مأساة مريم

موقع أيام نيوز

توجهت نحو الحمام وملأت حوض الاستحمام بالماء الدافئ ووضعت بداخله غسول الجلد الذي برائحة الخوخ ثم خلعت ثيابها ودخلت في الماء وسرعان ما شعرت بالأسترخاء .
بقيت مستلقية داخل حوض الاستحمام لمدة نصف ساعة وهي تفكر
وتفكر بأمور كثيرة اشغلت بالها... امور لا بد وان تضع لها حدا لكي تستطيع المضي قدما في حياتها وان تركتها معلقة لن تستطيع ان تشعر بالراحة ابدا ...واهم هذه الامور كانت علاقتها ب ادهم عزام السيوفي لذا حسمت امرها ثم نهضت من حوض الاستحمام وامسكت المنشفة المعلقة بجانبها ثم لفت جسدها بها وخرجت متوجها إلى حقيبتها التي تركتها على الاريكة في غرفة المعيشة اخرجت هاتفها ونظرت إلى الساعة حيث كانت تشير إلى العاشرة وتسعة وثلاثون دقيقة ليلا وبعدها قالت الوقت بيختلف بين مصر وهنا ودا معناه ان هو صاحي دلوقتي وفي الشغل... يبقى لازم اتصل بيه حالا.
اما في مصر.....
فكان جالسا في اجتماع مهم للغاية برفقة شريكة وابن خاله كمال وبعض الموظفين يناقشون صفقة كبيرة وبينما كان يتحدث ويبدو عليه الجدية والانضباط رن هاتفه بصوت عال حيث انه نسي ان يضعه على الوضع الصامت.... عم الصمت في غرفة الاجتماعات الا من صوت رنين الهاتف الذي ازعج ادهم لانها كانت المرة الأولى التي ينسى فيها وضع هاتفه على الوضع الصامت فامسك به وهو يعقد ما بين حاجبيه دليلا على انزعاجه وقال بصوت مسموع Sorry ثواني وهنكمل الاجتماع.
وعندما اراد ان يغلق الهاتف تفاجأ بظهور رقم دولي يتصل به فشرد للحظة واحدة ثم هب واقفا كما لو انه تعرض للسعة افعى وبدون تفكير اجاب بلهفة قائلا آلو....
صمت تام خرق اذنه ولا يعلم لما رغب في نطق اسمها فقال بنبرة صوت تحمل الكثير والكثير من المشاعر المچروحة مريم !
اما هي فلم تستطيع ان تمنع شهقتها الصغيرة الناتجة عن حبس دموعها فقالت بصوت مخڼوق ا..ايوا.
في تلك اللحظة شعر وكأن وتد ملتهب اخترق قلبه المجروح و اشعل النيران فيه فاغمض عينا پألم شديد وضغط على الهاتف بيده وسألها بصوت كاد ان يختفي انتي فين !
أتاه صوتها الخاڤت وهي تشهق قائلة نيويورك .... انا... انا عايزه اقبلك ضروري... تقدر تيجي هنا 
فحمل ادهم سترته دون ان يحسب حساب لاي احد من الموجودين في غرفة الاجتماعات وقال انا هاجي على اول طيارة...بس اديني عنوانك.
في تلك اللحظة نهض الجميع فورا وعلامات الاستفهام تعلو وجوههم وخصوصا كمال اما هي فقالت لما توصل انا هتصل بيك وهقولك هنتقابل فين.
ادهم تمام.
مريم سلام دلوقتي.
فتوقف ادهم عن السير وقال بتردد استني.... انتي... كويسه مش كدا 
شعرت مريم بغصة في قلبها ولكنها استرجعت رباطة جأشها وقالت بنبرة صوت واثقة عمري مكنتش كويسه زي النهاردة... انا هستناك.
قالت ذلك ثم انهت المكالمة وما هي الا ثانية حتى اڼفجرت بالبكاء المرير واخرجت كل ما في قلبها اما هو فالټفت الى الاخرين وقال بلهجة امر كمال انا لازم اسافر نيويورك ...خلي بالك من الشركة .
فاستغرب كمال وقال بدهشة نيويورك !
ثم سأله بفضول قآتل وهتروح هناك ليه يا ادهم وبعدين ازاي هتسيب الاجتماع دا 
رد عليه ادهم بنبرة جدية السفريه دي اهم من الشركة كلها بالنسبة لي وانا لازم اروح هناك...وبالنسبة للصفقة انا واثق انك هتقدر تكسبها... سلام دلوقتي .
كمال بس يا ادهم.....
ولم يستطيع اكمال جملته لأن ادهم المتهور قد خرج من قاعة الاجتماعات وهو يركض نحو المصاعد كما لو كان مچنون يتحدث في الهاتف مع سكرتيرة سلمى قائلا سلمى عايزك تسيبي كل حاجة في ايدك دلوقتي وتحجزيلي تذكرة في اول رحلة رايحه نيويورك انتي سامعه ولو ما قدرتيش تلاقي تذكرة جيبيلي طيارة خاصة .
فقالت سلمى بأرتباك ح... حاضر يا فندم.
ثم اغلق هاتفه وركض الى موقف السيارات اما سلمى فقالت بتعجب نيويورك وهيروح يعمل ايه هناك ! 
بعد مرور نصف ساعة...
وصل ادهم الى المنزل وقبل ان ينزل من السيارة ورده اتصال من سكرتيرته سلمى فاجابها ايوا يا سلمى.
فقالت انا حجزتلك تذكرة للشخصيات المهمة يا فندم وهتكون رحلتك بعد ساعتين من دلوقتي .
ادهم طيب يا سلمى متشكر.
قال ذلك ثم اغلق هاتفه ونزل من السيارة فنظر اليه العم محمود وهو يركض نحو الداخل حتى دون ان يلقي التحية فهز رأسه وتابع عمله اما في داخل المنزل لم يكن هناك احد سوى السيدة كوثر والشغالة امينة حيث كان البقية في اشغالهم.... معاذ ويوسف في المستشفى... رغد في الجامعة حيث كانت ماتزال طالبة حقوق آن ذاك وكذلك اولاد العم محمود اي ان المنزل كان شبه خالي من سكانه ما عدى السيدة كوثر التي كانت تشرب القهوة في غرفة المعيشة مع إمينه ويتحدثن بأمور كثيرة.
فدخل ادهم من الباب مثل الاعصار الهائج ولم ينتبه إلى امه وامينه اللتان كانتا تحدقان به بغرابة... بل صعد إلى غرفته امام نظرهن دون ان يتفوه بكلمة واحدة مما جعل والدته تشعر بالقلق فنهضت ونهضت
امينه خلفها وصعدن الى الطابق العلوي من المنزل وتوجهن الى غرفة ادهم وعندما دخلن كان هو يبحث في درج الخزانة الصغيرة التي بجابن السرير عن جواز سفره فسألته امه ادهم في ايه يا ابني 
اجابه بدون ان ينظر اليها بعدين يا ماما... انا لازم الاقي ال Passport بتاعي دلوقتي .
السيدة كوثر انت هتسافر يا ادهم ! 
فنظر إليها وقال ايوا... عندي شغل مهم برا مصر وطيارتي بعد ساعتين من دلوقتي... علشان كدا ارجوكي يا ماما سيبيني اجهز نفسي .
فتنهدت السيدة كوثر وقالت طيب يا حبيبي...طريق السلامة وخلي بالك من نفسك .
ادهم ان شاء الله.
ثم نظرت السيدة كوثر الى امينه وقالت يلا يا امينه.. خلينا ننزل.
امينه حاضر يا ست هانم..
وما هي الا دقيقة قد مرت حتى وجد ادهم جواز سفره فوضعه في جيب سترته ثم توجه نحو خزانته واخرج منها حقيبة سفر صغيرة بدأ يضع فيها بعض الملابس ومن ثم خرج من غرفته وهو يجرها متوجها إلى الاسفل.... فنزل وخرج من المنزل مجددا وصادف سمير في طريقه فاستوقفه قائلا سمير اجري وجهز العربيه علشان توصلني المطار.
قال ذلك ثم القى عليه مفاتيح السيارة فالتقطها سمير وقال حاضر
يا بيه.
قال ذلك وصعد في سيارة ادهم وشغل المحرك اما هذا الاخير فوضع حقيبته في صندوق السيارة وصعد بجانبه قائلا يلا بينا.
بعد ساعة ونصف ...
كان ادهم جالسا في المطار ينتظر موعد رحلته بفارغ الصبر وهو يهز قدمه بأستمرار دليلا على نفاذ صبره ويحدق كل خمس دقائق في ساعة يده والتوتر كان واضحا على وجهه... لقد سمع صوتها... اخيرا وبعد ثلاثة اشهر استطاع ان يسمع صوتها العذب وها هي الان قد اتصلت به بملئ إرادتها وطلبت ان تقابله مما جعله يشعر بالخۏف قليلا من السبب الذي جعلها تتصل به فجأة فاخذت التساؤلات والافكار تدور في رأسه مسببه له صداع نصفي ولكن بغض النظر عن ذلك لقد كان سعيد... سعيد لانه سيراها اخيرا بعد كل ذلك العڈاب الذي
وبعد تلك الحړب النفسية نهض عندما سمع نداء رحلته فتوجه نحو البوابة وهو يحمل حقيبته... وبعد الإجراءات القانونية صعد على متن الطائرة وجلس في درجة ال VIP حيث كان مقعده بعد عدة ساعات وصل إلى نيويورك في الصباح فخرج من المطار وهو لا يعلم اين سيقابل مريم... اما هي فكانت تحاول الاتصال به مرارا لكن هاتفه كان مقفلا لذا عرفت انه على متن الطائرة فقررت ان تتصل به في الصباح حين يصل ...وبالفعل فعلت ذلك فأجابها فورا وهو يحاول ايقاف سيارة أجرة وسألته انت وصلت مش كدا 
اجابها ايوا... اديني عنوانك علشان اقدر اوصلك.
قالت لأ احنا هنتقابل في محطة غراند سنتر كمان ساعة.
ادهم طيب...هقابلك هناك.
مريم تمام.
قالت ذلك ثم اغلقت الهاتف ونظرت إلى نفسها بالمرآة التي في غرفة نومها حيث كانت تجهز نفسها للخروج من المنزل بعد ان اخذت إجازة من العمل لكي تقابل ادهم... اخذت نفسا عميقا ووضعت يدها على بطنها وقالت متقلقش يا ابني... انا عارفه ان دا احسن حل لينا كلنا وبكدا انت هترتاح وانا كمان.
ثم حملت حقيبتها وارتدت معطفها وخرجت من الغرفة فصادفت الهام التي عادت من زيارة بيت عمها وسألتها انتي رجعتي امتى يا لولو
الهام من شويه... انتي رايحه الشغل
مريم لا انا خذت إجازه النهاردة... لان عندي معاد عند الدكتورة.
الهام تحبي اروح معاكي 
مريم ملوش لازمة...يلا سلام دلوقتي.
الهام سلام.
ثم خرجت مريم من الشقة اما الهام فتنهدت وقالت وانا هروح اجهز نفسي عشان انزل الشغل بقى .
قالت ذلك ثم دخلت إلى غرفتها وفي الوقت ذاته اوقفت مريم سيارة أجرة وطلبت من السائق ان يوصلها إلى محطة غراند سنتر حيث ستقابل ادهم وبعد مرور اربعين دقيقة تقريبا اخرجت هاتفها واتصلت به فأجابها بسرعة انتي فين
قالت انا وصلت من شوية وهتلاقيني في قاعة الانتظار اللي جنب المترو....هتعرف توصلها 
ادهم ايوا.. انا جنبها دلوقتي .
مريم انا لابسه مانطو ابيض وقاعدة في الكوفي شوب اللي هناك.
ادهم تمام... ثواني وهكون عندك.
قال ذلك ثم اغلق هاتفه وركض نحو المقهى حيث كانت هي جالسة وعندما وصل توقف عن الركض حين رآها من بعيد تتلفت حولها فبدأت نبضات قلبه تتسارع وكأن احدهم حقنه ب الأدرينالين اخذ يمشي ببطء شديد وهو يضغط بيده على مقبض حقيبته التي كان يحملها وسرعان ما وقف خلفها وقال بصوت حنون مريم ...
اما هي فشعرت بقلبها يهوي بعد
سماعه ينطق باسمها بصوته الذي حرك بركان من المشاعر بداخلها فاغمضت عيناها بشدة وابتلعت ريقها ثم نهضت والتفتت اليه ببطء شديد حتى اصبحت تنظر إليه مباشرة ... وقفا يحدقان ببعضهما البعض بصمت رهيب لمدة من الزمن وسرعان ما رمى ادهم حقيبته ارضا واراد ان يعانقها ولكنها عادت بخطواتها الى الوراء مما جعله يتجمد في مكانه ... فوقف يحدق بها بصمت وهي تحني رأسها كما ان شيئا في داخله قد ټحطم بعد تصرفها ذاك إذ انها اظهرت له عدم رغبتها في ان يلمسها ابدا لذا عاد خطوتين للوراء وهو يضغط على قبضته وسألها بنبرة آلم ازيك 
رفعت رأسها بعد ان سيطرت على نفسها حتى لا تضعف امامه ومنعت دموعها من النزول ونظرت اليه بنظرة واثقة ثم قالت بصوت يخلو من العواطف الحمد لله... وحضرتك 
اجابها بصوته المخڼوق انا... بقيت كويس دلوقتي .
فابتلعت ريقها واشاحت بنظرها عنه لثانية ثم عادت ونظرت اليه وقالت بنفس الجفاء اتفضل خلينا نقعد .
ثم جلست اولا اما هو ازداد آلمه لانها تعامله بجفاء وبطريقة رسمية فمرر اصابعه بين خصلات شعره وسار قليلا حتى جلس على الكرسي الذي امامها بصمت فنظرت
تم نسخ الرابط