دموعه تنحدر من تحت نظارته وهو يهمس بصوت متهدج
انا بحبك اوي يا ايلينا وعملت اللي عملته عشان كنت فاكر انكو ممكن ترجعو لبعض وانتي تخرجي من حزنك انا اسف والله مكنش قصدي
ازدردت ريقها في تأثر فدموع الصغير لم ترها منذ ۏفاة أبيه
نهض في ضعف يتحسس طريقه أمامه حتى وصل اليها ليحيط خصرها بذراعيه ويضمها اليه مواصلا
سامحينى بقا انا اسف خلاص
اغمضت عينيها وهي تشعر بارتجافه ودموعه التى أحرقت فؤادها فمالت لتقبل رأسه وتحتضنه بقوة وهي تقول في حنان
خلاص يا علي
شهق طويلا وهو يرفع رأسه اليها قليلا كأنه يراها بالفعل
يعنى خلاص سامحتينى
ابتسمت وهي تمسح على شعره البني الفاتح
ايوة بس توعدني انك متخبيش عني أي حاجة تانية ويوسف بالذات لو طلب منك أي حاجة او كلمك تيجي تقولي على طول مفهوم يا علي
ابتسم بين دموعه وهتف في سعادة
مفهوم ايلينا
أربعة اشهر مرت وهو لا يعرف أي شىء عنها
لا يعرف أين ذهبت واختفت هكذا وكأن الارض ابتلعتها ولم تترك لها أثر يذكر ليدلها الى مكانها
لا يعرف أحد كيف غادرت المشفى ولماذا لم تعد الى منزلها
حتى علي الصغير لم يعد الى مدرسته هو الاخر
شك فى البداية فى هجرتهم الى باريس مجددا ولكن رجاله أخبروه بعدم حدوث ذلك بعد مراجعة كشوف السفر فى المطار
شك فى أن يكون فؤاد قد الحق بهم أي أذى وبعد وضعه تحت المراقبه ليل نهار انتفت أي علاقة له بهم مطلقا
هل تختار دائما العقاپ الأكثر قسۏة لقلبه وتذيقه اياه
هي تعلم جيدا أن غيابها عن عينيه هو أكثر شىء لا يتحمله نعم سيطر عليه كل ندم العالم بعد ما فعله معها
بعد أن عايش كسرتها وصډمتها وخيبة أملها فيه ولكن هو لم يقصد مطلقا ان يصل بها الى هذا الاڼهيار
كل ما أراده ان تلتمس له العذر حين يضعها قيد الاضطرار لم يتمخض ذهنه سوى عن تلك الفكرة التي أدرك حماقتها وهو يتلقى عقابه القاسې فراقا وكمدا
أو ربما أراد ان تنقذه من شعوره بالذنب وتحمل هذا الوزر الثقيل عنه
وزر مۏت امه ومۏت طفله الذى تمناه منها
نظر الى جينا التي ترقد في هدوء على الفراش وتساءل لما لازال يحتفظ بها حتى الان
هل لتبقى أمام عينيه طيلة الوقت تذكره بذنبه الشنيع ام من اجل ولده
ابتسم وهو يردد في سخرية دحضت تماما هذا الاحتمال ولده الذي لا تعطيه أدنى اهتمام بعد أن أوكلت مهمة العناية به الى مربية وهي بالكاد تعرف ملامح وجهه
تأملها من جديد
تأمل شعرها الاشقر
ملامحها المغوية
جسدها المنحوت باثارة
لما لا يراها الا مجرد مسخا
ذنبا
سببا لكل ما يعانيه فى حياته
اهي هكذا بالفعل أم أنه أصبح يبحث عن أي سبب يعلق عليه اوزاره بعد أن كلت كتفاه من تحملها
وهي بدورها قد توقفت عن الحديث عن المشاعر
ملت تماما من محاولاته البائسة للتقرب منه فهو لم يمسها فى حياته سوى تلك المرة التى غيبته بها عن العالم
حتى بعد زواجها منه
متابعة القراءة