الدهاشنه

موقع أيام نيوز

بات عشقها فإعتادت أن تخطو بباحة منزلها لتأمله عقدتراوية الحجاب جيدا حينما دفعه الهواء برفق فخشيت أن يكشف عن شعرها الطويل المخبئ بعناية من خلفه انتبهت لصوت صهيل الخيل بجوارها فاستدارت باحثة عنه وكأنها تعلم جيدا أين ستجده 
تمعنت بالتطلع لذاك الفارس الذي يعتلي ظهر جواده بثبات وثقة فعلى الرغم من أن كبر السن قد شق الطريق على معالمه الا أنه مازال يحتفظ ببعض الخصال هبط فهد من أعلاه ثم إقترب منها ليقطع حديث الصمت فيما بينهما حينما قال 
_واقفة كدليه 
ردت عليه بابتسامة صغيرة 
_حسيت اني مخڼوقة فخرجت أتهوى شوية. 
خلع جلبابه الخارجي والعمة التي تقيده ومن ثم قدمهم للخادم الذي يقف لجواره فأشار بيديه لتتبعه تمشوا سويا وسط الزرع الأخضر الذي يحيط بالمنزل من جميع الإتجاهات وكأنهم عشاق مراهقين فما أن وصلوا لأريكة صغيرة موضوعة بأحد الزوايا حتى جلست راوية تاركة الصمت يضع معالمه إلى أن قطعته حينما قالت بشرود 
_تفتكر يا فهد لو أنا مكننش عملت كده باليوم ده كان أيه اللي هيحصل 
منحها نظرة مشتتة لعدم تمكنه من فهم ما تقصده فقالت بإيضاح 
_كنت هتكمل في جوازتك 
تبدلت قسمات وجهه للحدة ثم قال 
_وأيه لزمتها السيرة دي يا بنت الناس ما خلاص اللي فات اتدفن! 
ابتسمت وهي ترد عليه 
_اللي فات مش بيتنسى يا فهد بنفتكره وبيبقى ذكرى وأنا بقا مش قادرة أنسى اليوم ده أبدا لأن بسببه الكل محملني ذنب العداوة اللي بينك وبين المغازية. 
وبحزن أضافت 
_بس أنا ميهمنيش حد. تعادي الدنيا كلها على أني أشوفك مع واحدة غيري إنشالله يبقى بينك وبين الناس كلها طار. 
ضحك حتى برزت أسنانه ثم قال 
_وده اللي

حوصل عشان تتأكدي إن أهم حاجة عندي أنتي وبس يا راوية.. 
وأمسك يدها فالتفتت يسارا ويمينا وهي تهمس بخجل 
_ فهد إحنا تحت بطل حركاتك دي.. 
قرب وجهه منها وهو يهمس بخبث 
_لما تبطلي أنتي كمان حلاوتك الزايدة دي ابقى أفكر بالموضوع. 
ابتسمت بفرحة واستسلمت ليديه التي تحتضن يدها لا تعلم ما الذي دفعها بفتح أبواب الماضي بذاك الوقت بالتحديد علها تشعر بأن ابنتها هي من ستدفع الثمن باهظا لما فعلته والدتها منذ٢٥
عاما. 
وأخيرا انتهت ساعات دوامها فنهضت ترتب حقيبتها الصغيرة لتغادر قبل أن يغلق باب السكن من جديد وضعت تسنيم ما يخصها بداخل الحقيبة الجلدية الصغيرة فانتبهت لهاتفها الصغير يعود للرنين مرة أخرى رفعته لتعبث بأزراره القديم ثم رفعته على أذنيها قائلة بفتور 
_أيوه يا ماما بابا كويس ولا في أيه 
أتاها صوتها يطمنها على والدها ثم تابعت برغبتها بالإتصال بها لتخبرها بأن خالها وزوجته وأولاده أتوا اليوم بزيارة للبلد ومثلما اعتادوا سيكونوا باستقبالهم أسبوعا كاملا فقدت تسنيم النطق للحظات وهي تحاول باستيعاب ما استمعت إليه فخذلتها قدميها عن حملها فأستقر جلوسها على المقعد القابع خلفها شعرت بذات اللحظة بأن سوط الماضي يجلدها بقوة كل ذكرى ربطتها بهذا الدنيء جلدتها بقوة لتجعل جلدها ملتهب وكأنها تلقت الضړبة فعليا أغلقت الهاتف بأصابع مرتعشة وصدرها يعلو ويهبط بانفعال مجرد تذكر ذاك الشطر الخفي تعيقها الآلآم.. 
انهى عمله هو الأخر فخرج ليهبط لسيارته كاد باجتياز الطرقة المطولة أمام مكتبه ولكنه توقف حينما لمحها بالخارج تجلس على مكتبها شاردة للغاية إقترب منها آسر رافعا حاجبيه بدهشة 
_أنت لسه هنا! 
لم تنتبه له ولا لما يقول فعاد ليرفع صوته مجددا 
_تسنيم! 
انتبهت له فنهضت وهي تتساءل بتوتر ملحوظ 
_بتقول حاجة يا بشمهندس! 
قال باستغراب 
_أنتي مش معايا خالص في حاجة ولا أيه 
بارتباك قالت 
_لا آآ.. أنا كنت بحضر حاجتي ونازلة. 
وحملت الحقيبة ثم توجهت بالمغادرة لتتوقف خطاها حينما ارتفع صوته الرجولي مناديا 
_تسنيم. 
توقفت عن المضي قدما ثم عادت لتقف أمامه فأشار بعينيه على الهاتف الموضوع على سطح مكتبها التقطته وهي ترسم بسمة مرتبكة لم تنجح بإقناعه بأنها على ما يرام غادرت ومازال شبحها يلتهم عينيه طيفها مازال يلازمه بداخله شيئا يؤكد له بأن لها بقلبه شيئا! 
ابتلع الظلام الضوء بجوفه ليظل ضوئه المرصع هو القائد لتلك الليلة الحاسمة فانسدل بضوئه الأبيض على أمواج البحر المظلم ومن أمامه جلست رؤى تتأمله بأعين قاتمة تعكس ما يدور بداخلها شرودها طال لدقائق ومن ثم امتد لساعة كاملة لم تشعر بها من يراقبها من الأعلى الفتاة التي يشعلها النشاط والحماس منطفئة كالرماد الباقي من جمرات الشعلة الموقدة عادت لتشغل تفكير بدر من جديد ولكن تلك المرة مما أصابها لم يشعر بقدميه التي سلكت الدرج الجانبي حتى بات قريبا منها يقف لجوارها وبالرغم من ذلك لم تشعر به فاض به الصمت والترقب فجذبها من معصمها لتقف أمامه فانتفضت بفزع وخاصة حينما صړخ بها باندفاع 
_أنتي أيه حكايتك بالظبط من ساعة ما رجعتي وأنتي ساكتة مش بتتكلمي فيك
تم نسخ الرابط